حوار مع المحلل السياسي د. أديب السيد
حاوره: فهيم الصوراني
نص الحوار:
سؤال: دكتور أناقش مع حضرتك الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى موسكو والتي تبدأ اليوم يلتقي خلالها الرئيس فلاديمير بوتين وعدد من كبار المسؤولين الروس حضرتك متابع لملف العلاقات الفلسطينية الروسية ما دلالة توقيت هذه الزيارة بداية وأهميتها انطلاقا من الظروف التي تعيشها القضية الفلسطينية في الوقت الحالي والمنطقة بشكل عام؟
جواب:حقيقة توقيت زيارة فخامة الرئيس أبو مازن إلى موسكو في هذا الوقت هو توقيت مهم جدا ويأتي في لحظة تدخل فيها الجهود الأمريكية الرامية إلى تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تدخل فيها في مرحلة حرجة لاسيما وأن الجانب الإسرائيلي لا يبدي ما يكفي من المرونة للإستجابة مع متطلبات الشرعية الدولية أولا، وللسير مع الرغبة الأمريكية في تحريك العملية السلمية على المسار الفلسطيني الإسرائيلي فمن هنا أصبح من الضروري جدا أن يلتقي الجانبان الروسي والفلسطيني من أجل التفكير من أجل تبادل الرأي والمشورة أولا، وثانيا من أجل التفكير في سبل دفع عملية التسوية لاسيما وأن روسيا ترتبط حاليا بعلاقات متقدمة وطيبة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ولها هامش تستطيع من خلاله التأثير ربما حتى على الموقف الإسرائيلي وإقناع إسرائيل بالاستجابة لمتطلبات الشرعية الدولية هذا أولا، وثانيا هناك وعادة ما يقوم الرئيس أبو مازن بزيارة إلى موسكو سنويا، فهذه الزيارة أيضا تأتي في وقت أصبحت فيه العلاقات الثنائية الفلسطينية الروسية بحاجة إلى مزيد من نبضات الدفع وتوقيع ربما على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي من شأنها أن تساهم في تكثيف الجهود الرامية إلى إعداد مؤسسات الدولة الفلسطينية وكذلك إعداد الكوادر الوطنية الفلسطينية وهو الأمر الذي عكفت روسيا على القيام به في السنوات الأخيرة، ويتوجب القول أيضا أن الموقف الروسي حيال النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يستند إلى حقائق موضوعية وهي أساسا تراعي طبيعة المرحلة الراهنة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والتطورات التي تشهدها بعض الدول العربية من خلال ما يعرف بالربيع العربي، كذلك روسيا أيضا تراعي حقيقة وجود قاعدة قانونية دولية متطورة سياسية تماما لإنجاز عملية التسوية وهي في موقفها تنطلق أولا وأخيرا من حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة في إطار حدود عام 1967 وعاصمتها القدس وبدون أن تمارس أية ضغوط على الفلسطينيين تترك لهم حرية إدارة العملية التفاوضية مع الجانب الإسرائيلي وتوافق على أي خيارات، وتوافق على أي حلول يقبل بها الفلسطينيون أنفسهم، لذا نستطيع أن نقول مرة أخرى أن الزيارة تأتي في موعد حساس وفي توقيت هام وباعتقادي أنها ستساهم بصورة ملموسة في دفع عجلة العلاقات الفلسطينية الروسية وستساهم كذلك في توسيع هامش التفاهم الروسي الفلسطيني حيال عملية التسوية وحيال التطورات التي تشهدها المنطقة.
سؤال: الدكتور أديب استفاد من تصريحات بعض المسؤولين الفلسطينيين في الآونة الأخيرة بأن ثمة تشاؤم من امكانية التوصل إلى اتفاق إطار بشأن قضايا الحل النهائي مع إسرائيل، أحد المسؤولين تساءل لماذا لا يتم خلق فرص لروسيا لكي تلعب دور ايجابي في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية خاصة بعد ما أثبتت نجاحا في الملفين السوري والإيراني، من وجهة نظرك هل السلطة الفلسطينية تنظر الآن بشكل جدي للدعوة إلى دور روسي أكبر يكسر احتكار الولايات المتحدة رعايتها للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية؟
جواب: أرجو أن تلاحظ أن القيادة الفلسطينية وحتى في السنوات الصعبة التي مرت بها روسيا في التسعينات كانت حريصة كل الحرص على أن تتواصل مع الجانب الروسي وأن تدعوا إلى ضرورة أن تلعب روسيا دورها المتقدم في عملية التسوية وأن تستعيد روسيا وجودها ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط، لذا أعتقد أن هذه المقدمة كافية للاقتناع بأن السلطة الفلسطينية حريصة كل الحرص أن تمارس روسيا وهي التي استعادت الكثير من عناصر قوتها والتي استعادت جزء هام من نفوذها في المنطقة أن تلعب دورها وبصورة ايجابية ولكن يجب علينا أن نقر بأن الدور الروسي يساير أو يرتسم في إطار الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية وكما تعلم إن موسكو تؤيد وبشكل كامل المساعي الأمريكية، ولكن من حق المراقبين أيضا أن يسجلوا على الجانب الأمريكي أن دوره ليس موضوعيا وليس نزيها بالشكل المطلوب، كثير من الأوقات يسمح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لنفسه بأن يلعب دور ساعي البريد بدلا من أن يمارس ضغوطا معقولة وموضوعية على الجانب الإسرائيلي لكي يذعن الجانب الإسرائيلي أخيرا للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني لاسيما وأن هذه الحقوق تستند إلى قرارات الشرعية الدولية وإلى قرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة مبدأ تقرير المصير للشعب الفلسطيني، عدم جواز الإستلاء على أراضي الغير بالقوة وكذلك حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة فوق التراب الوطني في إطار الحدود التي كانت قائمة قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لذا نعود للقول بأن الدور الروسي الداعم لضرورة تحريك المصادر التفاوضية على أسس الشرعية الدولية وعلى أسس مبادرة السلام العربية وعلى أسس مبادئ مدريد للسلام هذا موقف يرحب به الجانب الفلسطيني وكما يرحب به الجانب العربي وهذا ما سيتم التأكيد عليه خلال المفاوضات التي سيجريها الرئيس أبو مازن مع الرئيس فلاديمير بوتين ومع رئيس الحكومة، كما أن زيارة الرئيس أبو مازن وفقا للمعلومات التي لدي أيضا تتضمن لقاءا مع وزير الخارجية الروسية سيرغيي لافروف حيث سيسلمه وساما فلسطينيا تقديرا للجهود التي يبذلها وزير الخارجية الروسي في دفع عملية التسوية وفي دعمه للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.