طارق حسن رئيس مجلس الادارة
عدد المساهمات : 2533 تاريخ التسجيل : 22/09/2013 الموقع : الوطن العربى
| موضوع: هدية خاصة جدا 03/12/13, 04:38 am | |
| أجاثا كريستى
هدية خاصة جداً....؟؟!!
أحس القس "كينيث كالنج" بالحرج والارتباك وهو يتناول قدح الشاي من يد "كلارا ديفوريست",لقد وجد من واجبه أن يواسي هذه السيدةالتي تعد من أخلص رعايا كنيسته ولكن ماذا يقول لها؟لم تكن هناك تقاليد معينة يستطيع إتباعها للتعبير عن عطفه على هذه السيدة في نكبتها. لقد رحل زوجها ولكنه رحل برضائه على متن إحدى الطائرات إلى المكسيك وليس على أكف الملائكة إلى السماء أو أنَّ ذلك على الأقل ما تناقلته الشائعات. قالت الشائعات إنه سحب من البنك كل حسابه المشترك مع زوجته كما استولى على أثمن جواهرها ثم فر مع إحدى الشقراوات ولكن "كلارا" لم تقصد لهذه الشائعات بالنفي أو بالتأييد وقالت في تواضع وإيمان إنها تفضل الرضا بما قسم لها والصفح عن غدر زوجها. كان زواجها ب"جيسون ديفوريست" وهو أصغر منها بعشرين عاماً مقضياً عليه بالفشل منذ البداية وها هو قد فشل وانتهى الأمر. وقد شعر القس بارتياح شديد حين لاحظ أن الصدمة لم تفقدها هدوءها ومرحها وسرعة بديهتها .قال لها: -يسرني فعلاً أن أراك في خير حال -أنا فعلاً في أحسن حال...شكراً لك -ألست بحاجة إلى شيء..؟هل من خدمة أؤديها لك...؟ -إنني أقدر كرمك وأؤكد لك أنني لا أحتاج إلى شيء -إن شجاعتك وقوة إرادتك في مواجهة النكبة تثيران الإعجاب حقاً أية امرأة أخرى في مثل مركزك كان يمكن أن تنهار وتستسلم للحزن والبكاء -ولماذا أبكي..؟الواقع أنا لست آسفة على شيء ,لقد هجرني "جيسون" وأنا سعيدة بالتخلص منه. -ألا تشعرين بالغضب أو السخط..؟إن لهما في الواقع ما يبررهما.ونظر إليها بحدة,كان يهمه أن يراها حزينة باكية أو ساخطة غاضبة لكي يواسيها ويرفه عنها ويحاول بصلواته ونصائحه أن يطهر قلبها من أدران الحقد والضغينة ولكن يبدو أن قلب كلارا لم يكن بحاجة إلى التطهير, أجابت: -نعم إنني لا أشعر بشيء مما ذكرت . صحيح أن جيسون كان وغداً ولكنه كان وغداً ظريفاً وأنا لا أتمالك نفسي من الشعور نحوه بالامتنان والشكر فلقد منحني ثلاث سنوات رائعة ليس من حق امرأة في مثل سني أن تتوقعها.فألهبت كلماتها خيال القس على نحو لا يليق به كرجل دين ولا بها كامرأة في الخمسين ولم يسعه وهو يسبح في عالم الخيال إلا أن يعترف بأن لمضيفته ساقين جميلتين حقاً. قالت: -على العكس إنني كنت أتوقع السعادة وقد ظفرت بها والحقيقة أنني ما كنت لأتزوج جيسون لأي سبب آخر فقد كان فقيراً معدماً ووغد ميت الضمير وغبياً إلى أبعد الحدود وساذجاً إلى حد يدعو إلى الرثاء حتى في محاولاته لقتلي. فارتسم الهلع في وجه القس وصاح: -تقولين إنه حاول قتلك...؟ -حاول قتلي مرتين. الأولى: حين وضع مادة سامة في قدح حليب قدمه إلي في الفراش ,والثانية:حين دس السم في دواء أتناوله لقد استعمل الطريقة نفسها كما ترى وهذا يدلك على أنه مثل غيره من الشباب الأغبياء يفتقر إلى الخيال -ولكن لا شك في أنك أبلغت البوليس عن هاتين المحاولتين.. -لا ما الفائدة؟ لو أني فعلت ذلك لدمرت الصلة بيننا تدميراً تاماً وهي صلة كنت لا أزال أجد فيها كثيراً من المتعة -هل تعنين أنك لم تفعلي شيئاً على الإطلاق..؟ فأجابت وعلى شفتيها ابتسامة رقيقة: -بل فعلت . أفهمته أنني تصرفت في ثروتي بطريقة تمنعه من قتلي للاستيلاء عليها ولما وجد أنه لن يفيد من موتي لم يحاول أن يتعجل أمراً لا بد أن يحدث يوماً ما....المهم أنه اضطرب وارتبك كالأطفال حين أدرك أنني اكتشفت محاولاته. -يا له من وحش. -وعندما وجد أنني حرمته من الدافع الذي يغريه لقتلي شعر بأنه لم يعد هناك كذلك ما يحمله على البقاء معي...فذهب وصمتت لحظة ثم استطردت قائلة: -الواقع أني لست آسفة على شيء ولكني سأفتقده ولا بد أن أحتفظ بشيء يحيي ذكراه..