التجمع العربى للقوميين الجدد
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

التجمع العربى للقوميين الجدد
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

التجمع العربى للقوميين الجدد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التجمع العربى للقوميين الجدد

ثقافى اجتماعى سياسى يهتم بالقضايا العربيه ويعمل على حماية الهوية العربيه وقوميتها.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحة الفيس بوك
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
»  حكاية ثورة
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty04/02/18, 07:07 pm من طرف الشاعر منصر فلاح

» (((( خـطـة الشـيـطـان! ))))
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty20/10/17, 05:32 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» (ذكراللـه): أن سيدنا موسي مصري!
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty20/10/17, 05:29 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» نكـشـف أسـرار خطـيـرة جـداً مـمنـوعـة مـن التـداول: لخـفـايـا ما يـحـدث لمصـر والعـرب!الآن
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty05/09/17, 02:46 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» مفاجأة:أن العرب واليهود من أصل مصري فرعوني!واسرار مخطط إبادة شعب مصر عطشاً!
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty19/07/17, 09:13 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» اسرار خطيرة جداً لمخطط إبادة 93 مليون مصري أو تشتتهم لتدمير المنطقة!
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty19/07/17, 09:03 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» #دورة #التخلص من #النفايات_الطبية والمواد الخطرة وطرق الوقاية منها
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty07/03/17, 04:06 pm من طرف منة الله على

» فتوحات الجيش المصرى فى عهد محمد على باشا
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty04/03/17, 03:56 pm من طرف شجرة الدر

» في ذكرى ميلاد محمد علي باشا ٤ مارس ١٨٦٩
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty04/03/17, 03:39 pm من طرف شجرة الدر

» ذكرى ميلاد محمد على باشا ( بانى مصر الحديثة )
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty04/03/17, 03:36 pm من طرف شجرة الدر

» أمتي هل لك بين الأمم؟
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty24/01/17, 06:33 pm من طرف الشاعر منصر فلاح

» تَسَابِيْحُ ٱلماء.
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty24/01/17, 02:37 pm من طرف الشاعر منصر فلاح

» حـسـن الـخـلـق
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty15/01/17, 01:13 pm من طرف صمود العز

» إشاعة الفاحشة
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty15/01/17, 01:12 pm من طرف صمود العز

» هكذا فقدنا القمم .... عندما غابت القيم
قصص الانبياء .. لابن كثير Empty15/01/17, 01:10 pm من طرف صمود العز


 

 قصص الانبياء .. لابن كثير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
شجرة الدر
نائب المدير العام
نائب المدير العام
شجرة الدر


عدد المساهمات : 529
تاريخ التسجيل : 28/09/2013
الموقع : ارض الكنانه

قصص الانبياء .. لابن كثير Empty
مُساهمةموضوع: قصص الانبياء .. لابن كثير   قصص الانبياء .. لابن كثير Empty23/11/13, 10:46 am

