مرسي في القصر.. نوادر وحكايات .. مصطفى بكرى
للكاتب والسياسى المصرى ... مصطفى بكرى
مصطفي بكري
2 ـ موكب الرئيس !
بدأ موكبه بعدد محدود من السيارات وقبيل سقوطه كان موكبه قد وصل إلي 65 سيارة مرافقة تناسي وعوده وتعهداته وأقنعوه بأن هيبته تزداد كلما تزايد طول موكبه
قال في خطابه بميدان التحرير 'لا أرتدي قميصًا واقيًا للرصاص' فاندهش حراسه وقالوا: 'الكذب بدأ يامرسي'!!
خصص لحفيده سيارة رئاسية وموكب خاص لأم أحمد وسيارات الرئاسة للأهل والعشيرة
صورته وهو يؤدي الصلاة في إيطاليا والحراس يحيطونه أثارت سخرية الجميع
في الحلقة الثانية من حلقات 'مرسي في القصر'.. كيف أصبح 'الموكب الرئاسي' للرئيس محمد مرسي، وحجم السيارات والحراسات مقارنة بنظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك والذي كان مرسي وجماعته يعيبون عليه دومًا المبالغة التي وصلت إلي حد السفه في التبذير والإجراءات الأمنية.. لقد تعهد مرسي في بداية حكمه بأن يبقي بابه مفتوحًا للجميع وقال: 'إنه لا يخاف سوي الله'، إلا أن الأيام أثبتت أن مرسي فاق في موكبه وإجراءاته كل الذين سبقوه.
كان مرسي منبهرًا بكل شيء، لا يصدق نفسه، يردد الألفاظ والمصطلحات، يكاد يقسم في اليوم ألف مرة، أرجوكم صدقوني 'أنا رئيس الجمهورية، أنا القائد الأعلي للقوات المسلحة، لم يكن أحد من المواطنين يشكك في أن الرجل أصبح بالفعل رئيسًا للجمهورية، ولكن المشكلة أن مرسي لا يريد أن يصدق نفسه'!!
لقد صدع مرسي رءوسنا قبيل الانتخابات الرئاسية وبعدها بالحديث عن البساطة والتلقائية، وعد أكثر من مرة بأنه لن يغلق بابه في وجه أحد، وأنه سيبقي مفتوحًا أمام الجميع، وقال إنه لا يخشي إلا الله، وإنه يتعهد بأن يبقي دومًا كذلك، ولن يسمح أبدًا للكرسي بأن يغيره، فالكرسي زائل والباقي هو محبة الناس!!
أراد مرسي منذ البداية أن يبعث بتلك الرسالة إلي الشعب، ها أنا أفعل، قالها الرئيس، ومضي إلي الجامع الأزهر في التاسع والعشرين من يونية، أي قبل أدائه القسم بيوم واحد، لقد نصحه خيرت الشاطر بأن يبدأ بصلاة الجمعة في الأزهر الشريف، أبدي مرسي مخاوفه، لكن خيرت وعده بالحشد الإخواني الذي سوف يحميه خلال أداء الصلاة، وأثناء إلقاء خطابه بميدان التحرير.
أبدي مرسي موافقته وقرر الذهاب إلي الأزهر، تحرك الحرس الجمهوري، انتشر في سرية، قام بتأمين مسجد الأزهر، وقبيل أن يمضي الرئيس إلي هناك، طالبوه بأن يرتدي 'الفانلة' الواقية من الرصاص، ارتداها ثم مضي إلي هناك.
كان موكب الرئيس في هذا الوقت محدودًا، تحرك إلي وسط العاصمة، وكان الآلاف من أعضاء الجماعة وتنظيمها الخاص في انتظاره، يحملون صوره، ويهتفون بحياته، نزل من السيارة الرئاسية، نظر إليهم، زائغ العينين وعلي وجهه ابتسامة السعادة، وأشار بكلتا يديه، وكأنه يقول لهم: 'اشهدوا بأني رئيس الجمهورية المنتخب'!!
