مؤتمر معهد «ماكين» رداً على كلمة «أوباما»: لن نسمح بظهور «عبدالناصر» جديد في مصر
بعد ساعات قليلة من كلمة الرئيس الأمريكى باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإعلانه أن بلاده ستتعاون مع الحكومة المؤقتة فى مصر، رد معهد ماكين للقيادة الدولية بتنظيم مؤتمر تحت عنوان: «فى مصر.. هل الإجابة هى الجيش؟»، بحضور السيناتور الجمهورى جون ماكين.
ورصدت «الوطن» تفاصيل المناقشات الساخنة التى شهدها المؤتمر وأدارها مذيع «فوكس نيوز» جان وليامز، وشارك فيها ميشيل دان، رئيس برنامج الشرق الأوسط فى المعهد الأطلنطى، وجاكسون ديل، نائب رئيس صفحة الرأى فى صحيفة واشنطن بوست، والمحلل السياسى وليام كريستول، رئيس تحرير صحيفة ستاندرد، والمحلل الاستراتيجى أنتونى كوردسمان.
وبدأ المؤتمر بكلمة كارت فولكار رئيس معهد ماكين الذى أوضح الهدف من المناقشات، وهو بحث نتائج ما حدث فى مصر مؤخراً، والادعاء بأن «أمريكا تقدم ملياراً وثلاثمائة مليون دولار سنوياً إلى جيش أطاح برئيس منتخب». وألقى السيناتور ماكين كلمة مقتضبة، قال فيها إن مصر مركز المنطقة العربية وما يحدث فيها يؤثر على كافة الدول المحيطة بها.
ومهد جان وليامز للنقاش بعرض التطورات التى شهدتها مصر منذ ثورة 25 يناير حتى يوليو الماضى، وقال: «خرج الملايين إلى الشارع يطالبون برحيل مبارك، وانحازت الولايات المتحدة لثورة الشباب وطلبت رحيل مبارك فوراً، وبعد ذلك تولى الجيش تسيير الأمور حتى انتخاب محمد مرسى رئيساً للجمهورية بأجندة إسلامية فى أول انتخابات ديمقراطية تعرفها مصر، ثم حدثت احتجاجات شعبية ضد حكم مرسى، فتدخل الجيش وأطاح بمرسى، والآن أصبح مبارك خارج السجن ومرسى والإخوان داخل السجون».
ومن جانبه، قال جاكسون ديل إن «فى مصر يُصنع جمال عبدالناصر جديد وهو الجنرال السيسى الذى وضع المصريون صورته إلى جوار صورة عبدالناصر، والكل يعلم ما يمثله نظام ناصر من فاشية لم تكن مقصورة على مصر ولكن امتدت إلى العديد من الدول العربية، ومن ثم فلا يمكن أن تكون الإجابة فى مصر هى الجيش»، وأكد أن ما حدث فى مصر هو انقلاب عسكرى، وطالب الولايات المتحدة بأن تعلق المساعدات العسكرية المقدمة للجيش لحين العودة إلى المسار الديمقراطى، مؤكداً أن العسكريين فى مصر أخطر على إسرائيل من محمد مرسى والإخوان، مستشهداً بما أنجزه مرسى فى التوصل لاتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل.
وقال «ديل» إن «هدم الأنفاق بين سيناء وقطاع غزة وإن كانت تصب فى مصلحة إسرائيل ظاهرياً، إلا أن الجيش يقوم بذلك لتحقيق مصلحة أمنه القومى فى الأساس، وإذا كنا نتساءل من يمكنه إعادة الاستقرار والديمقراطية إلى مصر، فإننا نؤكد أن الإجابة لن تكون بحال من الأحوال الجيش، فالحكومات العسكرية أثبتت فشلها فى كافة المناحى الاقتصادية والسياسية ومبارك ليس كما يظنه الأمريكان عامل استقرار، وإنما خلق بيئة للتعصب بسبب غياب الديمقراطية، ولا ينبغى أن تعود مصر إلى الوراء، أو أن يسمح بظهور عبدالناصر جديد».
وأضاف «ديل» أن الجيش المصرى يحاول إقناع أمريكا بجدوى دوره بموجب عمليات سيناء، لكننا نريد حكومة تعبر عن الشارع فى مصر ومنتخبة بشكل ديمقراطى ولا يصح الرهان على العسكريين فى تحقيق الديمقراطية، فهم لا يؤمنون بحقوق الإنسان أو بعمل منظمات المجتمع المدنى وسبق للمجلس العسكرى فى مصر أن هاجم منظمات المجتمع المدنى الأمريكية وقدمها للقضاء، فكيف لنا أن نضع لبنة للديمقراطية داخل هذا الإطار؟
وتابع: «نظام عبدالناصر الفاشى الذى كان يعادى إسرائيل وانتشر فى الشرق الأوسط يعاد استنساخه حالياً فى مصر»، مشيراً إلى أنه يجب على الولايات المتحدة أن تختار شركاءها من بين الليبراليين والعلمانيين وليس من بين صفوف الجيش أو الإخوان.
