القرآن والسنة يؤكدان نعيم القبر وعذابه
ماذا يحدث في القبر؟ وهل صحيح ما يتردد على ألسنة كثير من الدعاة فوق المنابر ومن خلال الفضائيات الدينية عن نعيم القبر وعذابه؟ وكيف يتعرف المسلم على
هذا العالم الغيبي؟ أسئلة كثيرة تطرق عقل كل مسلم يريد أن يتعرف إلى حقائق دينه بعيداً عن وسطاء السوء الذين يرددون أساطير وخرافات يغيبون بها عقول
المسلمين وينحرفون بها عن طريق المعرفة الدينية الصحيحة التي تنير للعقول طريق الحق والخير .
يقول د .عبدالمعطي بيومي أستاذ العقيدة وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: في الأمور الغيبية جميعها التي لا يدركها العقل يجب أن نعتمد على القرآن الكريم
وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد ثبت سؤال القبر ونعيمه وعذابه في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الصحيحة . . فالله سبحانه وتعإلى يقول في سورة
إبراهيم: يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
والمراد بالحياة الدنيا مدة حياتهم في هذه الدنيا والمراد بالآخرة ما يشمل سؤالهم في القبر، وسؤالهم في مواقف القيامة .
والمعنى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الصادق الذي لا شك فيه في الحياة الدنيا بأن يجعلهم متمسكين بالحق ثابتين عليه طوال حياتهم، ويثبتهم أيضا بعد مماتهم بأن
يوفقهم إلى الجواب السديد عند سؤالهم في القبر، وعند سؤالهم في مواقف يوم القيامة .
وقد ساق العلماء جملة من الأحاديث النبوية التي وردت في سؤال القبر وفي نعيمه أو عذابه منها ما روي عن البراء بن عازب قال صلى الله عليه وسلم: المسلم إذا
سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فذلك قوله: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
كذلك من الآيات القرآنية التي أشارت إلى عذاب القبر قوله تعإلى في فرعون وشيعته: النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد
العذاب .
أي أن فرعون وأتباعه يعرضون على النار في الدنيا أول النهار وآخره وهم في قبورهم، وكذلك يكون حالهم في الآخرة، إذ يقول الله تعإلى لملائكة العذاب: أدخلوا
فرعون وأتباعه إلى جهنم وبئس المصير .
قال القرطبي في تفسيره: الجمهور على أن هذا العرض في البرزخ، واحتج بعض أهل العلم في ثبوت عذاب القبر بهذه الآية، فقد قال بعض العلماء: هذه الآية تدل
على عذاب القبر في الدنيا .
سؤال الملكين
وعن سؤال الميت في قبره وما يلقاه من نعيم أو عذاب يؤكد علماء العقيدة والغيبيات أن هذه الأمور الغيبية ينبغي أن نسلّم فيها بما ورد في القرآن والسنة النبوية ا
لصحيحة، وإلى جانب بعض الآيات القرآنية التي تحدثت عن نعيم القبر وعذابه وردت أحاديث نبوية شريفة منها ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله
عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أي ليسمع حركة انصرافهم أتاه ملكان فيقصدانه
فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل أي في محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله . فيقال له انظر إلى مقعدك من النار . .
\
أي: إلى مقعدك الذي كنت ستعذب فيه لو لم تكن مسلماً قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة فيراهما جميعاً .
وفي الصحيحين أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان من كبير أي ما يعذبان من أ
جل شيء كبير في نظركم ثم قال صلى الله عليه وسلم: بلى أي إنه لكبير عند الله أما أحدهما: فكان يسعى بين الناس بالنميمة . . وأما الآخر فكان لا يستبرئ من
بوله، وفي رواية أخرى: وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله .
إيمان كامل وعميق
وجاء في كتب السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله تعإلى بقوله: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات،
ومن فتنة المسيح الدجال .
وروي عن هانئ مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي عند
وقوفك على القبر؟
فقال: إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه المسلم فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه كان ما بعده أشد منه .
وهنا يقول د .إسماعيل الدفتار أستاذ الحديث بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: ما جاء به القرآن وما أخبرتنا به الأحاديث النبوية الصحيحة عن أ
احوال القبر من حيث السؤال والنعيم والعذاب يجب علينا أن نؤمن به إيماناً تاماً كاملاً عميقاً حتى نكون ممن قال الله تعإلى فيهم أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات
عند ربهم ومغفرة ورزق كريم .
وما دمنا نؤمن إيماناً عميقاً بنعيم القبر وعذابه، لأن الله تعإلى قد أخبرنا بذلك عن طريق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم كما أشارت الأحاديث النبوية السابقة فهل
من حقنا أن نعرف كيف يكون هذا النعيم أو العذاب؟
يجيب د .الدفتار: لا ينبغي أن يشغل المسلم نفسه بمعرفة كيفية هذا النعيم أو العذاب، لأن هذه الكيفية استأثر الله تعإلى بعلم تفاصيلها .
الأشقياء والسعداء
وقد بين لنا القرآن الكريم أن الأشقياء سيشعرون بسوء عاقبتهم وهم في سكرات الموت، وأن السعداء سيحسون بحسن عاقبتهم وهم في اللحظات الأخيرة من حياتهم .
قال تعإلى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم
عن آياته تستكبرون (الأنعام: 93) . وقال سبحانه:إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون
(فصلت: 30) .
ويسأل بعض الناس: هل نعيم القبر وعذابه يكونان لروح الإنسان أم لجسده أم لهما معاً؟
هناك اجتهادات كثيرة في الإجابة عن هذا السؤال . . لكن ما عليه سلف الأمة وأئمتها أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه،
وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وأنها تتصل بالبدن أيضاً، ويحصل معها النعيم أو العذاب ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى
الأجساد، وقام الأموات من قبورهم لرب العالمين، ومعاد الأبدان متفق عليه عند كل أتباع الأديان السماوية . وقال بعض العلماء: السؤال يقع على الروح فقط من
غير عود إلى الجسد، وخالفهم الجمهور فقالوا: تعاد الروح إلى الجسد أو بعضه كما ثبت في الحديث .
المصدر منتديات القوميون الجدد