دخل مرسي إلي صحن مسجد الأزهر، جلس في مقدمة الصفوف، أحاط به رجال أشداء، لقد طلبت الرئاسة من وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي أن يلقي خطبة الجمعة، اعتلي الشيخ منبر الأزهر، ذكَّر الرئيس بيوم دخول الفرنسيين إلي الأزهر بخيولهم، حدثه عن ضرورة تحقيق العدل والديمقراطية والمساواة التي ثار من أجلها الشعب، انهمرت الدموع من عيني مرسي، ركزت كاميرا التليفزيون علي المشهد الدرامي، واعتبرته حدثًا، خرجت الصحف تهلل للرئيس البسيط، طيب القلب، الذي بكي وأبكانا.
في اليوم ذاته قرر مرسي أن يذهب إلي ميدان التحرير، لقد وعد قبل ذلك بأن يؤدي القسم أمام نواب البرلمان، لكن مجلس الشعب كان قد تم حله في منتصف يونية 2012، بحث مكتب الإرشاد عن حل للخروج من المأزق، فأصدر تعليماته للرئيس بأن يؤدي القسم ثلاث مرات، مرة في ميدان التحرير اسـتجابة للثوار 'الإخوان طبعًا'، ومرة أمام المحكمة الدستورية 'مكره أخاك لا بطل'، والمرة الثالثة أمام نواب البرلمان والشخصيات العامة في القاعة الكبري بجامعة القاهرة.
جاء مرسي، دخل إلي الميدان، اعتلي المنصة، استقبله صفوت حجازي وقيادات الإخوان، كان الحرس الجمهوري قد استلم المنصة منذ قليل، ظل مرسي يصافح مستقبليه، إلي أن صعد لإلقاء خطبته، أحاط به ضباط وجنود من كل اتجاه، نظر مرسي إلي المحتشدين، أشار إليهم بيديه مرحبًا، أمسك بالميكرفون، يهتف: ثوار، أحرار، حنكمل المشوار، رددوا خلفه بحناجر قوية، صوره تزين الميدان والشعارات تحيط به من كل اتجاه.
لم ينتظر مرسي طويلًا، أمسك بالميكرفون، بدأ خطابه بلغة لم يتعودها الناس من رئيس الجمهورية قال لهم: 'أيها الأحباب الكرام، ياشعب مصر العظيم، أيها الواقفون في ميدان الثورة، يا من تشاهدوننا في البيوت، أيها المصريون في داخل مصر وخارجها، أهلي وأحبابي وأعزتي' ثم راح يوجه حديثه إلي جميع الفئات الاجتماعية بلا استثناء، وعندما تحدث عن سائقي 'التوك توك' قال الناس، ياسلام هذا رئيس من الشعب، يعرف الناس حق المعرفة، لقد جاء من بينهم، ولذك لن يتغير أبدًا!!
أطلق الرئيس وعودًا، وتعهدات كثيرة، وفجأة أزاح من أمامه حراسه بطريقة عصبية، عاد إلي الخلف خطوة، ثم تقدم إلي الأمام خطوتين، وراح يكشف صدره للجميع، حتي كاد يمزق قميصه، وقال بأعلي صوته: 'بابي مفتوح لكم، أنا لا أرتدي قميصًا واقيًا وأؤكد لكم أنني سأعمل معكم في كل لحظة من ولايتي الرئاسية'.
اندهش رجال الحرس الجمهوري، الرئيس يكذب، إنه يدعي بكل جرأة أنه لا يرتدي القميص الواقي، مع أنه كان يرتدي الفانلة الواقية من الرصاص والتي تظهر من بين ثنايا قميصه، وكان رجال الحرس يرتدونها أيضًا، لكن ماذا سيقولون؟، هل سيعترضون، أم يلتزمون الصمت؟! قال أحدهم: ربنا يستر، الرئيس بدأ حكمه بالكذب، أبشر!!
استمر مرسي في خطابه الحماسي بميدان التحرير قال وتعهد 'سأرسي مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية، وأزيل كل أشكال الظلم والتمييز، اعلموا أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن الله ليملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته، وهانحن نري أخذ الله للظالمين'.
أنهي مرسي خطابه، تعمد أن يزيح من أمامه رجال الحرس، كأنه يقول: لن يعيق تواصلي مع الناس أي حاجز، ولن أسمح لكم بفرض ستار حديدي من حولي كما كنتم تفعلون مع حسني مبارك.
