ورقة التوت سقطت عن عورة الإدارة الأمريكية ... ااكاتب سامى ابراهيم

ورقة التوت سقطت عن عورة الإدارة الأمريكية.. بقلم سامى ابراهيم

.




حاولت الإدارة الأمريكية كعادتها استغلال الكارثة التي ألمت بطائرة الركاب الماليزية "بوينغ– 77" في رحلتها "إم أتش 17" المتوجهة من امستردام إلى كوالالمبور في السابع عشر من تموز/يوليو الجاري على الأراضي الأوكرانية من أجل توسيع العقوبات الغربية على روسيا وعزلها كليا عن القارة الأوروبية ولم يثنِ الإدارة الأمريكية عن ذلك حتى هول هذه الفاجعة التي راح ضحيتها 298 شخصا


كما لم يتورع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الإعلان على وجه السرعة بأن المذنب في هذا الحادث الأليم هي الحكومة الروسية التي تدعم الجماعات الانفصالية في شرق أوكرانيا وتمدها بالسلاح بما في ذلك وسائل الدفاع الجوي ومن بينها صواريخ محمولة مضادة للطيران استخدمها الانفصاليون المدعومون من قبل موسكو في إسقاط طائرة الركاب الماليزية قاصدا بذلك تعبئة الرأي العالم الأوروبي والعالمي وحشده على عجل ضد روسيا قبل أن تجرى أي تحقيقات في الحادث وقبل أن تنكشف الحقيقة حوله.
العدمية الأمريكية تجاه حياة الآخرين
وليس من الغرابة أن يتصرف أوباما بهذه الطريقة الابتزازية وهذه العدمية في تضليل الرأي العام الأوروبي والعالمي إذ أن معظم الروؤساء الأمريكيين اتبعوا هذا النهج في تبرئة وقاحتهم تجاه الغير واستهتارهم بأرواح الآخرين ففي العام 1983 كلفت الاستخبارات الأمريكية طائرة الركاب الكورية الجنوبية القادمة من طوكيو إلى سيؤل باختراق الأجواء فوق أراضي الشرق الأقصى السوفييتي وبرصد وتصوير القواعد العسكرية فيه معرضة بذلك المسافرين للموت بسبب عدم انصياع قبطان الطائرة الكورية لأوامر طائرة سلاح الجو السوفييتي بالهبوط للتحقيق في حادث اختراق الأجواء السوفيتيية ولم يعتذر الرئيس رونالد رغين حينها عن فعلته هذه بل راح يقيم الدنيا ولا يقعدها ضد بلاد السوفييت واصفا إياها بأنها "منبع الشر".
كما لم يعتذر الرئيس جورج بوش الأب عام 1988عندما أسقطت السفينة الأمريكية "فيتشنيس" بصاروخ موجه طائرة الركاب الإيرانية في الخليج ظنا منها أنها طائرة حربية بل صرح بكل وقاحة "إنني لن أعتذر أبدا عن الولايات المتحدة مهما سيق من حقائق " بشأن هذا الحادث ومشى على خطاه ابنه الرئيس بوش الأبن عندما غزا العراق بحجة أن صدام حسين يملك أسلحة الدمار الشامل معتمدا على الصورة الشهيرة لكولن باوول وهو يلوح بانبوب اختبار فيه مسحوق أبيض وحين لم يعثر بوش الأبن على أي سلاح دمار شامل في العراق اكتفى بالقول "حصل خطأ في تقديرات الاستخبارات" بغض النظر عن زهق أرواح الآلاف وتشريد الملايين من العراقيين وتعريض العراق لموجات إرهاب لا ينتهي.
إنها العدمية الأمريكية "فالغاية تبرر الوسيلة" فيها وأرواح السوريين الذين قتلوا على يد المجموعات الإرهابية بالغازات السامة بررت هدف أمريكا بتجريد سورية من الأسلحة الكيميائية واليوم يحاول الأمريكيون استغلال حادثة مقتل ركاب الطائرة الماليزية المنكوبة بيد القوات الأوكرانية في تبرير غايتهم في فرض العزلة على روسيا فلا رادع قانونيا أو أخلاقيا أمامهم فإذا كانت الدول تستغل وقوع طارئ ما لتوظفه في خدمة سياستها فإن الأمريكيين يحققون مصالحهم بافتعالهم الحوادث حولها.
التحرك الروسي والفضيحة الأمريكية
ولكن تحرك الحكومة الروسية ووسائل إعلامها ونشاط قوات الرصد الفضائي واتصالات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوت الفرصة على الأمريكيين في استثمار هذه الكارثة الإنسانية فقد أكد الرئيس بوتين في مكالماته الهاتفية مع الزعماء الغربيين على ضرورة تنفيذ المبادرة الروسية حول وجود المراقبين الدوليين في نقاط التفتيش الروسية الواقعة على الحدود مع أوكرانيا مشيرا إلى أهمية بدء تحقيق دولي موضوعي وشامل من قبل الوكالة الدولية للطيران المدني في ملابسات تحطم الطائرة التابعة لشركة "ماليزيا ايرلاينس" في مقاطعة دونيتسك الأوكرانية وإلى ضرورة وقف إطلاق النار في جنوب شرق أوكرانيا بأسرع وقت ممكن كشرط ضروري لتأمين عمل الخبراء الدوليين في مكان تحطم الطائرة.
