تحليلات أمريكية: «السيسى» يتبع سياسة مزدوجة فى غزة
«تريجر»: «السيسى» يكره «حماس».. و«فورين أفيرس»: علاقته بالحركة تشل يد مصر عن التأثير
الدبابات الإسرائيلية خلال عمليات الاجتياح البرى لغزة
سعت عدة قراءات أمريكية لإلقاء عبء غزة على مصر ورئيسها المنتخب عبدالفتاح السيسى، وسلطت الضوء على تأثر المساعى المصرية للوساطة من جراء الخلاف العميق بين الدولة المصرية وحركة حماس، دون أن تحمل إسرائيل مسئولية عملياتها العدوانية على القطاع، وذهبت إلى أن التأثير المصرى على حماس مرتبط بتحسن العلاقة بين النظام المصرى والإخوان.
وزعم الباحث إيريك تريجر أن المواجهات الجارية بين «حماس» وإسرائيل تكشف تعارضاً بارزاً فى آفاق السياسة الخارجية المصرية الجديدة وإمكانياتها، فالرئيس المصرى الجديد عبدالفتاح السيسى -حسب زعمه- يشارك وجهة النظر نفسها مع واشنطن وإسرائيل عن كون «حماس» منظمة إرهابية وتهديداً استراتيجياً، وبالتالى قلت قدرته وتراجع استعداده للاضطلاع بدور مصر التقليدى فى الوساطة بين «حماس» وإسرائيل. وقال تريجر إن النظرة السلبية للرئيس السيسى تجاه «حماس» تشكل تغيراً جذريّاً، فقد مثّل الرئيس المعزول محمد مرسى، قبل انتخابه فى يونيو 2012، نقطة الاتصال مع «حماس» ضمن «مكتب الإرشاد» التابع لجماعة الإخوان، ثم استقبل القيادات العليا للحركة فى القصر الرئاسى وسمح لنائب «حماس» وصديقه الشخصى منذ فترة طويلة موسى أبومرزوق بالإقامة فى إحدى ضواحى القاهرة، وخلافاً لذلك أمر نظام السيسى موسى أبومرزوق بمغادرة مصر وشنَّ حملة عسكرية شرسة لإغلاق الغالبية العظمى من الأنفاق الممتدة تحت الأرض من سيناء إلى غزة والتى غالباً ما تستخدمها «حماس» ومجموعات أخرى لتهريب السلاح خلال فترات الهدوء، وساهم الرئيس السيسى فى الجهود التى بُذلت للتضييق على «حماس».
وأضاف الباحث الأمريكى أن هذه العلاقة المتوترة بين السيسى و«حماس» تعرقل جهود واشنطن لإنهاء أحدث جولة من القتال بين الجانبين، وعلى خلاف أسلافه لم يتمكن السيسى من التأثير على «حماس» لدفعها إلى طاولة المفاوضات كما فعل المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال صفقة 2011 التى أدت لإطلاق سراح الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط وكما فعلت حكومة «مرسى» خلال وقف إطلاق النار فى غزة 2012، وفى الواقع طرح نظام السيسى على «حماس» عرضاً يقضى بأن تفرج إسرائيل عن السجناء الذين اعتقلتهم مؤخراً وأن توسّع منطقة الصيد على ساحل غزة، بينما تتيح مصر دخول مواد البناء إلى القطاع، إلا أن «حماس» رفضت هذا العرض وبدت القاهرة غير مستعدة لتقديم أى تنازل -كفتح معبر رفح بشكل دائم- ما قد يعزز تأثيرها على «حماس». مضيفاً: لكن الاجتياح البرى الإسرائيلى قد يدفع السيسى إلى تغيير نهجه، لأن الأعداد المرتفعة من الضحايا الفلسطينيين قد تجعل عزل السيسى لـ«حماس» مكلفاً سياسيّاً نظراً لتعاطف الشعب المصرى مع الفلسطينيين. وأشار «تريجر» إلى أن هذا التوتر الناتج عن كره السيسى لـ«حماس» من جهة وحاجته لأخذ الرأى العام المصرى بعين الاعتبار من جهة أخرى كان واضحاً فى الثغرة الكبيرة بين سياسة مصر وإعلاناتها، وفى حين يبقى معبر رفح مقفلاً فى الغالب بينما يفتح لفترات مؤقتة للسماح بدخول المساعدات وخروج الجرحى من سكان غزة، شجب المسئولون المصريون علناً الضربات الجوية الإسرائيلية.
وتلاقى تحليل «تريجر» مع ما أورده كل من بندت بارى وزاك جولد فى مطبوعة «فورين أفيرس» الشهيرة إذ قالا إن هناك تشابهاً كبيراً بين ما حدث فى 2012 وما يحدث اليوم، فالعمليات الإسرائيلية تطول المدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة وفى المقابل تصل صواريخ الجماعات الفلسطينية المختلفة إلى العمق الإسرائيلى بينما يبقى الفارق بين المشهدين هو علاقة القاهرة بحركة حماس. وأوضحا أن «حماس» تمتعت بوضعية خاصة إبان حكم الإخوان المسلمين وهى سرعان ما تغيرت عقب الإطاحة بالإخوان من حكم مصر، وأصبح النظر إليها كمجرد تابع للإخوان فى غزة يشكل تهديداً للأمن القومى المصرى، ووجهت مصر ضربات متتالية لتهريب الأموال والسلاح والأفراد الذى كانت تعتمد عليه حماس فى اقتصادها عبر الأنفاق التى شنت عليها الدولة المصرية حملة شرسة.
واستطردا قائلين: شعرت حماس بفقدان الصداقة السياسية فى مصر بشكل وثيق جداً، وتم عزلها إقليمياً، ونشأت الانقسامات الداخلية حول كيفية مواجهة التحديات الجديدة، مع مناقشات حول إحياء العلاقات مع إيران وكذلك عن التوازن للمجموعة بين الحكم والمقاومة. وأدت اضطرابات حماس أيضاً إلى تنافس الفصائل المسلحة على تحدى احتكار مجموعة للقوة فى غزة، على سبيل المثال من خلال الانخراط فى هجمات صاروخية غير منسقة ضد إسرائيل، وهذه الضغوط دفعت حماس للدخول فى اتفاق الوحدة مع حركة فتح التى تسيطر على السلطة الفلسطينية ومقرها الضفة الغربية، فى مقابل التخلى عن بعض السيطرة على غزة لحركة فتح، ولكن يبدو أن حماس تأمل فى الحصول على مساعدة مالية من فتح هى فى حاجة ماسة إليها بحيث يمكنها دفع رواتب موظفى القطاع العام.
منتديات القوميون الجدد