مضي مرسي من ميدان التحرير، لكنه ظل حديث المصريين لأيام عدة، ياه علي البساطة، والتلقائية، إنه ابن الشعب، رجل المبادئ، هل رأيتم كيف ذهب إلي الميدان دون قميص واق للرصاص، هل تابعتم كيف كان يسلم علي الناس وكيف تحدث عن سائقي التوك توك؟ ظل مرسي هو عنوان الأحاديث في البيوت والمقاهي والمنتديات، صحيح أنه نسي في خطابه الحديث عن بعض الفئات مثل الفنانين والمبدعين وغيرهم، وصحيح أنه تجاهل أو نسي ذكر أسماء عدد من المحافظات التي أشاد بها، إلا أنه عاد وصحح ذلك في خطاب آخر!!
قبلها بأيام قليلة سعد المصريون أيما سعادة عندما قرأوا في 25 يونية 2012، أي في أعقاب إعلان فوزه بيوم واحد 'أنه طلب خلال زيارته قصر الاتحادية من القيادات المحيطة به تخفيف الإجراءات الأمنية من حوله، وتقليل عدد السيارات في موكبه الرئاسي، لعدم استفزاز المواطنين، وحتي لا تصاب حركة المرور بالشلل!!
في هذا الوقت اقترب منه أحد كبار المسئولين بالقصر الرئاسي وقال له هامسًا: 'إيه رأيك ياريس تيجي تسكن في قصر السلام، هذا القصر تم إعداده والانتهاء منه في زمن الرئيس السابق، حتي يسهل تأمينك ولا يحدث ارتباك في الشوارع أثناء انتقالك من شقتك بالتجمع الخامس إلي القصر الجمهوري بالاتحادية'.
ساعتها نظر مرسي إلي هذا المسئول وقال بحدة: 'الله هوه أنتوا حتلعبوا عليّ من دولقتي بقه، لأ يا حبيبي، أنا موش حسني مبارك، أنا محمد مرسي الثائر، ابن الشعب، أنا حفضل في شقتي في التجمع الخامس وموكبي لن يزعج أحدًا، ولن استفز أحدًا'.
انسحب المسئول الرئاسي في هدوء، حتي لا يتهم بأنه يريد أن يورط الرئيس، أو يغويه تمهيدًا لإفساده، فالرئيس لايزال بكرًا، ولا يرغب في أن ينغمس فيما انغمس فيه سابقوه!!
بعدها بأيام قليلة فكر مرسي في الأمر، طلب من أم أحمد 'زوجته' أن تعاين هذا القصر، وأن تبلغه برأيها، في الوقت الذي طلب فيه من قادة الحرس إفراغ العمارة التي يعيش فيها بالتجمع الخامس فأصبح الدور الأول منها للحرس والثاني والثالث لاقامته هو وحاشيته.
كانت أولي جولات الرئيس قد بدأت انطلاقًا من شارع التسعين بالتجمع الخامس حيث مقر إقامته، ثم اتجه الموكب إلي طريق الأوتوستراد ثم إلي مقر المحكمة الدستورية بالمعادي، وبعدها انتقل إلي مقر جامعة القاهرة حيث أدي القسم مجددًا، ثم إلي الهايكستب، حيث تسلم السلطة من المجلس العسكري.
كان الموكب يضم سيارات عديدة، لكن الأمر لم يكن مستفزًا في هذا الوقت، بل ربما كان الناس يثنون عليه مقارنة بالنظام السابق الذي كان يفرض إجراءات أمنية مشددة، تلزم جنود وضباط الأمن المركزي بالوقوف ساعات طوالاً في الشوارع وتحت أشعة الشمس الحارقة.
في هذا الوقت نشرت صحيفة الجمهورية في الأول من يوليو 2012 تصريحات للواء مصطفي راشد مساعد وزير الداخلية للإدارة العامة للمرور قال فيها: 'إن تعليمات وصلتهم من الرئيس مرسي تقضي بإلغاء المواكب وعدم إغلاق إشارات المرور أثناء سيره بالطرق في جميع جولاته وتحركاته حتي لا تتأثر الحركة المرورية ولا يشعر المواطن بالضيق'، وقال 'إنه تم تطبيق هذه التعليمات بالفعل، حيث تمت ملاحظة الحالة المرورية أثناء سير الرئيس فقط دون إغلاق للطرق التي جري تأمينها بإجراءات أمنية غير ملموسة لحماية الرئيس'.