وفي مكالمته الهاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون دعا الرئيس بوتين الى عدم استخلاص استنتاجات سريعة وتصريحات مسيسة حول ملابسات تحطم الطائرة الماليزية قبل انتهاء التحقيق الدولي وأكد بوتين أن روسيا مستعدة لتقديم مساعدة في تنظيم وإجراء التحقيق الدولي في هذا الحادث وشدد على التعاون من أجل خلق ظروف ضرورية لعمل خبراء الوكالة الدولية للطيران المدني المشاركين في التحقيق في تحطم الطائرة الماليزية في أوكرانيا .
من جهة أخرى سلمت موسكو الاتحاد الأوروبي وجميع الشخصيات المعنية بالحادث معلومات وثّقها العسكريون الروس باللغتين الروسية والانكليزية عن النشاط الجوي المكثف للطيران الحربي والدفاعات الجوية الأوكرانية يوم سقوط الطائرة الماليزية ولم يصدر بعد أي تعليق من الاتحاد الأوروبي على هذه المعلومات بخلاف الولايات المتحدة الأمريكية التي سارعت للتشكيك بصحتها ما يدل على أن مثل هذا الرد كان متوقعا من الجانب الأمريكي وهذا أمر من حقهم ولكن إذا كانوا يشككون بهذه المعلومات فعليهم أن يقدموا أدلتهم ولكنهم حتى الآن لم يفعلوا ذلك إذ أنهم يحتجون كعادتهم في هذه الحالات بأن هذه المعلومات استخباراتية وقد تلحق الضرر بمصادرها.
حقائق الرصد الروسي للحادث
وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت الاثنين (21 تموز/ يوليو) إنها وثقت صورا ملتقطة بالأقمار الصناعية لتمركز أنظمة الدفاع الجوي الأوكراني شرق البلاد في يوم كارثة "بوينغ" الماليزية وإن مسار الطائرة المنكوبة ومنطقة سقوطها تقعان في مرمى الدفاع الجوي الأوكراني وأن 3 أو 4 من أنظمة "بوك" المضادة للطائرات كانت منتشرة في المنطقة يوم وقوع الكارثة (17 /تموز/ يوليو)بينما كانت قبل يومين من الحادث مركونة في ثكناتها بأوكرانيا وغير منتشرة في المنطقة وجرى سحبها بعد يوم في (18 تموز/ يوليو) منها.
وقال مدير دائرة العمليات العامة لهيئة الأركان الروسية الفريق أندريه كارتابولوف إنه تم كذلك رصد إقلاع طائرة أوكرانية "سوخوي - 25" ورصد اقترابها من الطائرة الماليزية حتى كانت على مسافة 3 إلى 5 كيلومترات منها وأضاف أن تصريحات كييف عن عدم تحليق أية طائرات بالقرب من "بوينغ" الماليزية كاذبة وتسائل: ما هو هدف تحليق "سوخوي" هذه بالقرب من الطائرة الماليزية المدنية؟ كما جرى رصد انحراف طائرة "بوينغ" الماليزية عن مسارها لمسافة 14 كم لكن أسباب هذا الانحراف لن تتضح إلا بعد تحليل المعلومات من "الصندوقين الأسودين".
وكانت وزارة الخارجية الروسية اعربت عن رضاها على تسليم قوات الدفاع الشعبي في دانتسك "الصندوقين الأسودين" للممثلين الماليزيين وعولّت على تسليمهما لمجموعة الخبراء الدوليين لإجراء التحقيق تحت إشراف الوكالة الدولية للطيران المدني وأعلنت عن استعداد روسيا للمشاركة في عملها وقالت إن "روسيا تراقب عن كثب سير التحقيق في أسباب كارثة الطائرة الماليزية في الأجواء الأوكرانية".
اعترافات أمريكية مبطنة
وأخيرا جاءت تقييمات على لسان مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية لم تتم تسميتهم لتقول إنه من المرجح أن يكون انفصاليون أوكرانيون مؤيدون لموسكو هم من أسقطوا طائرة الركاب الماليزية "بالخطأ" إلا انه لا دليل على تورط مباشر لموسكو في استهداف الطائرة الماليزية ويبدو هذا التقييم وكأنه وسيلة لتخفيف حدة اللهجة التي استخدمتها ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد روسيا عقب الحادث لآنها على علم يقين بمن ارتكب هذه الجريمة النكراء.
منتديات القوميون الجدد