إن ذاكرة الإنسان تضعف ويدركها الوهن كلما تقدم في العمر لذلك لا بد من الذكريات لإحياء الماضي. -إنه ذهب منذ أسبوع واحد ومن يدري فلعله يعود, فهزت كلارا رأسها ببطء وقالت: -لا لا أظنه سيعود لقد ترك رسالة قال فيها إنه ذهب إلى غير رجعة ثم إن الظروف التي اقترنت بفراره لا تجعله يتوقع أن تقابل عودته بالترحيب...من سوء الحظ أنني أحرقت الرسالة في لحظة غضب وكم يؤسفني الآن أنني فعلت ذلك. كان يجب أن أحتفظ بها, لأعيد قراءتها بين وقت وآخر, وأشعر بأنه موجود بروحه وإن لم يكن موجوداً بلحمه ودمه, فقال القس: -الواقع أنك سيدة مدهشة يا سيدة ديفوريست وفي هذه اللحظة دق جرس الباب الخارجي فنهضت كلارا وهي تقول: -معذرة يا سيدي القس. وبعد قليل, سمعها تتحدث إلى شخص بالباب...فنظر حوله وهو لا يزال مفتوناً بشخصية هذه المرأة الرائعة..ووقع بصره فوق المدفأة على آنية خيل إليه أنه لم يرى في حياته أجمل منها..وعادت كلارا بعد لحظات وبيدها لفافة صغيرة محزومة بخيط. وضعت اللفافة على الوائدة وقالت وهي تجلس: -إنه ساعي البريد ... هل تريد مزيداً من الشاي...؟ -لا شكراً لك لقد شربت كفايتي....كنت منذ لحظة أنظر بإعجاب إلى هذه الآنية التي فوق المدفأة..إنها آية في الجمال. فنظرت كلارا إلى الآنية طويلاً وقالت: -أحقاً؟ لقد أحضرها لي أخي كاسبار عندما جاء لزيارتي في الأسبوع الماضي. -سمعت أن أخاك جاء لزيارتك...إنه لعزاء جميل للإنسان أن يجد أحباءه حوله في ساعة الشدة. -نعم لقد جاء كاسبار على عجل حينما أنبأته تليفونياً بأن جيسون هجرني. ولكن لم يكن ثمة داعي إلى قدومه,لأنني لم أكن في مأزق أو شدة بل كنت في الواقع في خير حال ومهما يكن من أمر فإنه لم يمكث هنا سوى ليلة واحدة ورحل في صباح اليوم التالي. -لم يكن لي قط شرف التعرف إلى أخيك....هل يقيم بعيداً...؟ -على مسافة 300 كم من هنا, وصناعته خزاف وهو الذي صنع هذه الآنية التي أثارت إعجابك. -أحقاً؟ إنها تحفة جميلة. -الواقع أن الخزافة فن أكثر منها صناعة وقد طورها كاسبار حتى جعلها تجارة.إنه بدأ منذ بضع سنوات بحانوت صغير يبيع فيه منتجاته. ولكن الإقبال كان عظيماً إلى حد أرغمه على التوسع...وهو الآن يورد منتجاته إلى جميع المتاجر الكبرى في جميع المدن. -لا بد أنه مشغول جداً . -هذا صحيح....ولذلك عجل بالعودة في الأسبوع الماضي لإتمام كمية من الأواني طلبت منه على وجه السرعة ..إنه دقيق جداً في عمله ويصنع أوانيه بنفسه ولذلك فإن إنتاجه محدود. -إنني لا أعرف الكثير عن صناعة الخزف وأظن أنني يجب أن أقرأ المزيد عنها. -إنها صناعة مثيرة ومسلية...هل تعلم أن الآنية تخبز قبل تلميعها في أفران تربو درجة حرارتها على 1200 درجة مئوية...؟ -يا إلهي...! -ولكن النتيجة تدعو إلى الإعجاب كما ترى...إن هذه الآنية أصغر من أن تصلح للأزهار, ولكني سأحتفظ بها لشيء خاص جداً. وكان الحديث عن ارتفاع درجة حرارة أفران الخزف قد ذكّر القس بنار جهنم, وهو أمر لا يطيب له التفكير فيه, ولذلك نهض واقفاً واستأذن في الانصراف وشكرته كلارا على الزيارة ورافقته إلى الباب...وشيعته ببصرها حتى توارى ثم أغلقت الباب وعادت إلى الغرفة وتناولت اللفافة التي كانت قد وضعتها على المائدة...وتأملتها وارتسمت على وجهها دلائل الضيق. حقاً إن كاسبار لا يطاق...جميل أن يكون الإنسان مقتصداً....أما أن يكون شحيحاً إلى أن يبعث بشيء خطير وثمين كذلك الذي في اللفافة بالبريد العادي اقتصاداً لبضعة بنسات, فأمر يثير الهلع والاشمئزاز في وقت واحد معاً. إن موظفي البريد قلما يفتحون هذه اللفائف المرسلة بالبريد العادي, ولكن هب أن أحدهم فتح هذه اللفائف....! إن فتحها لا يحرجها ويحرج أخاها فقط...ولكنه قد يؤدي إلى كارثة تودي بهما معاً....وتناولت آنية الخزف من فوق المدفأة ووضعتها على المائدة ثم فضت اللفافة وأفرغت الرماد الذي بها في داخل لآنية.
المصدر منتديات القوميون الجدد
| |
|