طارق حسن رئيس مجلس الادارة
عدد المساهمات : 2533 تاريخ التسجيل : 22/09/2013 الموقع : الوطن العربى
| موضوع: اصل كلمة التأريخ 30/11/13, 08:33 pm | |
| اصل كلمة التأريخ
كلمة "التأريخ" لم تكن شائعة بهذا المعنى عند العرب بما تشير إليه الآن كمصطلح يدل على الأحداث التي جرت قبل الحاضر؛ أي في الماضي ، لأجل ذلك اختلف في أصل هذه الكلمة.
فقيل: أصلها من السامية من لفظة "أرخو" التي تعني بالأكادية القمر ، وبتغير منازل القمر تتغير الأيام وبالتالي يعني التأريخ ، وفي العبرية "يرح" أو "يارح" وتعني أيضاً القمر ، ولعل الاختلاف بين اللغتين في اللفظ فقط ، فبعضهم رجع باللفظة إلى هذه الأصول ، ولكن الدكتور سالم أحمد محل ينكر هذا الأمر ؛ ويستبعد أن يكون أصل هذه الكلمة من السامية الأكادية أو السامية العبرية.
ويقول الشيخ خميس بن راشد العدوي: غير أن أبعد من ذلك من يرجعها إلى اللغة الفارسية وهي "ماه روز" بمعنى حساب الشهور ، والاستبعاد في هذا بسبب الفارق اللفظي ؛ فليس هناك من قرب بين كلمة "تأريخ" وبين "ماه روز" بعكس القرب اللفظي بين اللغة الأكادية واللغة العبرية وبين اللفظة العربية ؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد أصول اللغة الفارسية تختلف تماماً عن أصول اللغة الأكادية والعبرية والعربية ، فأصول هذه الأخيرة مرجعها إلى اللغة السامية ، أما اللغة الفارسية فهي من اللغات الآرية والتي تصنف بالأوروهندية ؛ أي الأوروبية الهندية.
على أنه ؛ وإن كان الدكتور سالم أحمد محل يستبعد هذه اللفظة من أن يكون أصلها من اللغة السامية الأكادية أو العبرية ، ويرجعها إلى لغة عرب الجنوب اليمنيين ، وهو يتفق على أنها – أساساً - غير موجودة في لغة العرب الشماليين ، إلا أنه يؤكد على وجودها في لغة اليمنيين أو العرب الجنوبيين ، وعلى كل حال فليس بين الأمرين من اختلاف كبير ، فلا يستبعد من أن يكون أصل الكلمة هو أصل سامي ، فالعبرية والأكادية والعربية القديمة هن بنات عم كلهن يرجع إلى اللغة السامية ، وإن اختلف أيضاً في أصل هذه اللغات ؛ هل هي اللغة السامية أم العربية القديمة أم غير ذلك...؟ هذا أمر مرجعه إلى علم اللغات وليس هنا محله ، وإنما نريد فقط أن نسلط الضوء على أصل هذه الكلمة كمدخل إلى موضوعنا.
وتنطق الكلمة في اللغة العربية على لهجتين:-
فبنو تميم يقولون: (ورخت الكتاب توريخاً) ؛ والقيسيون يقولون: (أرخته تأريخاً). فاللهجتان موجودتان عند العرب ... هذا عن أصل هذه الكلمة. أما معنى "التأريخ" في اللغة:فهي الإعلام بالوقت ، تقول مثلاً: (جئت عند صلاة العصر) فأنت تعلن عن مجيئك بحدث معين ؛ هذا الحدث هو مع وقوع صلاة العصر.
والأصرح من ذلك أن تقول: (جئت عند غروب الشمس) أي عند حركة غروب وسقوط قرص الشمس ، فهذه الحركة هي وقت الحدث وإعلام بوقوعه في هذه اللحظة ؛ على هذا يعتبر التعريف ، فإذاً ما مضى عنك ولو بثانية واحدة فقد دخل في عداد التأريخ في الحقيقة هناك اختلاف كبير في تحديد التعريف الاصطلاحي للتأريخ ، ومرد هذا التباين إلى اختلاف وجهات النظر ؛ وإلى الفلسفات التي ينظر بها إلى هذا الجانب.
أفضل ما يمكن ذكره هنا هو تعريف ابن خلدون في مقدمته ، وأنتم كما تعرفون أن ابن خلدون يعتبر أباً للتأريخ والاجتماع ، وهو حقيق بأن يكون أباً لهما.
يقول في تعريفه لهذا العلم: ( هو في ظاهره لا يزيد على أخبار الأيام والدول ، والسوابق من القرون الأول ، تنمو فيها الأقوال ، وتضرب فيها الأمثال ، وتطرف بها الأندية إذا غصها الاحتفال ، وتؤدي لنا شأن الخليقة كيف تقلبت بها الأحوال ، واتسع للدول فيها النطاق والمجال ، وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال ، وحان منهم الزوال ) فهو يفرق في تعريفه الاصطلاحي بين ظاهر التأريخ وبين باطنه ، فيقول في ظاهره: هو الأمثال والأقوال والقصص والحكايات والمرويات التي سيقت إلينا عن الماضي ، بغض النظر عن أي فلسفة أو أي اتجاه في هذا الجانب.
أما في باطنه فيقول في تعريفه: ( وفي باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق ).
أي هو التنقيب في صحة الحكايات والأخبار المروية لنا ، والبحث في اتجاهها، وتحليل قضاياها ؛ هل هي واقعة فعلاً أم هي كذب وبهتان وأساطير وردت إلينا؟ ... فإذاً ؛ ليس هو مجرد أخذ الروايات على ظاهرها ؛ بل التحقيق والمقارنة لأحداث التأريخ.
لأجل ذلك نجد هنا السقطة التي يقع فيها الكثير من الناس عندما يأخذون الروايات على ظاهرها بدون تحليل ومقارنة ، أو تفنيد للخطل منها ، فهو يدعونا أن نتعمق ونسبر أغوار هذه الروايات المصدر منتديات القوميون الجدد
| |
|