إسرائيل تعترف لأول مرة.. مفاجئة المصريين لنا وفشل استخباراتنا بالتنبؤ بالحرب السبب فى هزيمتنا الساحقة.. عاموس يدلين: حرب أكتوبر أجبرتنا على تغير مفاهيم الاستخبارات وطورنا مصادر جديدة لضمان الإنذار المبكر
اعترفت إسرائيل لأول مرة على لسان رئيس سلاح المخابرات العسكرية السابق الجنرال عاموس يدلين، بأن هزيمتهم الساحقة فى حرب السادس من أكتوبر عام 1973، على يد قوات مصر المسلحة كان بسبب عنصر المفاجئة وفشلهم استخبارتيا فى التنبؤ بموعد الحرب.
وأضاف المسئول العسكرى الإسرائيلى السابق خلال حوار مطول مع مدير الشئون الرشق أوسطية شاؤول منشاه بالإذاعة العامة الإسرائيلية بثته عدة مرات بمناسبة الذكرى الـ 40 لهزيمتهم وذلك لتعلم العبر والدروس من هزيمتهم على يد المصريين أن ذكرى الحرب تمر مريرة على كل الإسرائيليين.
وقال منشاه فى بداية الحوار الإذاعى، إنه لتفادى نشوب مثل هذه الحرب مرة أخرى وتفاديها الحروب وسفك الدماء وضمان غد أفضل لأبناء وأحفاد شعوب هذه المنطقة فأنه أجرى الحوار مع يدلين لمعرفة الدروس من هزيمتهم بالحرب.
ووجهت الإذاعة العبرية سؤال ليدلين الذى يشغل حاليا مدير معهد الدراسات الأمنية فى جامعة تل أبيب، حول ما هى الدروس والعبر التى استقتها إسرائيل من حرب "يوم الغفران" – التسمية العبرية لحرب أكتوبر - خاصة فى موضوع الاستخبارات لكونها العامل الرئيسى فى مجريات تلك الحرب؟
وأجاب الجنرال الإسرائيلى السابق، قائلا: "فى شأن الاستخبارات تعلمت إسرائيل مدى أهميتها فى إعطاء الإنذار المسبق لنشوب الحرب وكذلك كونها أداة هامة لتحقيق النصر فى الحرب".
واعترف يدلين أن حرب أكتوبر كانت بمثابة فشل استخباراتى بالنسبة لإعطاء الإنذار المسبق لنشوب الحرب، مشددا على أنه حتى لا يتكرر مثل هذا الفشل، فقد غيرت إسرائيل مفاهيم الاستخبارات والأساليب كما طُورت مصادر استخباراتية إضافية لكى تضمن إنذارات كافية لاحتمال نشوب الحرب.
وحول تلك الأساليب الجديدة التى طورتها تل أبيب قال يدلين: "من المهم لفت النظر إلى أنه منذ تلك الحرب، هناك تعددية فى البحوث الاستخباراتية، ولم تعد التقديرات حصراً على مصدر واحد وإنما أقيمت مصادر إضافية لذلك فى الموساد والشاباك ووزارة الخارجية، واجبها عرض تقديرات بموازاة للاستخبارات العسكرية التى طورت دراسة الرأى الآخر للباحثين حتى إذا كانت مستوياتهم ليست رفيعة، وأصبح من الواجب عرض آرائهم لأرفع مستوى فى جهاز الاستخبارات".
وأضاف يدلين أنه أثناء أداء مهماته كرئيس لجهاز المخابرات العسكرية دأب على عرض مثل هذه الآراء حتى لوزير الدفاع ورئيس الوزراء، موضحا أنه قد أقيمت أيضا دائرة خاصة واجبها تشجيع عرض الرأى الآخر بهدف إثراء إمكانات التحليل واستنتاج النتائج.
وردا على سؤال هل حرب يوم أكتوبر المفاجئة وخاصة عبور الجيش المصرى قناة السويس والذى داوى كرامة المصريين الجريحة فى حرب 1967 يمكن رؤيتها كمنعطف تاريخى فى العلاقات بين العرب وإسرائيل، أو بمعنى آخر هل السلام بين مصر وإسرائيل هو نتيجة لتلك الحرب؟، أجاب يدلين قائلا: "ليس لدى أدنى شك فى أن حرب يوم الغفران أثرت على الجانبين بصورة متماثلة، حيث إن كليهما توصلا الى إدراك بوجود قيود للقوة العسكرية، وأنه من الأفضل الوصول إلى حلول سلمية وذلك لمصلحة الطرفين"، على حد قوله.
وأكد يدلين أن إسرائيل أدركت أنه ليس بمقدورها حسم المعركة تجاه العالم العربى قاطبة وإملاء شروط للوصول الى سلام، مضيفا أن المصريين أيضا أدركوا أنه على الرغم من توفر كل الشروط لصالحهم فى تلك الحرب كالمفاجأة التامة، ففى نهاية المطاف، فان الإسرائيليين تمكنوا من عبور القناة غرباً وغيروا مجريات الحرب، على حد زعمه، مضيفا أنه لذلك السبب فإن السبيل الأمثل للوصول الى حلول بين الشعوب هو إجراء المفاوضات لتحقيق السلام.
وأضاف الجنرال الإسرائيلى السابق: "فى اعتقادى أن حقبة 40 عاما من الزمن كافية لإقناعنا بأن تلك الحرب أوصلتنا الى إدارة أفضل للنزاع، وأن معاهدة السلام التى تم الوصول إليها عام 1979 أثبتت أهميتها فى حوالى 35 عاماً واجتازت أزمات كبيرة اجتاحت العالم العربى وحتى الإخوان المسلمون فى مصر خلال حكمهم للبلاد أدركوا أهمية السلام وحافظوا عليه.. وكلى أمل أن يتحول هذا السلام الى مثل يحتذى لتحقيق سلام مع دول أخرى"، على حد قوله.
ووردا على السؤال الأخير للإذاعة العبرية للمسئول العسكرى الإسرائيلى السابق هل لديك رسالة ما توجهها لجيراننا العرب؟، قال يدلين: "اعتقد أنه هناك سبلا جيدة للوصول إلى حلول بين الشعوب بدلا من الحرب التى سقط فيها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والتى أدت الى تدهور اقتصاد الجانبين واضمحلاله طيلة عقد من الزمن، وبدلاً من الاستثمار فى إنعاش الاقتصاد وتطويره استثمرنا حوالى ربع الناتج القومى فى القوات العسكرية".
وقال يدلين فى نهاية حديثه: "الرسالة واضحة وهى أن هناك سبلاً أفضل لحل النزاع بيننا وبين العرب، وحرب السادس من أكتوبر كانت ظاهرة سلبية وأما معاهدة السلام مع مصر فهى النبراس الذى ينبغى السعى إليه"، على حد تعبيره.
المصدر منتديات القوميون الجدد