أما ميشيل دان، فقالت إن مرسى لم يكن رئيساً ديمقراطياً، لكن المؤكد أن الحل لم يكن هو تدخل الجيش بانقلاب عسكرى، مرسى كان سيخسر الانتخابات المقبلة، والآن نحن نتابع عودة واضحة لنظام حسنى مبارك، وفقدان مصر استقرارها وتدهور وضعها الاقتصادى فى ظل تدهور حال السياحة التى تعد العمود الفقرى للاقتصاد.
وأضافت أن الجيش المصرى تدخل فى الصراع السياسى وأن على الولايات المتحدة أن توسع من خياراتها فى مصر وألا تكون مقصورة على الشراكة مع الإخوان أو الجيش، لكن المطلوب تأسيس ديمقراطية حقيقية فى مصر، لا سيما أن التحول الديمقراطى جاء بعد أن قال المصريون كلمتهم فى 25 يناير والمصريون اليوم ليسوا هم المصريين منذ ثلاث سنوات فقد تطور وعيهم السياسى.
وقالت ميشيل دان إن تغيير الوضع الراهن فى مصر ليس مستبعداً، فالمصريون رحبوا بالجيش عقب سقوط مبارك، ثم رحبوا بالإخوان وانتخبوا مرسى، وأشارت إلى أن مسئولية انهيار الاقتصاد المصرى لا يتحملها مرسى وحده، لأن الانهيار الاقتصادى بدأ منذ العام 2011، ويجب التسليم بأن أى تحول ديمقراطى يحتاج بعض الوقت، ومرسى عندما رتب لكتابة الدستور استبعد العلمانيين والليبراليين، والآن نتابع تكرار الموقف باستبعاد الإخوان.
وقالت «دان» إن البعض يتحدث عن اختلاف الموقف الأمريكى من إطاحة الجيش بحكم مبارك وإطاحة الجيش نفسه بحكم مرسى، والرد ببساطة أن مرسى أول رئيس منتخب فى انتخابات نزيهة، وعلى أمريكا أن تعمل على إعادة مصر إلى الطريق الصحيح.
وفى المقابل، رأى أنتونى كوردسمان أنه لا يجب أن تكون النظرة إلى الجيش المصرى قاصرة، وإنما يجب النظر إلى المصالح الأمريكية فى المنطقة برمتها، فالمؤسسة العسكرية المصرية كانت ولعقود الشريك الرئيسى للولايات المتحدة وليس من المجدى أن نتحدث عن مليار وثلاثمائة مليون دولار من المساعدات فى الوقت الذى رأينا فيه المليارات تقدم لمصر من دول الخليج.
وأضاف: «عندما نتحدث عن مصر، فإننا نتحدث عن دولة بها 85 مليون نسمة، أى أن عدم الاستقرار بها وانفلات الأوضاع فيها يعنى انفلات الإقليم بصفة عامة وعندما نتحدث عن مصر علينا أن ننظر إلى الملاحة فى قناة السويس وأمن إسرائيل وإيران وفى كل هذه الأمور لا يمكن إغفال دور الجيش المصرى»، مشيراً إلى أن ما حدث فى مصر قد حدث وعلينا الآن التفكير فى مصالح الولايات المتحدة وكيف يمكن أن ندعم تحولاً ديمقراطياً حقيقياً وإصلاحاً اقتصادياً فى مصر.
وقال كوردسمان: «ليس صحيحاً أن العسكريين لا يمكنهم تحقيق الاستقرار، فمبارك كان عسكرياً وتمكن من تحقيق الاستقرار على مدار ثلاثين عاماً وكذلك تمكن من تحقيق معدلات نمو اقتصادية، وقال: «يجب ألا يفسر الحديث على أننا ندعم الديكتاتور، لكن نريد أن ندعم الاستقرار، نحن نتحدث عن معطيات الواقع لكى نصل إلى ديمقراطية حقيقية وأن نعى حقيقة الرأى العام، يجب أن تعود مصر قوية لضمان الاستقرار فى المنطقة كلها.
واكد وليام كريستول ضرورة الحفاظ على حيوية واستراتيجية العلاقة بين مصر والولايات المتحدة مطالباً الولايات المتحدة بدعم التحول الديمقراطى بسياسات واضحة وأن يتم فهم ودراسة ما يحدث فى مصر بشكل دقيق.
المصدر: منتديات القوميون الجدد