طارق حسن رئيس مجلس الادارة
عدد المساهمات : 2533 تاريخ التسجيل : 22/09/2013 الموقع : الوطن العربى
| موضوع: انا والحمار .. حكاية شعب ... نشوى الحوفى 22/12/13, 09:00 pm | |
| أنا و«الحمار».. حكاية شعب! الكاتبه والاعلاميه المصريه ... نشوى الحوفى
رغم مرور ما يقرب من أربعين عاما على تلك الواقعة، فإننى لم أنسَها يوماً، بل كانت سبباً فى تخطى العديد من المواقف الصعبة فى حياتى، فقط كلما تذكرتها أبتسم وأتوكل على الله وأبدأ فى الركض مجدداً. كان عمرى نحو ثلاث سنوات ونصف السنة وكنت وقتها فى مرحلة ما قبل الحضانة فى مدرسة الراهبات الفرنسيسكان بمدينتى، دمنهور. وفى ذات يوم نزلت من عمارتنا القاطنة فى شارع لبيب محمود لأركب أتوبيس المدرسة، وما إن وصلت لباب العمارة حتى وجدت الأتوبيس يتحرك دون أن تتمكن صيحاتى من الوصول لأذن عم وديع، السائق، الذى سار فى الشارع الطويل، فوجدتنى، ومن دون تفكير فى منطقية النجاح فى المهمة، أجرى وأنا أحمل حقيبة المدرسة وراء الأتوبيس غير عابئة بصيحات أبى -رحمه الله- الذى كان يقف فى شرفة منزلنا بالطابق الخامس يطالبنى بالعودة لأننى لن ألحق بالأتوبيس. ظللت أجرى فى شارعنا خلف الأتوبيس وأنا أُمنى نفسى بأن يرانى عم وديع فى المرآة فيتوقف ويلتقطنى، لكن هذا لم يحدث، بل حدث شىء آخر مكننى من الصعود للأتوبيس، ليضحك أبى فى شرفة المنزل شاعرا بالفخر بطفلته التى لم تأتِ ولدا كما تمنى.. أكمل لكم الحكاية.. كان يقع فى آخر شارعنا من ناحية اليمين مسجد السد العالى، كان أمامه عمود نور مربوط به حبل حمار يجر عربة قمامة خشبية تركها قائدها لجمع القمامة من العمارات المحيطة بالمسجد! ولكن قبل أن يصل «عم وديع» لنقطة الالتفاف فى اتجاه اليمين، فك الحمار حبله المربوط فى العمود فجأة ووقف فى منتصف الشارع بشكل أعاق «عم وديع» عن إكمال مسيرته، ما اضطره لإيقاف الأتوبيس والنزول منه لإبعاد الحمار عن الطريق، وهو ما أتاح لى الوصول للأتوبيس والدق بكف صغير على بابه، فرأتنى مشرفته وفتحت الباب فى تعجب ثم أجلستنى ضاحكة وهى تقول: «توقف الحمار من أجلك»! بالطبع لم أدرك وقتها سوى أننى نجحت فى ركوب الأتوبيس. ولكن أبى لم يتوقف عن سرد تلك الواقعة على سمعى كلما شعر برغبته فى قدرتى على تخطى شىء ما، مؤكدا لى فى كل مرة يقصها علىّ أن الله يقف بجوار من يبذل الجهد حتى لو ظن الجميع استحالة تنفيذ المهمة. هكذا عشت حياتى أتذكر صورة الحمار وعدوى فى الشارع، كلما استصعبت أمرا من أمور الحياة لأدرك، فوق ما علّمه لى أبى، حقيقة مهمة مفادها ببساطة أن الله لا يطلب منا امتلاك القدرة ولكن يطلب منا امتلاك صدق النية وإخلاص العمل، هو وحده من يمتلك القدرة وهو وحده القادر على تنفيذ مشيئته إن أراد، لا يطلب الله منا إلا الجهد الصادق. وهكذا أدين للحمار بالكثير فى حياتى. وهذا ما يطلبه وطننا اليوم منا جميعاً، إخلاص العمل وصدق النية فى حبه وعلى الله فلنتوكل. لا تستصغروا عملاً يمكنكم تغيير الواقع به من حولكم، ولا تستصعبوا حلماً لا بد أن يبدأ الآن، الآن وليس غداً. أتذكر واقعه قرأتها فى كتاب «مشير النصر» الذى يحمل مذكرات أحمد إسماعيل، وزير الحربية فى أكتوبر 1973، حين روى أنهم طلبوا من قوات المشاة التى عبرت القناة بعد نجاح الضربة الجوية، بالصمود 24 ساعة أمام قوات العدو لحين الانتهاء من بناء الكبارى بين ضفتى القناة لعبور الدبابات والمدافع، بينما لم يكن مع تلك القوات سوى بنادق ومدفع مضاد للدبابات على الظهر مداه 600 متر، بينما مدى الدبابة لدى العدو 3000 متر! ونفذت القوات ما طُلب منها وأذاقت عدونا مرارة الهزيمة. فاصمدوا وثابروا وأخلصوا العمل من أجلكم ومن أجل وطنكم. المصدر منتديات القوميون الجدد | |
|