وقال اللواء مصطفي راشد 'إن تعليمات الرئيس كانت صريحة وواضحة، لقد انتهي عصر التشريفات واصطفاف جنود الأمن المركزي'، وقال 'إنه شاهد في هذا الوقت موكب الرئيس مكونًا من سيارته وسيارات الحراسة وكان يسير وسط الجماهير بالطريق الدائري دون أن يتم إيقاف السيارات بالطريق وكان المواطنون داخل السيارات يلوحون له'!!
هكذا كانت البداية، ولكن يبدو أن مرسي كان من المؤمنين بنظرية 'دوام الحال من المحال' إذ سرعان ما انقلبت الأوضاع رأسًا علي عقب، وبدأ الجنود والضباط يحيطون به من كل اتجاه بطريقة مبالغ فيها سواء وهو في الطريق العام أو حتي داخل الأماكن المغلقة.
وعندما زار الرئيس المعزول إيطاليا وصلي في أحد مساجد روما كان مشهد الضباط الذين أحاطوا به من كل اتجاه أثناء أداء الصلاة مثيرًا للسخرية والدهشة، إذ تساءل الناس في هذا الوقت: إذا كان ذلك يجري داخل أحد بيوت الله رغم جميع الإجراءات الأمنية التي اتخذت قبيل دخول المصلين إلي المسجد، فكيف يكون الحال والرئيس خارج المسجد!!
لقد سخر العديد من الصحف ووسائل الإعلام الإيطالية من المشهد في هذا الوقت، خاصة بعد نشر الصورة التي التقطت لهؤلاء الضباط الذين أحاطوا بالرئيس من كل الاتجاهات وهو يؤدي الصلاة.
وفي 2 نوفمبر 2012 قام الرئيس محمد مرسي بزيارة إلي أسيوط وقيل إن تكلفة الزيارة وحدها لم تقل عن 8 ملايين جنيه، لقد تحولت مناطق مدينة الفتح والطرق المؤدية إلي قناطر أسيوط الجديدة إلي ثكنة عسكرية، حيث تسلم الحرس الجمهوري والقوات الخاصة 16 نقطة ساخنة في أسيوط، وتم إجراء مسح عسكري مخابراتي لتلك المناطق التي شكلت خط سير الرئيس، وتم تزويد أسطح العمارات بجامعة أسيوط بأفراد من القوات الخاصة والقناصة بطريقة استفزت قاطني هذه العمارات.
وبلغت قوة تأمين الرئيس في هذا الوقت نحو 12 ألف جندي وضابط، وأعلن مصدر أمني حالة الاستنفار في شتي أنحاء المحافظة، وقامت قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي بفرض كردونات أمنية وأغلقت مداخل ومخارج مناطق جامعة أسيوط وخزان أسيوط المؤدي إلي القناطر وأيضًا استاد الجامعة.
ورفضت قوات الحرس الجمهوري السماح لأصحاب المظالم بالاقتراب من الرئيس مما دفعهم إلي الهتاف ضده 'مرسي هو مبارك.. النظام هو هو.. والفقير روح بره'.
وجري أيضًا التصدي لعمال مصنع أسمنت أسيوط المحالين للمعاش المبكر والذين حصلوا علي أحكام بالعودة إلي أعمالهم، وإدارة الشركة ترفض التنفيذ مما دفعهم إلي إعلان سخطهم بأسيوط.
وأبدي المصلون في مسجد عمر مكرم استياءهم وعبروا عن غضبهم بالهتاف ضد الرئيس بعد أن تم منعهم من أداء الصلاة في المسجد بسبب وجود الرئيس بداخله.
وحلقت طائرات عسكرية في سماء أسيوط لتأمين زيارة الرئيس قبل وأثناء وبعد زيارته للمحافظة، وتم منع الإعلاميين والصحفيين من الدخول إلي قاعة الاجتماع، وتم فرض ما يشبه حظر التجول في شوارع مدينة أسيوط.
