البت حفيظة
........................
البت حفيظة كما كنا نناديها جائنا بها ابوها وهى في الحادية عشرة من عمرها فتاة نحيلة منكوشة الشعر خائفة من حولها .ومن الواضح ان حفيظة كانت تبكى بحرقة قبل ان ياتى بها عم محمود والدها وكان رجل مسكين يعانى من عدة امراض كما يبدو عليه وكان يسعل طول الوقت قبل ان يستاذن منصرفا واوصله والدى الى خارج البيت ولم نرى عم محمود من يومها لا نعرف ان كان مات او ميت بالحياة .كانت امى تعد حجرة خاصة للشغالة في اخر البي...ت وتفرشها كما تفرشها لنا نحن أولادها .منذ اول يوم جلست امى مع حفيظة وافهمتها ان كلمة سيدى وستى ملهلمش مكان في بيتنا وانها اى حفيظة تعتبر بنت من بناتها..جلست يومها بعد ان أدخلت حفيظة الحمام وغسلت راسها ومشطت شعرها .والبستها ملابس أخرى لااعرف متى احضرتها واخذت حفيظة اما مراة الدولاب الكبير وقالت لها ايه رايك بقى ياحفيظة ...خرجت حفيظة وهى تبتسم وتعودنا على حفيظة يا حفيظة هاتى يا حفيظى اطلعى اكلى الفراخ يا حفيظة ياحفيظة وجعو دماغنا بحفيظة.
وفى يوم وكنا في إجازة الصيف جائتنا جارتنا القديمة فاروزة وجلست هي وامى وحدهم بعد ان شربت القهوة وخرجت وهى تضحك ويقول لى مبروك ياعريس انت واوخواتك.نظرت اليها باستغراب فقد كنت في التاسعة ولم اعرف مغزى كلامها .وكانت امى تنظر الى وهى تبتسم ابتسامة لم ارها على وجهها الا في يوم زواجى بعد هذا اليوم بسنين عديدة.
جاء والدى يومها من الخارج وكان معه رجل يحمل أشياء خاصة بالبيت خزين مكرونة وارز وصفيحة سمن فلاحى تانية واياء أخرى خاصة بالعطارة وشيح وبخور ..أشياء عجيبة.
دخلت حفيظة وهى تقول لابى كله تمام ياسيدى الفراخ اكلتها ونضفت تحتها وغسلت اديا ووضبت اللى قالت عليه ستى .قال ابى لها ويس يا حفيظة لكنها لو سمعتك بتقولى ستى وسيدى حتخرب بيتك انسى الكلام ده قالت ماشى يا سيدى .وضع ابى يده في جيبه وقال لها خدى يا حفيظة حطيه في حصالتك ..اخذت حفيظة العشرة قروش الفضية وخرجت وهى تقص فرحا وتعى لابى بالستر.
كانت امى تجيد خياطة الملابس فخاطت لحفيظة ملابس جديدة.كانت تتسلى بها وبلبسها رزقك يا حفيظة.
والغريب انها كانت تشترى أشياء لحفيظة وتخزنها لها وتقول ده من شوار حفيظة . أصبحت حفيظة مساعدتها الأولى وكاتمة اسرارها.
كانت امى تخفى عنا ميعاد حضور عم ادم الممرض النوبى الذى يجرى عملية ختان الأولاد .ويمها جاء وكان ابى يجلس معى وهو يقول احنا اتاخرنا اوى في عمل العملية دى المفروض كنا نطهروك وانت صغير عن كدة المهمالنهاردة خليك راجل ومتخافش .كنت لا اعرف ماسوف يتم قلت طيب.
كنا أربعة انا واخوتىالثلاثة الأصغر منى .واجرى لنا عم ادم عملية الختان وسط زغاريد او زغاريط بالبلدى اهل الحى .فضيحة بجلاجل والبسونى قفطان ابيض مشغول عليه اسم الجلالة وخمسة وخميسة .وكذلك اخوتى كان منظرنا مضحك .كانت حفيظة تبكى ولما سالتها امى ليه بتعيطى ياحفيظة وكل الناس فرحانة ده فال موش كويس يابنتى ...ردت حفيظ ليه ماطاهرتنيش زى الأولاد ..ضحكت امى وهى تقول لا ياحفيظة احنا مابنطاهرش البنات واطلعى هاتى كام فرخة وخللى عندك دم علشان العيال تاكل.واعملى حسابك في فرخة كبيرة لكى...بعد حوالى عشرة أيام سمعت صوت طبول وصاجات واناشيد بصوت غريب ولما سائلت قالو دى فرقة أولاد أبو الغيط جايين نقطة من عم كمال البقال جارنا وكانت هذه الفرقة تضع المطاهر في الحنطور وهو يلبس القفطان الأبيض وهى عربة تجرها الخيل ويقومون بزفة المطاهر في الحى وسط دقات طبولهم ودفوفهم وأناشيدهم في مدح الرسول وكانو يليسون قفاطين بيضاء واحزمة حمر اء ويضعون العمائم على رؤسهم يومها زفت حفيظة مع اخوتى الثلاثة بينما رفضت .ان أكون فرجة لاطفال الحى وانا امشى ممسكا بالقفطان من الامام ككل مطاهر....
..مرت ستوات وكانت حفيظة تكبر الى ان جائها عريس جاء لمقابلة ابى وامى كانو يتكلمون معه كانها ابنتهم .وحفيظة في قمة سعادتها . حضر اهل حفيظة يوم زففها كانهم اغراب بينما كانت امى هي من تقابل المهنئين في زواج حفيظة......الغريب ان حفيظة اسمت أولادها على اسامينا وظلت تزورنا على انها قادمة لبيت أهلها ....لم نعطى حفيظه حقها من الشكر رغم ان امى قامت بهذا الواجب عنا ....
....
التجمع العربى للقوميون الجدد