من هي "الأم البطلة" في روسيا
مُنِح لقب "الأم البطلة" لأكثر من 750 ألف امرأة على مدى أربعين عاماً من لحظة إقراره. (RIA Novosti)
كان لقب "الأم البطلة" يمنح عندما يُتم الطفل الأخير سنته الأولى من العمر، على أن يكون الأطفال الآخرين على قيد الحياة.
وقد مُنِح لقب "الأم البطلة" لأكثر من 750 ألف امرأة على مدى أربعين عاماً من لحظة إقراره. بالإضافة إلى وسام "الأم البطلة"، كان هناك أيضاً ميدالية "الأمومة" من درجتين: الدرجة الأولى، وكانت تمنح إذا كان عدد الأطفال ستة، بما في ذلك الأطفال بالتبني. والدرجة الثانية إذا كانوا خمسة أطفال. وقد تم تقليد ميدالية "الأمومة" من الدرجة الأولى لأكثر من 1.5 مليون امرأة، ومن الدرجة الثانية- لأكثر من 2.7 مليون امرأة.
آخر مرة منح فيها هذا اللقب للنساء في روسيا كانت في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 1991 في عهد ميخائيل غورباتشوف. ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، طُوِي عهد هذه الجائزة. في بداية التسعينيات عانت البلاد من مشاكل اقتصادية و سياسية جمة. ولم يفكر أحد آنذاك بالديموغرافيا. ولم تَعُدْ السلطات إلى تكريم الأسر العديدة الأطفال إلَّا في وقت لاحق.
ففي شباط/فبراير 2008، اقترح دميتري ميدفيديف (وقد كان حينها النائب الأول لرئيس الحكومة الروسية) إحياء وسام "المجد الأمومي" السوفييتي على أن لا يمنح للأمهات فقط، بل وللآباء أيضاً. ولهذا السبب تقرر تغيير تسميته إلى وسام "مجد الوالدين". وقد بُدِئَ بمنحه فعلاً في عام 2009 لقاء "الخدمات الجليلة في تعزيز مؤسسة الأسرة وتنشئة الأطفال".
يمنح الوسام للوالدين اللذين أنجبا أربعة أطفال أو أكثر. مع مكافأة مالية (حتى عام 2013 كانت بمقدار 50 ألف روبل. أما الآن، فقد وصلت إلى 100 ألف روبل) تدفع مرة واحدة لأحد الوالدين. وفي شهر شباط/فبراير من هذا العام، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقليد وسام "مجد الوالدين" لتسعة أسر من مناطق مختلفة من البلاد. ومن بينهم أسر فيها 14 و حتى 16 طفل.
وقد كان ميخائيل سيرديوك، عضو "لجنة مجلس دوما الدولة للميزانية" والنائب عن حزب "روسيا العادلة" قد تقدم في شباط/فبراير 2013 باقتراح لإحياء وسام "الأم البطلة" وقدم مشروع قانون بهذا الخصوص إلى مجلس دوما الدولة، ولكنه لم يُقَرْ. والرجل بالمناسبة، ربُّ أسرةٍ كبيرة العدد.
لا علاقة بين الديموغرافيا والميدالياتترى نينا روسانوفا الأخصائية في التركيبة السكانية والخبيرة في معهد المشاكل الاجتماعية-الاقتصادية للسكان التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن الدعم المعنوي من قبل الدولة له أهميته للأسر عديدة الأطفال. بما في ذلك من خلال منح الأوسمة والألقاب الفخرية. ولكنها لا ترى أي علاقة أبداً بين الأوسمة وتحسين الوضع الديموغرافي. وتقول في ذلك: "بالطبع ما من أحد سَيُقْدِم على إنجاب خمسة أو عشرة أطفال فقط للحصول على وسام "المجد الأبوي".
تأجير الأرحام في روسيا
وإلَّا لَكان الأمرُ حماقةً مطلقة. ومع ذلك، فلهذه الجائزة قيمة معنوية لأنها تمنح لأناس حرموا أنفسهم من الكثير في سبيل تنشئة أطفالهم والحرص على العائلة". واتخاذ مثل هذا القرار في الظروف الاقتصادية المعاصرة لروسيا، أمرٌ في غاية الصعوبة. فوفقاً للإحصائيات، في أغلب الأحيان ينخفض المستوى المعاشي للأسرة مع ولادة كل طفل جديد، لأن عدد الأشخاص المنتجين في الأسرة لا يتغيير في حين يزداد المُعَالين.
وحسب كلام روسانوفا، فإن نسبة الأُسَر التي تمتلك عشرة أطفال أو أكثر قد انخفضت جوهرياً في الوقت الحالي مقارنةُ بزمن الاتحاد السوفييتي. وهذا مرتبط بالتغيرات العميقة للوضع الاجتماعي-الاقتصادي.
إلى ذلك، يبين استطلاع الرأي، الذي أجراه موقع (Superjob) في العام الماضي، أن (31%) من الروس القادرين على العمل مقتنعين بأن التقدم في الوظيفة يصبح أكثر صعوبة بالنسبة للمرأة بعد أن تلد. وعدد الذين يناصرون هذا الرأي في فئة الشباب، هو أكثر من ذلك وتصل نسبتهم إلى (42%). بينما يعتقد (20%) من الروس فقط، أنَّ تقدم المرأة الوظيفي يمكن أن يرتفع بعد الولادة لأن وجود الطفل يشكل حافزاً لها لأن تعمل بجدٍ أكبر لكسب المزيد.
من جهة أخرى، تشير أحدث البيانات التي نشرها مركز الأبحاث التابع لوكالة إتار-تاس، إلى أن (86%) من الروس يعتقدون أن عدد الأطفال في الأسرة ينبغي أن يكون اثنين أو ثلاثة
أطفال. بينما يرى (32%) أن عددهم يجب أن يكون ثلاثة أطفال أو أكثر. (علماً بأن الأسرة التي تضم أكثر من ثلاثة أطفال تعدّ أسرة عديدة الأطفال وفقاً للقانون الروسي).
الروس وخيار الأسرة والوظيفة
اللافت للانتباه، أن هذا المؤشر حافظ على معدله المرتفع (25%) حتى بين فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 34 سنة. ولكن في الواقع فإن عدد الأمهات كثيرات الأولاد في الفئة العمرية (40-49 سنة) أقل بمرتين أو بمرتين ونصف.
تعتقد لودميلا ريابتشينكو رئيسة حركة (العائلة. الحب. الوطن) المجتمعية، أن العديد من الأسر الكبيرة تصطدم بمشكلة اللامبالاة عند لجوئها لطلب المساعدة إلى هيئات الرعاية الاجتماعية الحكومية. حيث يُسْمِعُونَهم كلاماً بما معناه: "أنتم اللذين أنجبتم هؤلاء الأولاد فعليكم الآن حل مشاكلكم بأنفسكم".
تقول ريابتشينكو لا ينبغي السماح بمثل هذه اللامبالاة. فالأسرة يجب أن تكون على ثقة بأن الدولة ستقدم لها المساعدة وأنها تأخذ بالاعتبار أن هؤلاء الأطفال ثروة للمجتمع. ولا يكف السياسيون في التحدث عن ذلك على المستوى الفيدرالي. وما استحداث وسام "المجد للوالدين" إلَّا لإظهار أولويات السياسة التي وضعتها الدولة. ولكن على أرض الواقع، لا تلاقي هذه العائلات المعاملة المرجوة في المقرات المحلية لهيئات الرعاية الاجتماعية".
منتديات القوميون الجدد