وتم استبدال خطيب مسجد عمر مكرم المعتمد من وزارة الأوقاف، وصرح د.عبد الرؤوف مغربي وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط 'بأن موضوع خطبة الجمعة سيكون عن 'وحدة الصف' وإنه سيلقي الخطبة القيادي الإخواني المعروف الشيخ محمد أبو الحسن بالمسجد'.
ولقد أثارت خطبة الشيخ الإخواني استياء المصلين لأنها حوت إطراء وأثناء علي محمد مرسي في الوقت الذي احتشدت فيه جموع من المواطنين في الشارع تهتف ضد مرسي وضد حكم الإخوان.
وأمام حالة الاستياء التي سادت جموع الرأي العام المصري خرج د.ياسر علي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة وأدلي بتصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط في 5 نوفمبر 2012 قال فيها 'إن المبالغة فيما تنشره بعض الصحف والمواقع الاخبارية بشأن حجم وتكلفة تأمين مواكب رئيس الجمهورية خلال زياراته للمحافظات ليس لها أي أساس من الصحة'.
وأكد ياسر علي أن قوة الحراسة المصاحبة للرئيس خلال زيارته لمحافظة أسيوط لم تتجاوز 600 فرد، وهو أقل عدد ممكن لحراسة رئيس مصر، وأوضح أن عدد القوات الأخري من المرور وغيره هي من داخل المحافظة وتهدف إلي تنظيم المرور أثناء الزيارة وحسن ضبط الوقت لإتمام جدول الزيارة.
وقال المتحدث الرسمي للرئاسة 'إنه في الفترة الأخيرة كثرت الادعاءات حول زيارات الرئيس للمحافظات وحجم الحراسة الخاصة بالرئيس وتكلفتها، وقال 'إن الطريق الذي تم رصفه في أسيوط خلال زيارة الرئيس طوله 800 متر وعرضه 12 مترًا بتكلفة لم تتجاوز 316 ألف جنيه، في حين أن طول الطرق التي تم رصفها بالمحافظة منذ أول سبتمبر حتي نهاية أكتوبر بلغت 11كم بتكلفة 7 ملايين جنيه.
ويومها ناشد ياسر علي وسائل الإعلام والفضائيات تحري الدقة فيما تنشره خاصة أن مصر تمر الآن بمرحلة دقيقة وتتطلب تكاتف الجميع للبناء بدلًا من التشكيك وإثارة مشاعر المواطنين.
كان كلام ياسر علي مثيرًا للسخرية في أوساط الجماهير خاصة أبناء أسيوط الذين شاهدوا بأعينهم موكب الرئيس والإجراءات الأمنية غير المسبوقة التي تم اتخاذها ضد المواطنين في هذا الوقت.
وسنفترض هنا أن كلام ياسر علي صحيح، وأن الرأي العام كان مبالغًا، وأن وسائل الإعلام والفضائيات كانت تعكس صورة مخالفة لما هو حادث علي أرض الواقع، فماذا عن الرأي في تعليق د.يسري حماد نائب رئيس حزب النور والمتحدث الرسمي باسم حزب النور.
لقد علق د.يسري حماد علي موقعه في الفيس بوك تحت عنوان 'موكب رئيس الجمهورية خطوة في طريق العودة إلي الوراء' قائلًا: 'إن النقد الذاتي ضرورة لاستمرار مسار التصحيح، خصوصًا أن الرأي العام يعتبر التيارات الإسلامية كلها تصب في إناء واحد وتأخذ من منبع واحد'.
وقال 'أعلم ونحن نبني أو نحاول بناء ما أفسده السابقون أن هناك صورة ذهنية سلبية عن النظام السابق وفي الوقت نفسه تتعارض تمامًا مع ما تعلمناه من أساسيات النظام، ولذلك هالني بشدة موكب البذخ الذي شاهده الجميع والدكتور مرسي يزور ميناء الدخيلة بالإسكندرية، حيث تعارض تمامًا مع الصورة الذهنية التي تعلمتها وتعلمها معي سيادة الرئيس من موكب النبي صلي الله عليه وسلم وهو يفتح مكة، وما كان عليه من التواضع الجم والتذلل الواضح لرب العباد.
وقال نائب رئيس حزب النور 'إنه شاهد نفس صورة التأمين الرئاسي التي لا تقل عما كان عليه الرئيس السابق من منع المواطنين من دخول الميناء يوم زيارة الرئيس بل منع من يحمل تصريحًا مؤقتًا من المواطنين من الدخول أيضًا.
