مع تقدم الجيش الليبي نحو طرابلس، ودعوة حكومة عبد الله الثني إلى العصيان المدني في العاصمة، يبقى البعد الخارجي حاضراً في الأزمة الليبية، فما هي الأبعاد الخارجية في المشهد الليبي؟
التدخل الغربي في ليبيا قد يكون فرنسياً فقط لتأمين مصالح باريس في إفريقيا (أ ف ب)
تحاول حكومة عبد الله الثني استعادة السيطرة على طرابلس مدعومة بالجيش الليبي، بعدما أصبحت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر جزءاً أساسياً فيه.
الحكومة التي أعلنت حرباً لا هوادة فيها على من أسمتهم الإرهابيين الذين يسيطرون على العاصمة طرابلس، دعت المواطنين في العاصمة إلى دعم تحركها ضد حكومة الحاسي التي تتخذ من طرابلس مقراً لها.
قد يبدو المشهد على أنه صراع بين حكومتين على شرعية مفقودة في ليبيا منذ سنوات، لكن الواقع يشير إلى صراع آخر بين منطقين، منطق الدولة الذي تدافع عنه حكومة الثني واللواء خليفة حفتر، ومنطق الخلافة الذي يتبناه التكفيريون والمتشددون الذين يقاتلون في صفوف "أنصار الشريعة" في بنغازي و "فجر ليبيا" في طرابلس.
بعد إعلان درنة إمارة إسلامية ومحاولة فرض نفس السيناريو في مدن ليبية أخرى، لا سيما غرب البلاد، يبدو أن الإدارة الأميركية أعطت الضوء الأخضر لحكومة الثني التي تحظى باعتراف دولي على المضي قدماً نحو طرابلس إلا أن هذا لا يكفي، وفق الثني نفسه الذي طالب بدعم لوجستي دولي للقضاء على الإرهاب على حد تعبيره.
وهذه الدعوة قد تفتح الباب أمام التدخل العسكري الغربي الذي قد يكون فرنسياً أكثر منه أميركياً، للحفاظ على المصالح الفرنسية في افريقيا، ولا سيما بعد تحذيرات أطلقها الاتحاد الأوروبي مؤخراً من الخطر الذي يمثله الإرهابيون في ليبيا على الاتحاد، وهو ليس تحذيراً كما يراه مراقبون بقدر ما هو انذار بتدخل أوروبي وشيك لدعم حكومة الثني.
دعوات المجتمع الدولي إلى توحيد الجيش الليبي تتزامن مع قتال قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر تحت راية الجيش، وهذا التزامن وقع على أنغام اتفاق ضمني بين الرئيس السوداني عمر حسن البشير والمصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائهما الأخير في القاهرة والذي يقضي بعدم تدخل البشير في ليبيا لصالح الإسلاميين، حسب تسريبات صحافية.
لكن قرقعة السلاح لا تعني أن خيار الحسم هو عسكري بامتياز، فالتحضيرات مستمرة لانعقاد مؤتمر الجزائر تحت رعاية دولية، إلا أن التوقيت قد يتأخر قليلاً لحين سيطرة الجيش الليبي على طرابلس وفرض حكومة الثني نفسها بقوة السلاح على المنكرين لشرعيتها، عندها يكون الحوار بالنسبة للثني وحكومته من منطلق قوة لا من منطلق ضعف.
المصدر: الميادين