يمكن تلخيص حراجة الموقف الخليجي والتحديات التي تواجهها حكوماته في ست نقاط اساسية تشكل قلقا، ومن المؤكد انها هيمنت على جدول الاعمال والجلسات المغلقة، وتشكل “صداعا” في الايام والاشهر المقبلة.
• اولا: ازمة الحج المتفاقمة بسبب مقاطعة ايران وحجاجها للموسم المقبل، نتيجة انهيار المفاوضات بينها وبين السعودية حول الترتيبات المتعلقة باداء 75 الف حاج ايراني لهذه الفريضة، فرغم “التنازلات” السعودية التي جرى تقديمها بخصوص اصدار التأشيرات في طهران عبر السفارة السويسرية، والسماح بنقل الحجاج على ظهر طائرات ايرانية، الا ان الوفد الايراني الذي زار مدينة جدة برئاسة السيد سعيد اوحدي اصر على قيام الحجاج الايرانيين بطقوس البراءة من الكفار، و”دعاء كميل” و”نشرة زائر”، وهو ما رفضه الجانب السعودي، وتريد السعودية من دول مجلس التعاون موقف داعما لها في هذه المسألة، والوقوف الى جانبها في حال حدوث تصعيد ايراني اثناء موسم الحج، خاصة من قبل حجاج من دول حليفة لها.
• ثانيا: بعد عام وثلاثة اشهر ما زالت “عاصفة الحزم” التي انطلقت حربا في اليمن تراوح مكانها، ولم تحقق اي تقدم ملموس، بل اعطت نتائج عكسية تماما، فالرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي ما زال يقيم في الرياض، والحوثيون وحليفهم صالح تحولوا الى “جيران صالحين”، لا بد من التفاوض معهم، بعد ان كانوا كفرة ومجوسا، ورأس حربة للمشروع الفارسي الذي يهدد المنطقة، والمدن التي تم تحريرها مثل عدن لم تعد آمنة، واخرجت قوات التحالف السعودي وطائراته قوات “القاعدة” من المكلا في حضرموت، لتعود اليها قوات “الدولة الاسلامية” باحزمتها الناسفة وسياراتها المفخخة، ولم يكن صدفة ان تعلن القيادة العسكرية السعودية عن التصدي لصاروخ باليستي اطلقه التحالف “الحوثي الصالحي” نحو جيزان عشية انعقاد القمةـ واعلان حدوث تقدم في مفاوضات الكويت.
• ثالثا: تواجه حكومات الخليج ازمة اقتصادية حادة نتيجة تراجع النفط وعوائده، وبات التقشف هو القاسم المشترك فيها جميعا، بسبب العجوزات الضخمة في الميزانيات وتآكل الارصدة المالية الاحتياطية، الامر الذي ادى الى حالة “تذمر” في اوساط المواطنين.
• رابعا: اصدار الكونغرس الامريكي قانونا يعطي الحق لاهالي ضحايا هجوم التجارة العالمي بمقاضاة المملكة العربية السعودية امام المحاكم الامريكية طلبا للتعويضات، بسبب تورط بعض امرائها في تمويل هذه الهجمات بشكل مباشر او غير مباشر، الامر الذي قد يترتب عليه تجميد الارصدة السعودية الرسمية، وربما غير الرسمية في الولايات المتحدة، لتسديد تعويضات قد تصل الى عشرات المليارات من الدولارات، ان لم يكن اكثر، ومن غير المستبعد ان يطالب يمنيون وسوريون وليبيون بتعويضات مماثلة لتدخل السعودية ودول خليجية اخرى عسكريا في بلدانهم، وفق القوانين نفسها.
• خامسا: رفع الولايات المتحدة مظلتها الدفاعية التقليدية عن دول الخليج التي كانت تستظل هذه الدول بظلها طوال السنوات السبعين الماضية على الاقل، وهذا ما يفسر اصدار القمة التشاورية قرارا بعقد قمة بريطانية سنوية، اي ان هذه الدول بدأت تعود الى “العم” البريطاني القديم مجددا.
• سادسا: تراجع الدور الخليجي تدريجيا في كل من سورية والعراق، فالتدخل الروسي قلب كل المعادلات في سورية، والتحالف السعودي التركي القطري يتآكل ويفقد زخمه السابق، ومفاوضات جنيف بين الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .والنظام في غرفة العناية المركزة، ومعارضة الرياض تواجه انقسامات واستقالات، والتحالف الامريكي الكردي بات البديل للتحالف الامريكي العربي في ملفي سورية والعراق، واستعادة القوات العراقية المدعومة بالحشد الشعبي لمدينة المفلوجة، في وقت يقف فيه “التحالف السني” موقف المتفرج، كلها عوامل مجتمعة، او متفرقة، تعكس انكماش الدور الخليجي وتراجعه.
د.محمد جبريل