وعندما ذهب الرئيس لأداء صلاة العيد وسط جيش من عربات الرئاسة في موكب بعد أقل من ثلاثة أشهر علي وصوله للسلطة، تم منع الكثير من المواطنين من أداء الصلاة، وأمام سخط الناس كان أعضاء الجماعة يردون عليه بالقول 'رئيسكم ملتحي ألا تكبرون'!!
ومع مضي الأيام تزايدت السيارات التي كان يضمها موكب الرئيس مرسي، إذا زادت علي موكب الرئيس الأسبق حسني مبارك بحوالي 13 سيارة، وكان موكب مرسي مكونًا من 2 عربة تمويه، 2 عربة إعاقة، 4 عربات حراسة، 5 سيارات حراسة لمرافقيه من الحرس الخاص، بخلاف سيارات الأمن والكشاف وشرطة الرئاسة وعربات كانت ترافقه بشكل مستمر لرفاعه الطهطاوي رئيس الديوان وأسعد الشيخة نائب رئيس الديوان وابن أخته وأحمد عبد العاطي مدير مكتبه وآخرين.
وكان مرسي قد أمر بزيادة عدد الضباط المرافقين له إلي 25 ضابطًا و30 صف ضابط أي بزيادة 13 ضابطًا عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، ناهيك عن القوات المرافقة له من جميع المؤسسات الأمنية.
وأثناء عودته من زيارة الصين وإيران قطع التليفزيون المصري ارساله لينقل للمشاهدين موكب الرئيس من المطار إلي قصر الاتحادية، وهو تقليد جديد طلب الرئيس مرسي نقله علي الهواء مباشرة.
وقد فوجئ المواطنون بحجم الموكب والإجراءات الأمنية التي جري اتخاذها والتي أدت إلي إغلاق جميع الطرق ومنع المرور علي الشارع الموازي المتجه إلي مطار القاهرة، مما أدي إلي تعطيل مصالح المواطنين، وهو نفس ما كان يحدث في زمن النظام السابق.
ولم تكن المواكب مصورة علي الرئيس، بل كان هناك موكب محدود لأم أحمد، وكانت هناك سيارات حراسة مرافقة للأبناء الذين كانوا يستخدمون سيارات رئاسة الجمهورية التي أصبحت مستباحة للأبناء والأصهار وأعضاء مكتب الإرشاد بل وللأحفاد.
وفي 21 يونية 2013 رصدت كاميرا صحيفة الوفد صورة لحفيد محمد مرسي يصطحبه أحد ضباط الأمن أثناء أداء الرئيس لصلاة الجمعة بمسجد القدس بالتجمع الخامس إلي سيارة رئاسية خصصت للحفيد بحراسة خاصة.
لقد كانت المشاهد مستفزة لجمهورالمصريين، تحمل تناقضًا لكل تعهدات الرئيس الذي قال إن 'بابي مفتوح للجميع'، فإذا به يوصد أبوابه في وجه الجميع، وقال إن موكبه الرئاسي لن يضايق أحدًا فإذا به يثير مشاعر الغضب لدي عامة المصريين.
إن ذلك هو الذي دفع د.سمير صبري المحامي إلي أن يتقدم ببلاغ إلي النيابة العامة في هذا الوقت يتهم فيه مرسي بإهدار المال العام، حيث قال إنه رصد موكب مرسي أثناء خروجه من مجلس الشوري مكونًا من 27 سيارة كما أن الوفد المرافق له كان يضم 42 سيارة ليصبح الموكب يضم 65 سيارة، وهو أمر لم يحدث في تاريخ مصر.
وهكذا راح مرسي يدمن الحياة الجديدة التي أنسته الناس، بل وأنسته مقولاته التي تعهد بها قبل وبعد الانتخابات الرئاسية، ليخرج علينا في ثوب جديد بعد أن اقنعوه بأنه كلما تزايد طول موكبه ازدادت هيبته.
الحلقة القادمة: عجائب رئاسية
شكرًا أبناء البحرين
ثلاثة أيام قضيناها في البحرين، كان الوفد علي مستوي رفيع، ضم شخصيات دينية وسياسية وإعلامية وفنية، برئاسة نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد.
