الذكرى الثانية لـ"محمد محمود" تحيى معاناة الثوار مع الإخوان.. الجماعة شوّهت المتظاهرين ورفضت الانضمام لهم تحقيقًا لمكاسب سياسة وتشريعية.. و"خالد سعيد" أشعل 25 يناير و"جيكا" انتصر فى 30 يونيو
أحداث محمد محمود
مر عامان على أحداث شارع محمد محمود، ولم يقدم الجناة حتى الآن للمحاكمة، عامان ولم يُعرف حتى الآن السبب الرئيسى لاقتحام قوات الأمن لميدان التحرير وبالأدق صينية الميدان، التى كان معتصماً بها مصابو ثورة الخامس والعشرين من يناير.
الأحداث الدامية بدأت عقب الانتهاء من مليونية إسقاط وثيقة الدكتور على السلمى الدستورية، فى 18/11/ 2011 والتى دعا لها جميع القوى السياسية والحركات الثورية، وكان أبرز المشاركين فى هذه المليونية "جماعة الإخوان المسلمين، أعضاء حازمون، حركة شباب 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين).
بعد انتهاء فعاليات المليونية وانسحاب جميع القوى السياسية المشاركة، تبقى عدد قليل من المتظاهرين، وهم مصابو الثورة المعتصمون بالميدان من قبل المليونية بثلاثة أسابيع، مع عدم تعطيل حركة المرور ومصالح المواطنين.
فى صباح يوم السبت الموافق (19-11-2011) فوجئ المعتصمون باقتحام قوات الأمن للميدان ومحاصرتهم، وقامت بإخلاء الميدان بالقوة مع اعتقال بعض المعتصمين من مصابى الثورة.
أدى هذا التصرف غير المحسوب من قوات الأمن لإثارة حفيظة الثوار والحركات الثورية، وفى هذه اللحظات تكاثرت الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعى بالحشد والنزول لمساندة المعتصمين، مع عدم مشاركة جماعة الإخوان المسلمين، فى الفعاليات، وترك المتظاهرين فى المواجهة مع الشرطة.
وبالفعل استجاب الجميع للدعوات وتم التجمع فى ميدان طلعت حرب وكوبرى قصر النيل، وحاول المتظاهرون الدخول إلى ميدان التحرير فى كر وفر مع قوات الأمن، وكانت أول خسائر القوات سيارة أمن مركزى قام المتظاهرون بإشعال النيران بها، مما أدى إلى تراجع قوات الأمن إلى شارع محمد محمود، وتمكن المتظاهرون من السيطرة على الميدان.
لم تمر ساعات قليلة على سيطرة المتظاهرين على الميدان، لتقتحمه قوات الأمن مرة أخرى، ولكن هذه المرة بقواتٍ أكبر وإمدادات أكثر، ما جعل المتظاهرين يتفرقوا فى الشوارع المحيطة لميدان التحرير.
طاردت قوات الأمن المتظاهرين بالشوارع المحيطة لميدان طلعت حرب، وبعد فترة قصيرة تراجعت قوات الأمن مرة أخرى إلى ميدان التحرير، وتقدم المتظاهرون إلى الميدان، وتمركزت قوات الأمن بشارع محمد محمود.
وفى الثانية عشرة من منتصف الليل الأحد، قامت قوات الأمن بمحاولة دخول الميدان للمرة الثالثة من اتجاه شارع قصر النيل، وكانت القوات متمركزة بشارع الشيخ ريحان، وكانت الأجواء يشوبها الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن حتى مطلع الفجر، ثم توقفت الاشتباكات.
مر صباح الأحد والمتظاهرون فى ازدياد وتكاتف حتى آذان العصر، فى تلك اللحظة تدخلت قوات الشرطة العسكرية بمصاحبة قوات الشرطة إلى ميدان التحرير قادمة من شارعى محمد محمود وقصر العينى، وخلال دقائق معدودة سيطرت قوات الأمن على الميدان بالكامل مع اعتقال المئات من المتظاهرين.
وتجمع المتظاهرون مرة أخرى وسيطروا على الميدان، وتمركزت قوات الأمن بشارع محمد محمود المؤدى إلى وزارة الداخلية، ليبدأ هنا قنص أعين المتظاهرين من قِبَل قوات الشرطة.
"عيون الحرية".. أطلق المتظاهرون هذا الاسم على شارع محمد محمود، بعدما شاهد الشارع أكبر عملية استهداف لأعين المتظاهرين من قِبَل قوات الشرطة التى استخدمت الرصاص المطاطى وقنابل الغاز والصواعق الكهربائية، وراح ضحية العنف عشرات الشهداء ومئات المصابين، ومن أبرزهم الدكتور أحمد حرارة الذى فقد عينيه.
تركت جماعة الإخوان المسلمين، وحزب النور السلفى، المتظاهرين أمام مدفع الثورة وحدهم، طمعًا فى مكاسب سياسية وتشريعية متمثلة فى انتخابات مجلس الشعب.
تأتى ذكرى محمد محمود الأولى لتكون شرارة بداية نهاية حكم جماعة الإخوان المسلمين، فبعد مرور عام على وقوع أكثر من 50 شهيداً ومئات المصابين، ومنهم من فقد بصره، جاء العام الأول لتخليد الذكرى وأحيائها مرة أخرى، مشابهاً لسلفه.
وهو ما تكرر من اعتداء قوات الأمن على المتظاهرين أثناء تخليد الذكرى بالنعوش الرمزية على أرواح شهداء محمد محمود، أو شهداء "شارع عيون الحرية"، كما أطلق عليه الثوّار، والذى أسفر عن وقوع أول شهيد "جيكا" وعشرات المصابين فى عهد الدكتور محمد مرسى.
هذه المعركة تعبر عن أزمة سياسية، ناتجة عن الاستخفاف بالثورة ومطالبها، والإحباط من عدم وجود مؤشرات على تغيير جذرى حقيقى، اشتعل فيها غضب الشباب الثائر بعد أن مر عام على أحداث محمد محمود الأولى وعدم محاسبة المسئولين.
ومثلما كشفت معركة محمد محمود الأولى عن انفصال جماعة الإخوان المسلمين التام عن الثورة ومسارها، الذى ظهر كأوضح ما يكون بعد حصولهم على الأغلبية البرلمانية وفوز مرشحهم بمنصب رئيس الجمهورية، اتهمت الجماعة المتظاهرين بأنهم بلطجية ومأجورين وساعين لإفشال الجمعية التأسيسية للدستور.
وكما أجبرت المعركة الأولى المجلس العسكرى على الالتزام بإجراء انتخابات الرئاسة والإعلان عن جدول واضح لتسليم السلطة بعدما كان الغموض والضبابية هما ما يسيطران على المشهد، أتت المعركة الثانية لتكون بداية نهاية سقوط مرسى وجماعته.
ولو كان خالد سعيد شهيد التعذيب، بداية سقوط نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، أصبح جابر صلاح "جيكا" أول شهيد فى عهد الدكتور محمد مرسى أيقونة ثورة جديدة لإسقاطه هو وجماعة الإخوان المسلمين.
المصدر منتديات القوميون الجدد