الكبد والتغذية السليمة البروتينات تعد البروتينات وحدات البناء الأساسية المستخدمة في بناء أعضاء الجسم وأنسجته، كما تمارس دورا هاما في النظام المناعي لدى الإنسان. بسبب هذا الدور الهام للبروتينات في جسم الإنسان، يعتقد البعض أنه من المفيد تناول كميات كبيرة من البروتينات. ولكن، قد يكون لهذا التصرف الخاطئ ضرر بالغ، لاسيما عند مرضى الأذيات الكبدية. تكمن المشكلة في أن الكبد المريض غير قادر على العمل مثل الكبد السليم؛ فعندما يثقل كاهل الكبد بكميات كبيرة من البروتين، ويكون غير قادر على معالجتها كلها، قد يؤدي ذلك إلى اعتلال الدماغ الكبدي المنشأ (وهو حالة من التخليط الذهني الذي قد ينتهي بالغيبوبة). من جهة ثانية، فإن النظام الغذائي الغني بالبروتينات يزيد من نشاط إنزيم يدعى السيتوكروم ب450 المسؤول عن استقلاب الأدوية. وقد يؤدي هذا النشاط الزائد إلى زيادة احتمال تحول الأدوية إلى منتجات ثانوية قادرة على إحداث أذية في الكبد. يجب أن يجري ضبط كميات البروتين تبعا لوزن المريض ودرجة الإصابة الكبدية. ولكن، ينصح بتناول 0.8 غ من البروتين لكل كليوغرام من الجسم عند مريض مصاب باضطراب كبدي مستقر. ينبغي على المرضى المصابين باضطراب كبدي غير مستقر أو تشمع كبدي غير معاوض أن يقللوا من كمية البروتين في طعامهم ليكون بين 10-15٪ من النظام الغذائي. يجب أن يقتصر البروتين الذي يتناولونه على البروتين النباتي، فقد يؤدي الإكثار من البروتين الحيواني عند هؤلاء المرضى (والذي يحتوي على نسب عالية من الأمونيا) إلى الإصابة باعتلال دماغي، في حين تبين أن النظام الغذائي المحتوي على البروتين النباتي (الفقير بالأمونيا) لا يؤدي إلى هذه المضاعفة. الكربوهيدرات تقوم وظيفة الكربوهيدرات الأساسية على تزويد الجسم بالطاقة، ويمارس الكبد دورا رئيسيا في استقلاب الكربوهيدرات، حيث تعبر السكريات أو الكربوهيدرات قبل أن تتحول إلى طاقة إلى الكبد الذي يقرر مصيرها، فقد يقوم بإرسالها إلى الدم مباشرة لتزويد الجسم بشحنة فورية من الطاقة، أو قد يقوم بإرسالها إلى الدماغ أو العضلات تبعا لطبيعة النشاط الذي يجري القيام به (نشاط ذهني أو عضلي)، أو قد يعمد الكبد إلى تخزين السكر ليصار إلى استخدامه لاحقا. وتعد عملية الاستقلاب هذه منهكة للكبد (حتى الكبد السليم)، وبذلك عندما يتناول مريض الكبد كميات غير متوازنة من السكريات، فإنه يضيف عبئا إضافيا على كبده المريض أصلا، وهذا ما يفسر شعور العديد من مرضى الكبد بالإرهاق. يجب على مرضى الكبد اتباع نظام غذائي يحتوي على نحو ثلاثة أرباع النظام الغذائي من الكربوهيدرات، وتكون معظمها من الكربوهيدرات المعقدة (النشا والألياف). ويؤدي فقر النظام الغذائي بالكاربوهيدرات إلى زيادة الوارد من البروتين والدهون. الدهون تعد الدهون أكثر وسائل الجسم فعالية في حفظ الطاقة، حيث يحتوي غرام واحد من الدهون على ضعفي السعرات الحرارية التي تحتوي عليها عناصر غذائية أخرى. ولهذا السبب، يؤدي النظام الغذائي الغني بالدهون إلى زيادة الوزن أكثر من النظام الغذائي الغني بالسعرات الحرارية الناتجة عن السكريات أو البروتينات. من الضروري لمرضى الكبد أن يقللوا من مدخولهم من الدهون، وذلك عن طريق تجنب الأطعمة الغنية بها. قد تؤدي الزيادة في تناول الدهون إلى الإصابة بتشحم الكبد أو ما يسمى أحيانا بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي، ولا تنحصر المشكلة في حدوث التهاب الكبد الدهني فقط، وإنما تتعداها إلى تفاقم الأمراض الكبدية؛ فعلى سبيل المثال، يتسارع حدوث تندب الكبد عند مرضى التهاب الكبد سي المصابين بالتهاب الكبد الدهني أكثر من بقية المرضى. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من نقص هذا الاحتمال، فإن مرضى التهاب الكبد الدهني قد تحدث لديهم حالة تشمع كبدي أو فشل كبدي. ومن الجدير بالذكر أن الكبد الدهني يعد حالة مرضية غير صحية أبدا، حتى إنه لا يصلح للتبرع في عمليات زرع الكبد. كقاعدة عامة، لا ينبغي أن يزيد مدخول الفرد من السعرات الحرارية التي مصدرها الدهون على الثلث، في حين يجب ألا يزيد ذلك الرقم على العشر عند الأشخاص البدينين. بالرغم من أن التقليل ما أمكن من تناول الدهون أمر مهم، إلا أن تناول كميات صغيرة من الدهون الصحية له بعض المنافع، حيث يحتاج الجسم إلى بعض الدهون كي يتمكن من امتصاص الفيتامينات الذوابة في الدهن (وهي الفيتامينات A و D و E و K). ومن دون هذه الدهون سيصاب الجسم بعوز في هذه الفيتامينات، حتى إذا تناولها بصورة منتظمة. وقد يحدث هذا النوع من عوز الفيتامينات عند المصابين بأمراض الركود الصفراوي ، مثل تشمع الكبد الصفراوي . الفيتامينات والمعادن يعد الكبد مخزن الجسم الرئيسي للعناصر الغذائية، حيث إنه يقوم بامتصاص وتخزين فائض الفيتامينات والمعادن في الدم. وإذا لم يحتو المدخول الغذائي على كميات كافية من هذه العناصر، يقوم الكبد بتحرير الكمية التي يحتاج إليها الجسم منها في الدم. للكبد قدرة محدودة على معالجة الفيتامينات والمعادن، وبذلك فإن أية كميات منها تفوق طاقته سوف يجري إفراغها من الجسم. كما قد يتأذى الكبد من معالجة الكميات الزائدة من بعض الفيتامينات أو المعادن (وخاصة الحديد والفيتامين A والنياسين). عند اتباع المرء لنظام غذائي متوازن وصحي، فلسوف يجري تأمين جميع حاجاته من الفيتامينات والمعادن. ورغم ذلك، يعتقد الكثير من الناس بأنهم بحاجة إلى تناول المكملات الصنعية للفيتامينات أو المعادن، وذلك من باب الحيطة لا أكثر. قد يكون هذا الإجراء مقبولا عند الأصحاء، إلا أنه خطير جدا لمن يعانون من أمراض الكبد. لذا، فإن الجرعات الزائدة من الفيتامنيات ومكملات المعادن قد تضر مريض الكبد أكثر مما تنفعه. في الحقيقة، هناك استثناءات لهذه القاعدة؛ فقلة من الناس يتبعون نظاما غذائيا متوازنا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الناس يتبعون نظاما غذائيا نباتيا قاسيا، ولذلك يكون تناول مكملات للفيتامينات والمعادن إيجابيا لدى هؤلاء الأفراد. كما أن بعض مرضى الركود الصفراوي، مثل المصابين بتشمع الكبد الصفراوي، تسوء لديهم وظيفة امتصاص الفيتامينات. ولذا، فقد يحتاج بعض هؤلاء المرضى إلى مكملات الفيتامينات والمعادن. قد يحتاج المصابون بالمرض الكبدي الكحولي المنشأ إلى هذه المكملات بسبب استنزاف الكحول للعناصر الغذائية في أجسامهم. ومن جهة أخرى، تؤدي بعض الأمراض الكبدية إلى فرط مستويات بعض الفيتامينات والمعادن، كما في داء ترسب الأصبغة الدموية ، والذي هو مرض كبدي ناجم عن فرط مستويات الحديد. وبالعكس، هناك أمراض كبدية تترافق مع نقص في تراكيز الحديد، وقد يكون ذلك ناجما عن نزف داخلي، والذي يمكن أن يحصل في دوالي المريء النازفة الناجمة عن تشمع الكبد اللامعاوض.