[b]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام 


لابن كثير



بــَـــاب ما ورد في خَلَقَ آدَمَ عَليهِ السَّلام 

قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّي جَاعِلٌ فِى ٱلارْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآء وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ ءادَمَ ٱلاسْمَآء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَـٰئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِى بِأَسْمَآء هَـؤُلآء إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ (32) قَالَ يَـاءادَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِم قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِي أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لاِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَاءادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّـٰلِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى ٱلارْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ (37) قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَآ أُولَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ (39) } (البقرة: 30 ـــ 39). 
وقال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) } (آل عمران: 59) وقال تعالى: {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءلُونَ بِهِ وَٱلاْرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1) } (النساء:1). 
كما قال: {يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَـٰرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) } (الحجرات: 13). 
وقال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } (الأعراف: 189)... الآية. 
وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَـٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَـٰكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّـٰغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِى إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِى لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرٰطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ (17) قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لامْلانَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (18) وَيَــئَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَـٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَآ إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ (21) فَدَلَّـٰهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ (23) قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى ٱلاْرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) } (الأعرافقصص الانبياء .. لابن كثير Roro11 ـــ 25). 
كما قال في الآية الأخرى: { مِنْهَا خَلَقْنَـٰكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55) } (طه: 55). وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ مِن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26) وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَـٰهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّى خَـٰلِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ (29) فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ (31) قَالَ يإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُن لاِسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (33) قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ (35) قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ (37) إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى لازَيّنَنَّ لَهُمْ فِى ٱلاْرْضِ وَلاغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرٰطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلّ بَابٍ مّنْهُمْ جُزْء مَّقْسُومٌ (44) } (الحجر: 26 ـــ 44). 
وقال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَءسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَءيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ لاحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62) قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوفُورًا (63) وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى ٱلاْمْوٰلِ وَٱلاْوْلَـٰدِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ وَكَفَىٰ بِرَبّكَ وَكِيلاً (65) } (الإسراء:61 ـــ 65). وقال تعالى: {وَإِذَا قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَآء مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلاً (50) } (الكهف: 50). وقال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لادَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يٰـئَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَـٰنُ قَالَ يـئَادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ (120) فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) ثُمَّ ٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122) قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَـٰتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ (126) } (طه: 115 ـــ 126). وقال تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِىَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَـَلإِ ٱلاْعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِن يُوحَىٰ إِلَىَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّى خَـٰلِقٌ بَشَراً مّن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ (72) فَسَجَدَ ٱلْمَلَـئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ (74) قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَـٰلِينَ (75) قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ (78) قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ (84) لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) قُلْ مَآ أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لّلْعَـٰلَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ (88) } (ص:67 ـــ 88). 
فهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن، وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير، ولنذكر ها هنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله المستعان. 
فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلاً لهم: {إِنّي جَاعِلٌ فِى ٱلارْضِ خَلِيفَةً } (البقرة: 30) أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضاً كما قال: {وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَـٰئِفَ ٱلاْرْضِ } (الأنعام: 165) وقال: {وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآء ٱلاْرْضِ } (النمل: 62) فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة، لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم، كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين، قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآء } (البقرة: 30). 
قيل: علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن. قاله قتادة. 
وقال عبد الله بن عمر: كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور. وعن ابن عباس نحوه. وعن الحسن: الهموا ذلك. وقيل: لما اطلعوا عليه من اللوح المحفوظ، فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له السجل. رواه ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر. وقيل: لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالباً. 
{وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ } (البقرة: 30) أي نعبدك دائماً لا يعصيك منا أحد، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن لا نفتر ليلاً ولا نهاراً. 
{قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } (البقرة: 22) أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء. 
ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال: {وَعَلَّمَ ءادَمَ ٱلاسْمَآء كُلَّهَا } (البقرة: 31). قال ابن عباس: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. وفي رواية: علمه اسم الصحفة، والقدر، حتى الفسوة والفسية. وقال مجاهد: علمه اسم كل دابة، وكل طير وكل شيء. كذا قال سعيد بن جبير وقتادة وغير واحد. 
وقال الربيع: علمه أسماء الملائكة. وقال عبد الرحمٰن بن زيد: علمه أسماء ذريته. والصحيح: أنه علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما. 
وذكر البخاري هنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء» وذكر تمام الحديث. 
{وَعَلَّمَ ءادَمَ ٱلاسْمَآء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَـٰئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِى بِأَسْمَآء هَـؤُلآء إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ (31) } (البقرة: 31). قال الحسن البصري: لما أراد الله خلق آدم، قالت الملائكة: لا يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه. فابتلوا بهذا. وذلك قوله:{إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } . وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير. 
{قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ (32) } (البقرة: 32) أي سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك، كما قال: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْء مّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآء } (البقرة: 255). 
{قَالَ يَـاءادَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِم قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِي أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) } (البقرة: 33). أي أعلم السر كما أعلم العلانية. وقيل إن المراد بقوله: {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } ما قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها. وبقوله: {وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكثير والخيرية على آدم عليه السلام. قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري واختاره ابن جرير. وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة: {وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } قولهم: لن يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه. 
قوله: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لاِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ } (البقرة: 34) هذا إكرام عظيم من الله لآدم حين خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، كما قال: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ (29) } (الحجر: 29)، (ص: 72) فهذه أربع تشريفات: خلقه له بيده الكريمة، ونفخه من روحه، وأمره الملائكة بالسجود له، وتعليمه أسماء الأشياء. 
ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى وتناظرا كما سيأتي: أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء. وهكذا يقول أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى. 
وقال في الآية الأخرى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَـٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَـٰكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) } (الأعراف: 11 ـــ 12). 
قال الحسن البصري: قاس إبليس وهو أول من قاس. وقال محمد بن سيرين: أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقايس رواهما ابن جرير. 
ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم، فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود. والقياس إذا كان مقابلاً بالنص كان فاسد الاعتبار. ثم هو فاسد في نفسه، فإن الطين أنفع وخير من النار، لأن الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق. 
ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له، كما قال: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّى خَـٰلِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ (29) فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ (31) قَالَ يإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُن لاِسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (33) قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ (35) } (الحجر: 28 ـــ 35). استحق هذا من الله تعالى لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدراؤه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الإلٰهي، ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين. 
وشرع في الاعتذار بما لا يجدي عنه شيئاً، وكان اعتذاره أشد من ذنبه كما قال تعالى في سورة سبحان: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَءسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَءيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ لاحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62) قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوفُورًا (63) وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى ٱلاْمْوٰلِ وَٱلاْوْلَـٰدِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ وَكَفَىٰ بِرَبّكَ وَكِيلاً (65) } (الإسراء: 61 ـــ 65). 
وقال في سورة الكهف: {وَإِذَا قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَآء مِن دُونِى } (الكهف: 50). أي خرج عن طاعة الله عمداً وعناداً واستكباراً عن امثتال أمره، وما ذاك إلا أنه خانه طبعه ومادته الخبيثة أحوج ما كان إليها، فإنه مخلوق من نار كما قال (وكما قررنا)، كما جاء في صحيح مسلم عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خلقت الملائكة من نور (العرش)، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم». 
قال الحسن البصري: لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين قط. وقال شهر بن حوشب: كان من الجن، فلما أفسدوا في الأرض بعث الله إليهم جنداً من الملائكة فقتلوهم وأجلوهم إلى جزائر البحار، وكان إبليس ممن أسر فأخذوه معهم إلى السماء فكان هناك. فلما أمرت الملائكة بالسجود امتنع إبليس منه. 
وقال ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة وسعيد بن المسيب وآخرون: كان إبليس رئيس الملائكة بالسماء الدنيا. قال ابن عباس: وكان اسمه عزازيل، وفي رواية عنه: الحارث. قال النقاش: وكنيته أبو كردوس. قال ابن عباس: وكان من حي من الملائكة يقال لهم الجن، وكانوا خزان الجنان، وكان من أشرفهم وأكثرهم علماً وعبادة، وكان من أولي الأجنحة الأربعة فمسخه الله شيطاناً رجيماً. 
وقال في سورة ص: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّى خَـٰلِقٌ بَشَراً مّن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ (72) فَسَجَدَ ٱلْمَلَـئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ (74) قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَـٰلِينَ (75) قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ (78) قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ (84) لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) } (ص: 71 ـــ 85). 
وقال في سورة الأعراف: {قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِى لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرٰطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ (17) } (الأعراف: 16 ـــ 17). أي بسبب إغوائك إياي لأقعدن لهم كل مرصد، ولآتينهم من كل جهة منهم، فالسعيد من خالفه والشقي من اتبعه. 
وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو عقيل ـــ هو عبد الله بن عقيل الثقفي ـــ حدثنا موسى بن المسيب، عن سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن أبي الفاكه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان يقعد لابن آدم بأطرقه» وذكر الحديث (كما قدمناه في صفة إبليس). 
وقد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم: أهم جميع الملائكة كما دل عليه عموم الآيات؟ وهو قول الجمهور. أو المراد بهم ملائكة الأرض؟ كما رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس، وفيه انقطاع، وفي السياق نكارة، وإن كان بعض المتأخرين قد رجحه. ولكن الأظهر من السياقات الأول، ويدل عليه الحديث: «وأسجد لك ملائكته» وهذا عموم أيضاً والله أعلم. 
وقوله تعالى لإبليس: {فَٱهْبِطْ مِنْهَا } (الأعراف: 13) و {ٱخْرُجْ مِنْهَا } (الأعراف: 18) دليل على أنه كان في السماء فأمر بالهبوط منها، والخروج من المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته، وتشبهه بالملائكة في الطاعة والعبادة، ثم سلب ذلك بكبره وحسده ومخالفته لربه، فاهبط إلى الأرض مذءوماً مدحوراً. وأمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة فقال: {وَقُلْنَا يَاءادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّـٰلِمِينَ (35) } (البقرة: 35) وقال في الأعراف: {وَيَــئَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (19) } (الأعراف: 18 ـــ 19). وقال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لادَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يٰـئَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ (119) } (طه: 116 ـــ 119). 
وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم الجنة لقوله: {يَاءادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ }(البقرة: 35) وهذا قد صرح به إسحاق بن يسار وهو ظاهر هذه الآيات. 
ولكن حكى السدي عن أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا: أخرج إبليس من الجنة وأسكن آدم الجنة، فكان يمشي فيها وحشياً ليس له فيها زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه. فسألها: من أنت؟ قالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إلي، فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء، قالوا: ولم كانت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شيء حي. وذكر محمد بن إسحاق عن ابن عباس أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ولأم مكانه لحماً. 
ومصداق هذا في قوله تعالى: {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآء } (النساء: 1)... الآية. وفي قوله تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ } (الأعراف: 189) الآية. وسنتكلم عليها فيما بعد إن شاء الله تعالى. 
وفي «الصحيحين» من حديث زائدة: عن ميسرة الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً». لفظ البخاري. 
وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } (البقرة: 35) فقيل: هي الكرم، وروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والشعبي، وجعدة بن هبيرة، ومحمد بن قيس، والسدي في رواية عن ابن عباس، وابن مسعود، وناس من الصحابة. قال: وتزعم يهود أنها الحنطة، وهذا مروي عن ابن عباس، والحسن البصري، ووهب بن منبه، وعطية العوفي، وأبي مالك، ومحارب بن دثار، وعبد الرحمٰن بن أبي ليلى. قال وهب: والحبة منه ألين من الزبد وأحلى من العسل. وقال الثوري عن أبي حصين، عن أبي مالك: {وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } هي النخلة. وقال ابن جريج عن مجاهد: هي التينة، وبه قال قتادة، وابن جريج. وقال أبو العالية: كانت شجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي في الجنة حدث. 
وهذا الخلاف قريب، وقد أبهم الله ذكرها وتعيينها، ولو كان في ذكرها مصلحة تعود إلينا لعينها لنا كما في غيرها من المحال التي تبهم في القرآن. 
وإنما الخلاف الذي ذكره في أن هذه الجنة التي أدخلها آدم: هل هي في السماء أو في الأرض، هو الخلاف الذي ينبغي فصله والخروج منه. 
والجمهور على أنها هي التي في السماء وهي جنة المأوى، لظاهر الآيات والأحاديث كقوله تعالى: {وَقُلْنَا يَاءادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } (البقرة: 35) والألف واللام ليست للعموم ولا لمعهود لفظي، وإنما تعود على معهود ذهني، وهو المستقر شرعاً من جنة المأوى، وكقول موسى عليه السلام لآدم عليه السلام: «علام أخرجتنا ونفسك من الجنة؟...» الحديث كما سيأتي الكلام عليه. 
وروى مسلم في «صحيحه» من حديث أبي مالك الأشجعي ـــ واسمه سعد بن طارق ـــ عن أبي حازم سلمة بن دينار، عن أبي هريرة، وأبو مالك عن ربعي، عن حذيفة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة. فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم؟» وذكر الحديث بطوله. 
وهذا فيه قوة جيدة ظاهرة في الدلالة على أنها جنة المأوى، وليست تخلو عن نظر. 
وقال آخرون: بل الجنة التي أسكنها آدم لم تكن جنة الخلد، لأنه كلف فيها ألا يأكل من تلك الشجرة، ولأنه نام فيها وأخرج منها، ودخل عليه إبليس فيها، وهذا مما ينافي أن تكون جنة المأوى. 
وهذا القول محكي عن أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، ووهب بن منبه، وسفيان بن عيينة، واختاره ابن قتيبة في «المعارف» ، والقاضي منذر بن سعيد البلوطي في «تفسيره» وأفرد له مصنفاً على حدة. وحكاه عن أبي حنيفة الإمام وأصحابه رحمهم الله. ونقله أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي ابن خطيب الري في «تفسيره» عن أبي القاسم البلخي وأبي مسلم الأصبهاني. ونقله القرطبي في «تفسيره» عن المعتزلة والقدرية. وهذا القول هو نص التوراة التي بأيدي أهل الكتاب. 
وممن حكى الخلاف في هذه المسألة أبو محمد بن حزم في «الملل والنحل» ، وأبو محمد بن عطية في «تفسيره» ، وأبو عيسى الرماني في «تفسيره» ـــ وحكى عن الجمهور الأول ـــ وأبو القاسم الراغب والقاضي الماوردي في «تفسيره» فقال: «واختلف في الجنة التي أسكناها يعني آدم وحواء على قولين: أحدهما أنها جنة الخلد. والثاني جنة أعدها الله لهما وجعلها دار «ابتلاء» ، وليست جنة الخلد التي جعلها دار جزاء». 
ومن قال بهذا اختلفوا على قولين: أحدهما أنها في السماء لأنه أهبطهما منها، وهذا قول الحسن، والثاني أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار. وهذا قول ابن يحيى، وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم، والله أعلم بالصواب من ذلك». هذا كلامه. فقد تضمن كلامه حكاية أقوال ثلاثة، وأشعر كلامه أنه متوقف في المسألة. 
ولقد حكى أبو عبد الله الرازي في «تفسيره» في هذه المسألة أربعة أقوال: هذه الثلاثة التي أوردها الماوردي، ورابعها الوقف. وحكى القول بأنها في السماء وليست جنة المأوى، عن أبي علي الجبائي. 
وقد أورد أصحاب القول الثاني سؤالاً يحتاج مثله إلى جواب فقالوا: لا شك أن الله سبحانه وتعالى طرد إبليس حين امتنع من السجود عن الحضرة الإلٰهية، وأمره بالخروج عنها والهبوط منها وهذا الأمر ليس من الأوامر الشرعية بحث يمكن مخالفته، وإنما هو أمر قدري لا يخالف ولا يمانع، ولهذا قال: {ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءومًا مَّدْحُورًا } (الأعراف: 18). وقال:{فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا } (الأعراف: 13) وقال: {فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } (الحجر: 34) والضمير عائد إلى الجنة أو السماء أو المنزلة. وأياً ما كان فمعلوم أنه ليس له الكون قدراً في المكان الذي طرد عنه وأبعد منه، لا على سبيل الاستقرار ولا على سبيل المرور والاجتياز. قالوا: ومعلوم من ظاهر سياقات القرآن أنه وسوس لآدم وخاطبه بقوله له: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } (طه: 120) وبقوله: {مَا نَهَـٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ وَقَاسَمَهُمَآ إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ (21) فَدَلَّـٰهُمَا بِغُرُورٍ } (الأعراف: 20 ـــ 22) الآية وهذا ظاهر في اجتماعه معهما في جنتهما. 
