اعمال يصل ثوابها للميت
1- ذهب علماء أهل السّنّة والجماعة : إلى أنّ للإنسان أن يجعل ثواب ما فعله من عبادة لغيره ، وهذا محلّ اتّفاق في العبادات غير البدنيّة المحضة كالصّدقة ، والدّعاء ، والاستغفار ، والوقف عن الميّت ، وبناء المسجد عنه ، والحجّ عنه ، إذا فعلها وجعل ثوابها للميّت لقوله تعالى : { وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ } .
وقوله جلّ شأنه : { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } .
ودعاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم لكلّ ميّت صلّى عليه ، وسأل رجل النّبيّ صلى الله عليه وسلم : فقال : « يا رسول اللّه ، إنّ أمّي ماتت أفينفعها إن تصدّقت عنها ؟ قال : نعم » . واختلفوا في العبادات البدنيّة المحضة : فقال الحنفيّة ، والحنابلة : له أن يجعل ثواب عبادته لغيره ، سواء صحّت فيها النّيابة ، أم لم تصحّ فيها ، كالصّلاة ، والتّلاوة ونحوها ممّا لا تجوز فيها النّيابة .
وقالوا : وردت أحاديث صحيحة ، في الصّوم ، والحجّ ، والدّعاء ، والاستغفار وهي : عبادات بدنيّة ، وقد أوصل اللّه نفعها إلى الميّت ، وكذلك ما سواها ، مع ما روي في التّلاوة .
وقال الإمام الشّافعيّ : ما عدا الصّدقة ، ونحوها ممّا يقبل النّيابة كالدّعاء ، والاستغفار ، لا يفعل عن الميّت كالصّلاة عنه قضاءً ، أو غيرها ، وقراءة القرآن ، لقوله تعالى : « وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إِلا مَا سَعَى » هذا هو المشهور عن الإمام وهو مذهب المالكيّة .
ولكنّ المتأخّرين من الشّافعيّة ذهبوا إلى أنّ ثواب القراءة يصل إلى الميّت وحكى النّوويّ في شرح مسلم والأذكار وجهاً أنّ ثواب القراءة يصل إلى الميّت .
واختاره جماعة من أصحاب الشّافعيّ منهم ابن الصّلاح والمحبّ الطّبريّ ، وصاحب الذّخائر، وعليه عمل النّاس ، و « ما رأى المسلمون حسناً فهو عند اللّه حسن » .
قال ابن قدامة : وأيّ قربة فعلها وجعل ثوابها للميّت المسلم نفعه ذلك إن شاء اللّه ، أمّا الدّعاء والاستغفار والصّدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافاً إذا كانت الواجبات ممّا يدخله النّيابة ، وقد قال اللّه تعالى {والَّذينَ جَاءوا مِنْ بَعْدِهم يَقولونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لنا ولإخْوَانِنَا الَّذينَ سَبَقُونَا بالإيمَانِ} .
وقال تعالى : {واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وللمؤمنينَ والمُؤمناتِ} { ودعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة حين مات } ، { وللميّت الّذي صلّى عليه في حديث عوف بن مالك ، ولكلّ ميّت صلّى عليه } ، { وسأل رجل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه إنّ أمّي ماتت فينفعها إن تصدّقت عنها ؟ قال : نعم } ، رواه أبو داود. صحيح
وروي ذلك عن سعد بن عبادة ، « وجاءت امرأة إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول اللّه إنّ فريضة اللّه في الحجّ أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الرّاحلة أفأحجّ عنه ؟ قال : أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم ، قال: فدين اللّه أحقّ أن يقضى » وقال للّذي سأله « إنّ أمّي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها ؟ قال : نعم » .تعيليق: صحيح
2- ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « ما من أحد مرّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا ، فسلّم عليه إلّا عرفه وردّ عليه السّلام » .
وورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « أنّه أمر بقتلى بدر ، فألقوا في قليب ، ثمّ جاء حتّى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم : يا فلان ابن فلان ، ويا فلان ابن فلان ، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ، فإنّي وجدت ما وعدني ربّي حقاً ، فقال له عمر : يا رسول اللّه ، ما تخاطب من أقوام قد جيّفوا ، فقال عليه الصلاة والسلام : والّذي بعثني بالحقّ ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنّهم لا يستطيعون جواباً » .تهليق: رواه الشيخان
وورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إنّ العبد إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه إنّه ليسمع قرع نعالهم » ، ولهذا أمر النّبي صلى الله عليه وسلم بالسّلام على الموتى ، حيث جاء أنّه صلى الله عليه وسلم كان يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : « السّلام عليكم أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ، وإنّا إن شاء اللّه بكم للاحقون » . تعليق: صجيج
قال ابن القيّم : وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد ، والسّلف مجمعون على هذا ، وقد تواترت الآثار بأنّ الميّت يعرف زيارة الحيّ له ويستبشر به
المصدر منتديات القوميون الجدد
وجاء في فتاوى العزّ بن عبد السّلام : والظّاهر أنّ الميّت يعرف الزّائر ، لأنّا أمرنا بالسّلام عليهم ، والشّرع لا يأمر بخطاب من لا يسمع .