كانت الزيارة بهدف مشاركة البحرين في عيدها الوطني، وتقديم الشكر إلي موقفها الداعم لثورة الثلاثين من يونية، التقينا شخصيات عديدة، رجال دولة ومثقفين وإعلاميين.
كانت اللقاءات مع جلالة الملك الشيح حمد بن عيسي، ومع سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد ومع رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان ومع وزيرة الإعلام د.سميرة رجب، قد دارت جميعها حول المخطط التآمري علي مصر والبحرين والمنطقة بأسرها.
لقد أكد الملك وقوف البحرين قيادة وشعبًا إلي جانب مصر، وأشار إلي التحديات الراهنة التي تواجه المنطقة وطالب بوحدة الصف العربي لمواجهتها.
وكان اللقاء مع رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان قد تعرض لأبعاد هذا المخطط، حيث أكد أن ما حدث في تونس كان يستهدف مصر، وأن ما حدث في البحرين كان يستهدف المملكة العربية السعودية.
وتعرض رئيس الوزراء للمخطط الإرهابي الذي يستهدف إحداث الفتنة في العالم العربي، وقال: إن الأمن والاستقرار هو عماد أي دولة أو كيان، وأنه إذا ما ضاع الأمن والاستقرار فلن تكون هناك تنمية ولن تكون هناك حرية بل ستسود الفوضي، وتنهار أعمدة الدولة.
قبيل هذا اللقاء بيوم واحد، كان الزميل الكاتب الصحفي المصري السيد البابلي قد دعاني لحضور لقاء الشيخ خليفة بن سلمان مع المواطنين، وهو لقاء أسبوعي مفتوح يستمع فيه الشيخ خليفة إلي شكاوي المواطنين وآرائهم.. وخلال اللقاء راح الشيخ خليفة يشرح أكثر من ساعة ونصف الساعة أبعاد هذا المخطط الرهيب الذي بدأ بالعراق وامتد إلي العديد من البلدان ومن بينها مصر والبحرين.
وأشار الشيخ خليفة إلي أن تجربة البحرين في مواجهة المخطط ارتكزت علي مصلحة الشعب البحريني ومصلحة بلاده خاصة أن هناك من كان يريد أن يدفع البلاد نحو الهاوية وأثني الشيخ خليفة في هذا اللقاء علي دور خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقال إنه صاحب مواقف مبدئية لا تنسي، وأنه حريص علي مصلحة الخليج ومصلحة الأمة.
في البحرين تشعر أنك في بلدك الثاني، هكذا تبدو الصورة لكل من يستمع أو يعايش شعب البحرين الشقيق، شأنه في ذلك شأن شعوب عديدة في الخليج وأمتنا العربية، وهو نفس ما عبر عنه سفير الكويت في مصر الشيخ راشد بن خليفة الذي رافق الوفد في الزيارة مصرًا علي وداعنا في المطار جنبًا إلي جنب مع وزيرة الإعلام وسفير مصر في البحرين.
تحية إلي البحرين قيادة وشعبًا، وحتمًا مصر لن تنسي هذه المواقف أبدًا، بل ستبقي دومًا خالدة في تاريخ البلدين.
أما الصديق العزيز الكاتب الصحفي السيد البابلي صاحب الشعبية الطاغية في أوساط المسئولين والمثقفين والإعلاميين، بل والعديد من القيادات الشعبية، فقد كان مثلاً ونموذجًا يحتذي للمصريين الذين يعملون خارج بلادهم فيقدمون الصورة المشرفة والنموذج الذي يحتذي.
لقد أشاد به رئيس الوزراء كثيرًا خلال الجلستين اللتين حضرتهما، وقال إنه إنسان قدم الكثير خلال فترة عمله في البحرين، وإنه ترك ذكري طيبة في نفوس أهل البحرين، وأن البحرين لن تنسي له ما قدمه.
لقد عمل السيد البابلي في البحرين لأكثر من خمسة عشر عامًا في مجال الصحافة والإعلام، واقترب كثيرًا من صناع القرار، لكنه قرر العودة إلي مصر، ولكن اسمه بقي عالقًا في ذاكرة البحرانيين.
المصدر منتديات القوميون الجدد