وقد أجيبوا عن هذا بأنه: لا يمتنع أن يجتمع بهما في الجنة على سبيل المرور فيها لا على سبيل الاستقرار بها، وأنه وسوس لهما وهو على باب الجنة أو من تحت السماء. وفي الثلاثة نظر والله أعلم. 
ومما احتج به أصحاب هذه المقالة: ما رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في الزيادات عن هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن البصري، عن يحيى بن ضمرة السعدي، عن أبي بن كعب، قال: إن آدم لما احتضر اشتهى قطفاً من عنب الجنة، فانطلق بنوه ليطلبوه له، فلقيتهم الملائكة فقالوا: أين تريدون يا بني آدم؟ فقالوا: إن إبانا اشتهى قطفاً من عنب الجنة. فقالوا لهم: ارجعوا فقد كفيتموه. فانتهوا إليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه، وصلى عليه جبريل ومن خلفه الملائكة ودفنوه، وقالوا: هذه سنتكم في موتاكم. وسيأتي الحديث بسنده، وتمام لفظه عند ذكر وفاة آدم عليه السلام. 
قالوا: فلولا أنه كان الوصول إلى الجنة التي كان فيها آدم التي اشتهى منها القطف ممكناً، لما ذهبوا يطلبون ذلك، فدل على أنها في الأرض لا في السماء والله تعالى أعلم. 
قالوا: والاحتجاج بــــأن الألف واللام في قـــولــــــــــــه: {يَاءادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } (البقرة: 35) لم يتقدم عهد يعود عليه فهو المعهود الذهني مسلم، ولكن هو ما دل عليه سياق الكلام، فإن آدم خلق من الأرض ولم ينقل أنه رفع إلى السماء، وخلق ليكون في الأرض، وبهذا أعلم الرب الملائكة حيث قال: {إِنّي جَاعِلٌ فِى ٱلارْضِ خَلِيفَةً }. 
قالوا: وهذا كقوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَـٰهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ } (القلم: 17) واللام ليس للعموم ولم يتقدم معهود، لفظي وإنماهي للمعهود الذهني الذي دل عليه السياق وهو البستان. 
قالوا: وذكر الهبوط لا يدل على النزول من السماء، قال الله تعالى: {قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلَـٰمٍ مّنَّا وَبَركَـٰتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ } (هود: 48) الآية وإنما كان في السفينة حين استقرت على الجودي ونضب الماء عن وجه الأرض أمر أن يهبط إليها هو ومن معه مباركاً عليه وعليهم. وقال الله تعالى: {ٱهْبِطُواْ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ } (البقرة: 36) الآية. وقال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } (البقرة: 74) وفي الأحاديث واللغة من هذا كثير. 
قالوا: ولا مانع ـــ بل هو الواقع ـــ أن الجنة التي أسكنها آدم كانت مرتفعة عن سائر بقاع الأرض، ذات أشجار وثمار وظلال ونعيم ونضرة وسرور، كما قال تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ (118) } (طه: 118) أي لا يذل باطنك بالجوع ولا ظاهرك بالعري {وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ (119) } (طه: 119) أي لا يمس باطنك حر الظمأ ولا ظاهرك حر الشمس، ولهذا قرن بين هذا وهذا، وبين هذا وهذا، لما بينهما من الملاءمة، فلما كان منه ما كان من أكله من الشجرة التي نهى عنها، إهبط إلى أرض الشقاء والتعب والنصب والكدر والسعي والنكد، والابتلاء والاختبار والامتحان، واختلاف السكان ديناً وأخلاقاً وأعمالاً، وقصوداً وإرادات وأقوالاً وأفعالاً، كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِى ٱلارْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } (البقرة: 36). ولا يلزم من هذا أنهم كانوا في السماء كما قال: {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِى إِسْرٰءيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلاْرْضَ فَإِذَا جَآء وَعْدُ ٱلاْخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) } (الإسراء: 104)، ومعلوم أنهم كانوا فيها ولم يكونوا في السماء. 
قالوا: وليس هذا القول مفرعاً على قول من ينكر وجود الجنة والنار اليوم ولا تلازم بينهما، فكل من حكى عنه هذا القول من السلف وأكثر الخلف، ممن يثبت وجود الجنة والنار اليوم، كما دلت عليه الآيات والأحاديث الصحاح. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. 
وقوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ عَنْهَا } أي عن الجنة {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ } (البقرة: 36) أي من النعيم والنضرة والسرور إلى دار التعب والكد والنكد، وذلك بما وسوس لهما وزينه في صدورهما، كما قال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَـٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ (20) } (الأعراف: 20)، يقول: ما نهاكما عن أكل هذه الشجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين أي لو أكلتما منها لصرتما كذلك {وَقَاسَمَهُمَآ } أي حلف لهما على ذلك {إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ } كما قال في الآية الأخرى:{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَـٰنُ قَالَ يـئَادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ (120) } (طه: 120) أي هل أدلك على الشجرة التي إذا أكلت منها حصل لك الخلد فيما أنت فيه من النعيم واستمررت في ملك لا يبيد ولا ينقضي؟ وهذا من التغرير والتزوير والأخبار بخلاف الواقع. 
والمقصود أن قوله شجرة الخلد التي إذا أكلت منها خلدت. وقد تكون هذه الشجرة التي قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمٰن بن مهدي، حدثنا شعبة، عن أبي الضحاك، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، شجرة الخلد». وكذا رواه أيضاً عن غندر وحجاج، عن شعبة. ورواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» عن شعبة أيضاً به. قال غندر: قلت لشعبة: هي شجرة الخلد؟ قال: ليس فيهما هي. تفرد به الإمام أحمد. 
وقوله: {فَدَلَّـٰهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } (الأعراف: 22) كما قال في طه: {فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } (طه: 121) وكانت حواء أكلت من الشجرة قبل آدم، وهي التي حدته على أكلها والله أعلم. 
وعليه يحمل الحديث الذي رواه البخاري: حدثنا بشر بن محمد، حدثنا عبد الله، وأنبأنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه: «لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها». 
تفرد به من هذا الوجه، وأخرجاه في «الصحيحين» من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة به، ورواه أحمد ومسلم عن هارون بن معروف، عن أبي وهب، عن عمرو بن حارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة به. 
وفي كتاب التوراة التي بين أيدي أهل الكتاب: أن الذي دل حواء على الأكل من الشجرة هي الحية، وكانت من أحسن الأشكال وأعظمها، فأكلت حواء عن قولها وأطعمت آدم عليه السلام، وليس فيها ذكر لإبليس، فعند ذلك انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، فوصلا من ورق التين وعملا مآزر. وفيها: أنهما كانا عريانين. وكذا قال وهب بن منبه: كان لباسهما نوراً على فرجه وفرجها. 
وهذا الذي في هذه التوراة التي بأيديهم غلط منهم، وتحريف وخطأ في التعريب؛ فإن نقل الكلام من لغة لا يكاد يتيسر لكل أحد، ولا سيما ممن لا يعرف كلام العرب جيداً، ولا يحيط علماً بفهم كتابه أيضاً، فلهذا وقع في تعريبهم لها خطأ كثير لفظاً ومعنى. وقد دل القرآن العظيم على أنه كان عليهما لباس في قوله: {يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءتِهِمَآ }(الأعراف: 27) فهذا لا يرد لغيره من الكلام. والله تعالى أعلم. 
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسن بن أسكاب، حدثنا علي بن عاصم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم رجلاً طوالاً كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق، فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه، فأول ما بدا منه عورته، فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة، فأخذت شعره شجرة فنازعها، فناداه الرحمٰن عز وجل: يا آدم مني تفر؟ فلما سمع كلام الرحمٰن قال: يا رب لا، ولكن استحياء». 
وقال الثوري عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } (الأعراف: 22) ورق التين. 
وهذا إسناد صحيح إليه، وكأنه مأخوذ من أهل الكتاب، وظاهر الآية يقتضي أعم من ذلك، وبتقدير تسليمه فلا يضر، والله تعالى أعلم. 
وروى الحافظ ابن عساكر من طريق محمد بن إسحاق، عن الحسن بن ذكوان، عن الحسن البصري عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أباكم آدم كان كالنخلة السحوق، ستون ذراعاً، كثير الشعر مواري العورة، فلما أصاب الخطيئة في الجنة بدت له سوأته، فخرج من الجنة، فلقيته شجرة فأخذت بناصيته، فناداه ربه: أفرار مني يا آدم؟ قال: بل حياء منك والله يا رب مما جئت به». ثم رواه من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن يحيى بن ضمرة، عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. وهذا أصح، فإن الحسن لم يدرك أبياً. ثم أورده أيضاً من طريق خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، عن محمد بن عبد الوهاب أبي مرصافة العسقلاني، عن آدم بن أبي إياس، عن سنان، عن قتادة عن أنس مرفوعاً بنحوه. 
{وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ (23) } (الأعراف: 22 ـــ 23). 
وهذا اعتراف ورجوع إلى الإنابة، وتذلل وخضوع واستكانة، وافتقار إليه تعالى في الساعة الراهنة، وهذا السر ما سرى في أحد من ذريته إلا كانت عاقبته إلى خير في دنياه وأخراه. 
{قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى ٱلاْرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24) } (الأعراف: 24) وهذا خطاب لآدم وحواء وإبليس، قيل والحية معهم. أمروا أن يهبطوا من الجنة في حال كونهم متعادين متحاربين. وقد يستشهد لذكر الحية معهما بما ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الحيات، وقال: ما سالمناهن منذ حاربناهن. وقوله في سورة طه: {قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } (طه: 123) هو أمر لآدم وإبليس. واستتبع آدم حواء وإبليس الحية. وقيل هو أمر لهم بصيغة التثنية كما في قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَـٰنَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِى ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَـٰهِدِينَ (78) } (الأنبياء: 78). والصحيح أن هذا لما كان الحاكم لا يحكم إلا بين اثنين مدع ومدعى عليه، قال: وكنا لحكمهم شاهدين. 
وأما تكريره الاهباط في سورة البقرة في قوله: {وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى ٱلارْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى ٱلارْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) } (البقرة: 36 ـــ 39). فقال بعض المفسرين: المراد بالاهباط الأول: الهبوط من الجنة إلى السماء الدنيا، وبالثاني: من السماء الدنيا إلى الأرض. وهذا ضعيف لقوله في الأول: {وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى ٱلارْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } فدل على أنهم أهبطوا إلى الأرض بالاهباط الأول والله أعلم. 
والصحيح: أنه كرره لفظاً وإن كان واحداً، وناط مع كل مرة حكماً؛ فناط بالأول عداوتهم فيما بينهم، وبالثاني الاشتراط عليهم أن من تبع هداه الذي ينزله عليهم بعد ذلك فهو السعيد، ومن خالفه فهو الشقي، وهذا الأسلوب في الكلام له نظائر في القرآن الحكيم. 
وروى الحافظ ابن عساكر، عن مجاهد قال: أمر الله ملكين أن يخرجا آدم وحواء من جواره، فنزع جبريل التاج عن رأسه، وحل ميكائيل الإكليل عن جبينه، وتعلق به غصن، فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة، فنكس رأسه يقول: العفو العفو، فقال الله: فراراً مني؟ قال: بل حياء منك يا سيدي 
وقال الأوزاعي عن حسان ـــ هو ابن عطية ـــ مكث آدم في الجنة مائة عام، وفي رواية ستين عاماً، وبكى على الجنة سبعين عاماً، وعلى خطيئته سبعين عاماً، وعلى ولده حين قتل أربعين عاماً. رواه ابن عساكر. 
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
نائب المدير العام
نائب المدير العام
شجرة الدر


