يا أيها الإنسان
تضيق بك الدنيا على رحابتها
ولاتجد غير القبور محجاّ ومزارا
وتزداد الأزقة منك اقترابا خرائبها
وينهار من حولك ما شدت سقوفا وديارا
وتدنو منك الأيام نوائبها
وتغالي في جفائك الأحلام صغارا
وتصبو إليك البلايا القاسمات تذرها
من حجب السماء تعلن الزحف إليك عشارا
كأن ليس لها غيرك ممتحنا
كأن ليس لها غيرك مسقطا ومدارا
تقبل إليك من طيات الغيب زاحفة جحافلها
تهاوت في وجهها القلاع الحصينة أحجارا
تحيط بك لاتذر لك منفذا
لامهرب لك اليوم
مما حبكته لك الأقدار ليلا ونهارا
وتنتفض معلنا عصيانك
وتشتدّ عليك
تروم منك انصياعا وإقرارا
حبستك في الأرض طريدا
هذا منفاك من جنة
كنت بها كائنا مختارا
أأنت الخليفة في الأرض
أم مجرد خلق خطاء
ضعيفا لأهوائه استكان
أغضب خالقه القهار
وسار في الأرض وهنا على وهن
واستسلم لعقله شريدا محتارا
وساد على الدنيا تفاعله
وأضحى لنسله بائدا غدارا
للحظة صبا زلّ خلفت لحياته جمارا
لبريق معدن هلّ قرع طبلا
وأعلن الحصار
ولعظمة عرش وظل بدت دمّر الأمصار
تلك الجنة المنفى التي وهبت
صارت لنسلك اختبارا
ثمرة بالعسل لفت واللبّ علقما ومرارا
بالحرير دثرت وتبهرجت
إذا لمستها شوكا وشرارا
نقّ فؤادك من الضغينة واسترق
لحظة عجز من لسانك المهذار
أرسل عينك للطبيعة تسترق
سحر النظام المعجز الجبّار
أرسلت لك السماء تتوعدك
يا متمردا عن الناموس ثار
سيختل لأجلك نظام الكون سيحترق
وتتلاشى السماوات تصير مزقا
تزول الكواكب تصير غبارا
تحشر الوحوش ويسجّر الماء البحار
وفي لظى طويل تحاسب
يا أيها الإنسان نسيت
كنت عاصيا صرت جبارا
ترى الأقدار تدمر الكون
لأجل حسابك وتعلمك بمصيرك
والقرار
لكم التحية