عدد المساهمات : 529
تاريخ التسجيل : 28/09/2013
الموقع : ارض الكنانه

قصص الانبياء .. لابن كثير Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء .. لابن كثير   قصص الانبياء .. لابن كثير Empty23/11/13, 11:25 am

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن سعيد، عن ابن عباس قال: أهبط آدم عليه السلام إلى أرض يقال لها «دحنا» بين مكة والطائف. وعن الحسن قال: أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، وإبليس بدستميان من البصرة على أميال، وأهبطت الحية بأصبهان. رواه ابن أبي حاتم أيضاً. قال السدي: نزل آدم بالهند ونزل معه بالحجر الأسود وبقبضة من ورق الجنة، فبثه في الهند فنبتت شجرة الطيب هناك. وعن ابن عمر قال: أهبط آدم بالصفا، وحواء بالمروة. رواه ابن أبي حاتم أيضاً. 
وقال عبد الرزاق: قال معمر: أخبرني عوف، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى الأشعري، قال: إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض علمه صنعة كل شيء. وزوده من ثمار الجنة، فثماركم هذه من ثمار الجنة، غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير. 
وقال الحاكم في «مستدركه» : أنبأنا أبو بكر بن بالويه، عن محمد بن أحمد بن النضر، عن معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن عمار بن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ما أسكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه 
وفي «صحيح» مسلم من حديث الزهري عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها». وفي الصحيح من وجه آخر: «وفيه تقوم الساعة». 
وقال أحمد: حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، عن أبي عمار، عن عبد الله بن فروخ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة». على شرط مسلم. 
فأما الحديث الذي رواه ابن عساكر من طريق أبي القاسم البغوي، حدثنا محمد بن جعفر الوركاني، حدثنا سعيد بن ميسرة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هبط آدم وحواء عريانين جميعاً، عليهما ورق الجنة، فأصابه الحر حتى قعد يبكي ويقول لها: يا حواء قد آذاني الحر، قال فجاءه جبريل بقطن، وأمرها أن تغزل وعلمها، وأمر آدم بالحياكة وعلمه أن ينسج»، وقال: «كان آدم لم يجامع امرأته في الجنة، حتى هبط منها للخطيئة التي أصابتهما بأكلهما من الشجرة»، قال: «وكان كل واحد منهما ينام على حدة؛ وينام أحدهما على البطحاء والآخر من ناحية أخرى، حتى أتاه جبريل فأمره أن يأتي أهله»، قال: «وعلمه كيف يأتيها، فلما أتاها جاءه جبريل فقال: كيف وجدت امرأتك، قال: صالحة». 
فإنه حديث غريب ورفعه منكر جداً. وقد يكون من كلام بعض السلف وسعيد بن ميسرة هذا هو أبو عمران البكري البصري، قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات، وقال ابن عدي: مظلم الأمر. 
وقوله: {فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ (37) } (البقرة: 37) قيل هي قوله: {رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } (الأعراف: 23). روى هذا عن مجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة ومحمد بن كعب وخالد بن معدان وعطاء الخراساني وعبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم. 
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسن بن أسكاب، حدثنا علي بن عاصم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال آدم عليه السلام: أرأيت يا رب إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة؟ قال: نعم» فذلك قوله: {فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ }. (البقرة: 37) وهذا غريب من هذا الوجه وفيه انقطاع. 
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: الكلمات «اللَّهم لا إلٰه إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الراحمين، اللَّهم لا إلٰه إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم». 
وروى الحاكم في «مستدركه» من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه، قال: قال آدم: يا رب ألم تخلقني بيديك؟ قيل له: بلى، ونفخت في من روحك؟ قيل له: بلى، وعطست فقلت يرحمك الله وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل له: بلى، وكتبت علي أن أعمل هذا؟ قيل له: بلى، قال: أفرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة؟ قال: نعم. ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. 
وروى الحاكم أيضاً والبيهقي وابن عساكر من طريق عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم، عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد أن تغفر لي». فقال الله: فكيف عرفت محمداً ولم أخلقه بعد؟ فقال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك، ونفخت في من روحك، رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إلٰه إلاّ الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى إسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال الله: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك. قال البيهقي: تفرد به عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه وهو ضعيف. والله أعلم. 
وهذه الآية كقوله تعالى: {وَعَصَىٰ ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ثُمَّ ٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122) } (طه: 121 ـــ 122). 



يتبع

=========
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
نائب المدير العام
نائب المدير العام
شجرة الدر


عدد المساهمات : 529
تاريخ التسجيل : 28/09/2013
الموقع : ارض الكنانه

قصص الانبياء .. لابن كثير Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء .. لابن كثير   قصص الانبياء .. لابن كثير Empty23/11/13, 11:27 am


ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام


قال البخاري: حدثنا قتيبة، حدثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حاج موسى آدم عليهما السلام فقال له: أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم». 
قال آدم: «يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني، أو قدره علي قبل أن يخلقني»؟. 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فحج آدم موسى». 
وقد رواه مسلم عن عمرو الناقد، والنسائي عن محمد بن عبد الله بن يزيد، عن أيوب بن النجار به. قال أبو مسعود الدمشقي: ولم يخرجا عنه في «الصحيحين» سواه. 
وقد رواه أحمد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، ورواه مسلم عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق به. 
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو كامل، حدثنا إبرٰهيم، حدثنا أبو شهاب، عن حميد بن عبد الرحمٰن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة؟. فقال له آدم: وأنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق؟» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فحج آدم موسى» مرتين. 
قلت: وقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم من حديث الزهري، عن حميد بن عبد الرحمٰن، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. 
وقال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيه من روحه، أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة». قال: فقال آدم: وأنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه تلومني على عمل أعمله، كتبه الله علي قبل أن يخلق السمٰوات والأرض»؟ قال: «فحج آدم موسى». 
وقد رواه الترمذي والنسائي جميعاً عن يحيى بن حبيب بن عدي، عن معمر بن سليمان، عن أبيه، عن الأعمش به. قال الترمذي: وهو غريب عن حديث سليمان التيمي عن الأعمش. قال: وقد رواه بعضهم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد. قلت: هكذا رواه الحافظ أبو بكر البزار في «مسنده» ، عن يحيى بن مثنى، عن معاذ بن أسد، عن الفضل بن موسى، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد. ورواه البزار أيضاً: حدثنا عمرو بن علي الفلاس، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أو أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه. 
وقال أحمد: حدثنا سفيان عن عمرو سمع طاووساً، سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله بكلامه ـــ وقال مرة: برسالته ـــ وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟» قال: «حج آدم موسى، حج آدم موسى، حج آدم موسى». 
وهكذا رواه البخاري عن علي بن المديني، عن سفيان، قال: حفظناه من عمرو، عن طاووس، قال: سمعت أبا هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: يا موسى: اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى، فحج آدم موسى، فحج آدم موسى» . هكذا ثلاثاً. 
قال سفيان: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. 
وقد رواه الجماعة إلا ابن ماجة من عشر طرق، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. 
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمٰن، حدثنا حماد، عن عمار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقي آدم موسى، فقال: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك الجنة، ثم فعلت ما فعلت؟ فقال: أنت موسى الذي كلمك الله واصطفاك برسالته، وأنزل عليك التوراة، أنا أقدم أم الذكر؟ قال: لا بل الذكر. فحج آدم موسى». 
قال أحمد: وحدثنا عفان، حدثنا حماد، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة، عن النبي ، وحميد عن الحسن عن رجل ـــ قال حماد أظنه جُنْدب بن عبد الله البجلي ـــ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقي آدم موسى» فذكر معناه. 
تفرد به أحمد من هذا الوجه. 
وقال أحمد: حدثنا حسين، حدثنا جرير ـــ هو ابن حازم ـــ عن محمد، هو ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقي آدم موسى فقال: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، ثم صنعت ما صنعت؟ قال آدم لموسى: أنت الذي كلمه الله، وأنزل عليه التوراة؟ قال: نعم قال: فهل تجده مكتوباً علي قبل أن أخلق؟ قال: نعم». قال: «فحج آدم موسى، فحج آدم موسى». 
وكذا رواه حماد بن زيد، عن أيوب، وهشام عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رفعه. وكذا رواه علي بن عاصم، عن خالد، وهشام، عن محمد بن سيرين وهذا على شرطهما من هذه الوجوه. 
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهب، أخبرني أنس بن عياض، عن الحارث بن أبي ذباب، عن يزيد بن هرمز، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم موسى عند ربهما فحج آدم موسى، قال موسى: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك جنته، ثم أهبطت الناس إلى الأرض بخطيئتك؟ قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك نجياً؟ فبكم وجدت الله كتب التوراة قال موسى: بأربعين عاماً، قال آدم: فهل وجدت فيها: {وعصى آدم ربه فغوى} ؟ قال: نعم قال أفتلومني على أن عملت عملاً كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فحج آدم موسى». 
قال الحارث: وحدثني عبد الرحمٰن بن هرمز بذلك، عن أبي هريرة، عن رسول الله . 
وقد رواه مسلم عن إسحاق بن موسى الأنصاري، عن أنس بن عياض، عن الحارث بن عبد الرحمٰن بن أبي ذباب، عن يزيد بن هرمز والأعرج، وكلاهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. 
وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر؛ عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى، فقال موسى لآدم: يا آدم أنت الذي أدخلت ذريتك النار. فقال آدم: يا موسى اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، وأنزل عليك التوراة، فهل وجدت أن أهبط؟ قال: نعم، قال: فحجه آدم». 
وهذا على شرطهما ولم يخرجاه من هذا الوجه، وفي قوله: أدخلت ذريتك النار، نكارة. 
فهذه طرق هذا الحديث عن أبي هريرة، رواه عنه حميد بن عبد الرحمٰن، وذكوان أبو صالح السمان، وطاووس بن كيسان، وعبد الرحمٰن بن هرمز الأعرج وعمار بن أبي عمار ومحمد بن سيرين، وهمام بن منبه ويزيد بن هرمز، وأبو سلمة بن عبد الرحمٰن. 
وقد رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في «مسنده» من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: حدثنا الحارث بن مسكين المصري، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال موسى عليه السلام: يا رب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة». فأراه آدم عليه السلام: فقال: أنت آدم؟ فقال له آدم: نعم. فقال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك الأسماء كلها؟ قال: نعم. قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟. 
فقال له آدم: من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: أنت موسى نبي بني إسرائيل؟ أنت الذي كلمك الله من وراء حجاب، فلم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه؟ قال: نعم. قال: تلومني على أمر قد سبق من الله عز وجل القضاء به قبل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فحج آدم موسى، فحج آدم موسى». 
ورواه أبو داود عن أحمد بن صالح المصري، عن ابن وهب به. 
قال أبو يعلى: وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي، حدثنا عمران، عن الرديني، عن أبي مجلز عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر ـــ قال أبو محمد: أكبر ظني أنه رفعه ـــ قال: «التقى آدم وموسى، فقال موسى لآدم: أنت أبو البشر، أسكنك الله جنـته، وأسجد لك ملائكته. قال آدم: يا موسى أما تجده علي مكتوباً؟ قال: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى». وهذا الإسناد أيضاً لابأس به، والله أعلم. 
وقد تقدم رواية الفضل بن موسى لهذا الحديث عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي سعيد، ورواية الإمام أحمد له عن عفان، عن حماد بن سلمة عن حميد، عن الحسن عن رجل، قال حماد: أظنه جندب بن عبد الله البجلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لقي آدم موسى» فذكر معناه. 
وقد اختلفت مسالك الناس في هذا الحديث: 
فرده قوم من القدرية لما تضمن من إثبات القدر السابق. 
واحتج به قوم من الجبرية، وهو ظاهر لهم بادي الرأي حيث قال: فحج آدم موسى، لما احتج عليه بتقديم كتابه، وسيأتي الجواب عن هذا. 
وقال آخرون: إنما حجه لأنه لامه على ذنب قد تاب منه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. 
وقيل: إنما حجه لأنه أكبر منه وأقدم. وقيل: لأنه أبوه. وقيل: لأنهما في شريعتين متغايرتين. وقيل: لأنهما في دار البرزخ وقد انقطع التكليف فيما يزعمون. 
والتحقيق: أن هذا الحديث روي بألفاظ كثيرة بعضها مروي بالمعنى، وفيه نظر. 
ومدار معظمهما في «الصحيحين» وغيرهما على أنه لامه على إخراجه نفسه وذريته من الجنة، فقال له آدم: أنا لم أخرجكم الذي رتب الإخراج على أكلي من الشجرة، والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق، هو الله عز وجل، فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى أكثر من أني نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها، وكون الإخراج مترتباً على ذلك ليس من فعلي، فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة، وإنما كان هذا من قدر الله وصنعه. وله الحكمة في ذلك. فلهذا حج آدم موسى. 
ومن كذب بهذا الحديث فمعاند؛ لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه، وناهيك به عدالة وحفظاً واتقاناً. 
ثم هو مروي عن غيره من الصحابة كما ذكرنا. 
ومن تأوله بتلك التأويلات المذكورة آنفاً، فهو بعيد من اللفظ والمعنى، وما فيهم من هو أقوى مسلكاً من الجبرية. 
وفيما قالوه نظر من وجوه: 
أحدها: أن موسى عليه السلام لا يلوم على أمر قد تاب عنه فاعله. 
الثاني: أنه قد قتل نفساً لم يؤمر بقتلها، وقد سأل الله في ذلك بقوله: {رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ }(القصص: 16). 
الثالث: أنه لو كان الجواب عن اللوم على الذنب بالقدر المتقدم كتابته على العبد، لا نفتح هذا لكل من ليم على أمر قد فعله، فيحتج بالقدر السابق فيسند باب القصاص والحدود. ولو كان القدر حجة لاحتج به كل أحد على الأمر الذي ارتكبه في الأمور الكبار والصغار، وهذا يفضي إلى لوازم فظيعة. فلهذا قال من قال من العلماء، بأن جواب آدم إنما كان احتجاجاً بالقدر على المصيبة لا المعصية. 
والله تعالى أعلم.



يتبع


==============




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
نائب المدير العام
نائب المدير العام
شجرة الدر


عدد المساهمات : 529
تاريخ التسجيل : 28/09/2013
الموقع : ارض الكنانه

قصص الانبياء .. لابن كثير Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء .. لابن كثير   قصص الانبياء .. لابن كثير Empty23/11/13, 11:28 am


ذكر قصة ابني آدم: قابيل وهابيل



قال الله تعالى: {وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَىْ ءادَمَ بِٱلْحَقّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَـٰناً فَتُقُبّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلاْخَرِ قَالَ لاَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لاِقْتُلَكَ إِنّى أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ (28) إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوء بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآء ٱلظَّـٰلِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ (30) فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِى ٱلاْرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَـٰوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ (31) } (المائدة: 27 ـــ 31). 
وقد تكلمنا على هذه القصة في سورة المائدة في التفسير بما فيه كفاية. ولله الحمد. 
ولنذكر هنا ملخص ما ذكره أئمة السلف في ذلك. 
فذكر السدي عن أبي مالك وأبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة، أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن بأنثى (البطن) الآخر وأن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل، وكان أكبر من هابيل، وأخت قابيل أحسن، فأراد قابيل أن يستأثر بها على أخيه، وأمره آدم عليه السلام أن يزوجه إياها فأبى، فأمرهما أن يقربا قرباناً، وذهب آدم ليحج إلى مكة، واستحفظ السمٰوات على بنيه فأبين، والأرضين والجبال فأبين، فتقبل قابيل بحفظ ذلك. 
فلما ذهب قربا قربانهما؛ فقرب هابيل جذعة سمينة، وكان صاحب غنم، وقرب قابيل حزمة من زرع من رديء زرعه، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب وقال: لأقتلنك حتى لا تنكح أختي، فقال: إنما يتقبل الله من المتقين. 
وروي عن ابن عباس من وجوه أخر، وعن عبد الله بن عمرو. وقال عبد الله بن عمرو: وايم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط إليه يده 
وذكر أبو جعفر الباقر أن آدم كان مباشراً لتقريبهما القربان والتقبل من هابيل دون قابيل، فقال قابيل لآدم:
إنما تقبل منه لأنك دعوت له ولم تدع لي. وتوعد أخاه فيما بينه وبينه. 
فلما كان ذات ليلة أبطأ هابيل في الرعي، فبعث آدم قابيل لينظر ما أبطأ به، فلما ذهب إذا هو به، فقال له: تقبل منك ولم يتقبل مني، فقال: إنما يتقبل الله من المتقين. فغضب قابيل عندها وضربه بحديدة كانت معه فقتله. وقيل: إنه إنما قتله بصخرة رماها على رأسه وهو نائم فشدخته. وقيل: بل خنقه خنقاً شديداً وعضه كما تفعل السباع فمات. والله أعلم. 
وقوله له لما توعده بالقتل: {لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لاِقْتُلَكَ إِنّى أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ (28) } (المائدة: 28) دل على خلق حسن، وخوف من الله تعالى وخشية منه، وتورع أن يقابل أخاه بالسوء الذي أراد منه أخوه مثله. 
ولهذا ثبت في «الصحيحين» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار». قالوا: يا رسول الله: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصاً على قتل صاحبه». 
وقوله: {إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوء بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآء ٱلظَّـٰلِمِينَ } (المائدة: 29): أي إني أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك وأقوى، إذ قد عزمت على ما عزمت عليه، أن تبوء بإثمي وإثمك، أي تتحمل إثم مقاتلتي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك. قاله مجاهد والسدي وابن جرير وغير واحد. 
وليس المراد أن آثام المقتول تتحول بمجرد قتله إلى القاتل كما قد توهمه بعض من قال؛ فإن ابن جرير حكى الإجماع على خلاف ذلك. 
وأما الحديث الذي يورده بعض من لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما ترك القاتل على المقتول من ذنب» فلا أصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أيضاً. 
ولكن قد يتفق في بعض الأشخاص يوم القيامة، أن يطالب المقتول القاتل فتكون حسنات القاتل لا تفي بهذه المظلمة فتحول من سيئات المقتول إلى القاتل، كما ثبت به الحديث الصحيح في سائر المظالم، والقتل من أعظمها والله أعلم. وقد حررنا هذا كله في التفسير ولله الحمد. 
وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، أنه قال عند فتنة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتنة؛ القاعد فيها خير من قائم، والقائم خير من الماشي، 
والماشي خير من الساعي». قال: أفرأيت إن دخل على بيتي فبسط يده إلي ليقتلني. قال: «كن كابن آدم». 
ورواه ابن مردويه عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً: كن كخير ابني آدم. وروى مسلم وأهل السنن إلا النسائي عن أبي ذر نحو هذا. 
وأما الآخر فقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية ووكيع، قالا: قال: حدثنا الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن ابن مسعود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه كان أول من سن القتل». 
ورواه الجماعة سوى أبي داود من حديث الأعمش به. وهكذا روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وإبراهيم النخعي أنهما قالا مثل هذا سواء. 
وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها مغارة الدم، مشهورة بأنها المكان الذي قتل أخاه هابيل عندها، وذلك مما تلقوه عن أهل الكتاب فالله أعلم بصحة ذلك. 
وقال أنه كان من الصالحين ـــ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وهابيل، وأنه استحلف هابيل أن هذا دمه فحلف له، وذكر أنه سأل الله تعالى أن يجعل هذا المكان يستجاب عنده الدعاء، فأجابه إلى ذلك، وصدقه في ذلك رسول الله ، وقال: إنه وأبا بكر وعمر يزورون هذا المكان في كل يوم خميس. وهذا منام لو صحّ عن أحمد بن كثير هذا، لن يترتب عليه حكم شرعي والله أعلم. 
وقوله تعالى: {فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِى ٱلاْرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَـٰوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ (31) } (المائدة: 31). ذكر بعضهم أنه لما قتله حمله على ظهره سنة، وقال آخرون حملة مائة سنة، ولم يزل كذلك حتى بعث الله غرابين. قال السدي بإسناده عن الصحابة: أخوين، فتقاتلا فقتل أحدهما الآخر، فلما قتله عمد إلى الأرض يحفر له فيها ثم ألقاه ودفنه وواراه، فلما رآه يصنع ذلك {قَالَ يَـٰوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِى } (المائدة: 31)؟ ففعل مثل ما فعل الغراب فواراه ودفنه. 
وذكر أهل التواريخ والسير أن آدم حزن على ابنه هابيل حزناً شديداً، وأنه قال في ذلك شعراً، وهو قوله فيما ذكره ابن جرير عن ابن حميد: 
تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم وقل بشاشة الوجه المليح فأجيب آدم:

أبا هابيل قد قتلا جميعاً وصار الحي كالميت الذبيح وجاء بشرة قد كان منها على خوف فجاء بها يصيح وهذا الشعر فيه نظر. وقد يكون آدم عليه السلام قال كلاماً يتحزن به بلغته، فألفه بعضهم إلى هذا، وفيه أقوال والله أعلم. 
وقد ذكر مجاهد أن قابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه؛ فعلقت ساقه إلى فخذه، وجعل وجهه إلى الشمس كيفما دارت، تنكيلاً به وتعجيلاً لذنبه وبغيه وحسده لأخيه لأبويه. 
وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم». 
والذي رأيته في الكتاب الذي بأيدي أهل الكتاب الذين يزعمون أنه التوراة: أن الله عز وجل أجله وأنظره، وأنه سكن في أرض «نود» في شرقي عدن وهم يسمونه قنين، وأنه ولد له خنوخ، ولخنوخ عندر، ولعندر محوايل، ولمحوايل متوشيل لامك. وتزوج هذا امرأتين: عدا وصلا. فولدت «عدا» ولداً اسمه ابل، وهو أول من سكن القباب واقتنى المال، وولدت أيضاً نوبل، وهو أول من أخذ في ضرب الونج والصنج. وولدت «صلا» ولداً اسمه توبلقين، وهو أول من صنع النحاس والحديد، وبنتاً اسمها «نعمى». 
وفيها أيضاً أن آدم طاف على امرأته فولدت غلاماً ودعت اسمه «شيث» وقالت من أجل أنه قد وهب لي خلفاً من هابيل الذي قتله قابيل. وولد لشيث أنوش. 
قالوا: وكان عمر آدم يوم ولد له شيث مائة وثلاثين سنة، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة، وكان عمر شيث يوم ولد له أنوش مائة وخمساً وستين، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وسبع سنين. وولد له بنون وبنات غير أنوش. 
فولد لأنوش «قينان» وله من العمر تسعون سنة، وعاش بعد ذلك ثمانمائة وخمس عشر سنة، وولد له بنون وبنات. 
فلما كان عمر قينان سبعين سنة ولد له مهلاييل، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وأربعين سنة، وولد له بنون وبنات، فلما كان لمهلاييل من العمر خمس وستون سنة ولد له «يرد» وعاش بعد ذلك ثمانمائة وثلاثين سنة وولد به بنون وبنات. 
فلما كان ليرد مائة سنة واثنتان وستون سنة ولد له «خنوخ» وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وولد له بنون وبنات. 
فلما كان لخنوخ خمس وستون سنة ولد له متوشلخ، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة، وولد له بنون وبنات. فلما كان لمتوشلخ مائة وسبع وثمانون سنة ولد له «لامك» وعاش بعد ذلك سبعمائة واثنين وثمانين سنة وولد له بنون وبنات. 
فلما كان للامك من العمر مائة واثنتان وثمانون سنة ولد له «نوح» وعاش بعد ذلك خمسمائة وخمساً وتسعين سنة، 
وولد له بنون وبنات. فلما كان لنوح خمسمائة سنة ولد له بنون: سام وحام ويافث. هذا مضمون ما في كتابهم صريحاً. 
وفي كون هذه التواريخ محفوظة فيما نزل من السماء نظر، كما ذكره غير واحد من العلماء طاعنين عليهم في ذلك. والظاهر أنها مقحمة فيها، ذكرها بعضهم على سبيل الزيادة والتفسير، وفيها غلط كثير كما سنذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى. 
وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير في «تاريخه» عن بعضهم: أن حواء ولدت لآدم أربعين ولداً في عشرين بطناً. قاله ابن إسحاق وسماهم. والله تعالى أعلم. وقيل: مائة وعشرين بطناً في كل واحد ذكر وأنثى، أولهم قابيل وأخته قليما، وآخرهم عبد المغيث وأخته أم المغيث. 
ثم انتشر الناس بعد ذلك وكثروا، وامتدوا في الأرض ونموا؛ كما قال الله تعالى: {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآء } (النساء: 1). 
وقد ذكر أهل التاريخ أن آدم عليه السلام لم يمت حتى رأى من ذريته من أولاده وأولاد أولاده أربعمائة ألف نسمة. والله أعلم. 
وقال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَت دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صَـٰلِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ (189) فَلَمَّآ ءاتَـٰهُمَا صَـٰلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآء فِيمَآ ءاتَـٰهُمَا فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) } (الأعراف: 189 ـــ 190) الآيات. فهذا تنبيه أولاً بذكر آدم، ثم استطرد إلى الجنس. وليس المراد بهذا ذكر آدم وحواء، بل لما جرى ذكر الشخص استطرد إلى الجنس كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ مّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) } (المؤمنين: 12 ـــ 13)وقال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآء ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ وَجَعَلْنَـٰهَا رُجُوماً لّلشَّيَـٰطِينِ } (الملك: 5) ومعلوم أن رجوم الشياطين ليست هي أعيان مصابيح السماء، وإنما استطرد من شخصها إلى جنسها. 
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا عمر بن إبراهيم، 
حدثنا قتادة عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش. فسمته عبد الحارث فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره». 
وهكذا رواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم عند هذه الآية، وأخرجه الحاكم في «مستدركه» ، كلهم من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث به، فقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الترمذي حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه. 
فهذه علة قادحة في الحديث أنه روي موقوفاً على الصحابي وهذا أشبه والظاهر أنه تلقاه من الإسرائيليات، وهكذا روي موقوفاً عن ابن عباس. والظاهر أن هذا متلقى عن كعب الأحبار وذويه. والله أعلم. 
وقد فسر الحسن البصري هذه الآيات بخلاف هذا، فلو كان عنده عن سمرة مرفوعاً لما عدل عنه إلى غيره. والله أعلم. 
وأيضاً فالله تعالى إنما خلق آدم وحواء ليكونا أصل البشر، وليبث منهما رجالاً كثيراً ونساء. فكيف كانت حواء لا يعيش لها ولد كما ذكر في هذا الحديث إن كان محفوظاً؟. 
والمظنون بل المقطوع به أن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم خطأ، والصواب وقفه والله أعلم. وقد حررنا هذا في كتابنا «التفسير» ولله الحمد. 
ثم قد كان آدم وحواء أتقى لله مما ذكر عنهما في هذا؛ فإن آدم أبو البشر الذي خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه جنته. 
وقد روى ابن حبان في «صحيحه» عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً». قلت: يا رسول الله كم الرسل منهم؟ قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير» قلت: يا رسول الله من كان أولهم؟ قال: آدم: قلت: يا رسول الله نبي مرسل؟ قال: «نعم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم سواه قبلا». 
وقال الطبراني: حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا نافع بن هرمز، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل الملائكة: جبريل، وأفضل النبيين آدم، وأفضل الأيام يوم الجمعة، وأفضل الشهور شهر رمضان، وأفضل الليالي ليلة القدر، وأفضل النساء مريم بنت عمران». 
وهذا إسناد ضعيف، فإن نافعاً أبا هرمز كذبه ابن معين، وضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن حبان وغيرهم. والله أعلم. 

وقال كعب الأحبار: ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم، لحيته سوداء إلى سرته، وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم؛ كنيته في الدنيا أبو البشر وفي الجنة أبو محمد. 
وقد روى ابن عدي من طريق شيخ ابن أبي خالد، عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً: أهل الجنة يدعون بأسمائهم إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد. 
ورواه ابن عدي أيضاً من حديث علي بن أبي طالب، وهو ضعيف من كل وجه. والله أعلم. 
وفي حديث الإسراء الذي في «الصحيحين» : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مرّ بآدم وهو في السماء الدنيا، قال له: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، قال: «وإذا عن يمينه أسودة وعن يسارة أسودة، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى فقلت: يا جبريل ما هذا؟» قال: هذا آدم وهؤلاء نسم بنيه، فإذا نظر قبل أهل اليمين ـــ وهم أهل الجنة ـــ ضحك، وإذا نظر قبل أهل الشمال ـــ وهم أهل النار ـــ بكى. 
وهذا معنى الحديث. 
وقال أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن المثنى، حدثني يزيد بن هارون، أنبأنا هشام بن حسان بن الحسن قال: كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده. 
وقال بعض العلماء في قوله : «فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن» قالوا: معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام. وهذا مناسب، فإن الله خلق آدم وصوره بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه، فما كان ليخلق إلا أحسن الأشباه. 
وقد روينا عن عبد الله بن عمر وابن عمر أيضاً موقوفاً ومرفوعاً: أن الله تعالى لما خلق الجنة، قالت الملائكة: يا ربنا اجعل لنا هذه، فإنك خلقت لبني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون، فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان. 
وقد ورد الحديث المروي في «الصحيحين» وغيرهما من طرق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق آدم على صورته» وقد تكلم العلماء على هذا الحديث فذكروا فيه مسالك كثيرة ليس هذا موضع بسطها، والله أعلم. 



يتبع


=======================

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص الانبياء .. لابن كثير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
التجمع العربى للقوميين الجدد :: القسم الاسلامى :: منتدى قصص الانبياء-
انتقل الى: