وقد انتهت مسودة قانون الصحافة والإعلام: تفاصيل المد لـ 65
بعد جولات طويلة من الحوار مع الجماعتين الصحفية والإعلامية وعشرات الجلسات العامة وانعقاد اللجان المتخصصة، انتهت اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية من إعداد مسودة قانون «تنظيم الصحافة والإعلام والحريات الصحفية والإعلامية» المكون من نحو 200 مادة، تضع كل القواعد الجديدة لهذا التنظيم، وتلك الحريات انطلاقاً من مواد دستور البلاد الجديد. وسوف تبدأ اللجنة، بحسب الاتفاق مع المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء فى مناقشة هذه المسودة بلجنة مشتركة برئاسته من ممثلى الحكومة مع ممثلى اللجنة الوطنية، للاستقرار على الصياغة النهائية لمشروع القانون قبل إقراره من مجلس الوزراء ورفعه للرئيس عبدالفتاح السيسى لإصداره بقرار بقانون. وتحتوى مسودة القانون على كثير من المكاسب لحرية الرأى والتعبير واستقلال الصحافة والإعلام عن كل السلطات فى البلاد وتنظيمهما بصورة حديثة وديمقراطية كما يقضى الدستور، كما تحتوى على بعض المكاسب التى يمكن اعتبارها تاريخية وتمثل حصيلة لنضال وسعى طويل من الصحفيين لتحقيقها.
ومن بين هذه المكاسب الرئيسية فى مسودة القانون المادة التى تلبى مطالب صحفيى المؤسسات الصحفية القومية بمد سن العمل لهم بها تلقائياً إلى 65 عاماً بدلاً من 60 حالياً، والمد لهم بصورة انتقائية سنة بسنة. وقبل استعراض مضمون وتفاصيل هذه المادة، تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الوطنية للتشريعات ستكون بعد كتابة هذه السطور وبالأمس مساءً قد انتهت من نظر تطبيق مضمون نفس المادة على العاملين بوسائل الإعلام المصرية القومية من إعلاميين وإداريين وعمال.
ويبدو النص المقر من اللجنة الوطنية لهذه المادة على النحو التالى: «سن الإحالة للمعاش ستون عاماً للصحفيين والإداريين والعمال بالمؤسسات الصحفية القومية، ويتم المد للصحفيين حتى سن الخامسة والستين. وللهيئة الوطنية للصحافة إصدار قرار بعدم المد للصحفى الذى لم يقض 20 عاماً على الأقل فى خدمة المؤسسات الصحفية القومية، منها السنوات الخمس الأخيرة متصلة، أو صدرت ضده عقوبة تأديبية من النقابة خلال آخر ثلاث سنوات. ويحصل من يتم له المد على مكافأة شهرية تعادل الفارق بين آخر إجمالى مرتب حصل عليه قبل إحالته للمعاش وقيمة هذا المعاش، على أن تزداد سنوياً بنفس نسبة العلاوة الدورية، كما يظل متمتعاً بميزة العلاج المقررة بالمؤسسة حتى بلوغه سن الخامسة والستين.
ويجوز المد للإداريين والعمال بقرار من مجلس إدارة المؤسسة، يحال للهيئة الوطنية للصحافة لاعتماده.
ولا يتولى أحد بعد سن الستين رئاسة مجلس الإدارة أو رئاسة التحرير أو أى منصب قيادى فى إدارة التحرير».
والمادة بهذا تحتوى على ثلاث فقرات تتضمن فيما يخص الصحفيين القواعد التالية:
1 - أن المادة تبدأ بالحكم العام المنطبق على كل العاملين بالدولة والخاضعين لهيئة التأمينات الاجتماعية بالإحالة للمعاش فى سن الستين، والحصول على قيمته من الهيئة بحسب المقرر لجميع العاملين بالدولة المحالين للمعاش.
2 - يقرر الجزء الثانى من الجملة الأولى من المادة بعد هذا الحكم العام المد التلقائى لجميع الصحفيين حتى سن الخامسة والستين بدون الحاجة لصدور قرار بهذا من أى جهة كانت، سواء بداخل المؤسسة الصحفية أو الهيئة الوطنية للصحافة.
3 - تعطى الجملة الثانية من الفقرة الأولى للمادة للهيئة الوطنية للصحافة سلطة إصدار قرار بعدم المد لمن لا يتوافر فيه أحد الشروط الثلاثة المشار إليها فيها، وهو ما يعنى أن القرار الوحيد الذى يصدر هو عدم المد فى حالة عدم توافر الشروط، بينما يتم المد بصورة تلقائية حتى سن الخامسة والستين بدون قرار من أى جهة.
4 - حرصت المادة على تأمين حقوق الصحفيين بعد المد التلقائى لهم عقب بلوغهم سن الستين وحصولهم على المعاش بحسب النظام العام للدولة بثلاثة طرق:
* عدم ترك تحديد المكافأة الشهرية التى يحصلون عليها أثناء فترة المد لتقديرات إدارة المؤسسة الصحفية أو الهيئة الوطنية التى قد تتأثر باعتبارات عديدة، وتم تحديدها فى نص القانون بأن تعادل الفارق بين آخر إجمالى مرتب حصل عليه قبل إحالته للمعاش وقيمة هذا المعاش، بحيث لا تتأثر التزاماتهم المعيشية بأى خفض فى دخلهم بعد تقاضى المعاش المقرر لكل منهم من هيئة التأمينات الاجتماعية.
* لمراعاة الزيادة السنوية فى التضخم وأعباء المعيشة، قررت المادة تمتع الصحفيين الذين يحصلون على تلك المكافأة بعد المد لهم بزيادة سنوية بنفس نسبة العلاوة الدورية المقررة لزملائهم الذين لم يحالوا إلى المعاش.
* نظراً لأهمية العلاج بالنسبة للزملاء الذين يتم المد لهم تلقائياً وثقل أعبائه عليهم وقد بلغوا ذلك العمر، قررت المادة أن يظلوا متمتعين بميزة العلاج المقررة لزملائهم المستمرين فى العمل بالمؤسسة حتى بلوغهم سن الخامسة والستين.
5 - تعد الشروط الثلاثة التى حددتها المادة لصدور قرار من الهيئة الوطنية للصحافة بعدم المد للصحفى المفتقد أحدها، منطقية تماماً، حيث إن قضاء عشرين عاماً من العمل بداخل إحدى المؤسسات الصحفية القومية من إجمالى 36 عاماً يقررها القانون للحصول على المعاش الكامل عند سن الستين، هو حد أدنى معقول لتمتع الصحفى بميزة مد عمله بمؤسسته خمسة أعوام أخرى. فمن غير المعقول ولا المنطقى أن يتم المد لمن لم يقدم للمؤسسة هذا الحد الأدنى المعقول من سنوات الخدمة. أيضاً فإن اشتراط استمرار الصحفى فى عمله بمؤسسته بصورة متصلة خلال السنوات الخمس الأخيرة السابقة على وصوله لسن الستين، يعد أيضاً أمراً منطقياً للمد له بها، فلا يتصور أن يكون عاملاً خارجها حتى شهور قليلة قبل بلوغه الستين ثم يعود فجأة ليطلب تمتعه بميزة المد.
6 - أن جعل خضوع الصحفى لعقوبة تأديبية من النقابة خلال آخر ثلاث سنوات سبباً لعدم المد له يعد منطقياً من زاويتين: الأولى، أن قانون النقابة فى مادته رقم 37 يحرم الصحفى الذى يخضع لهذه العقوبة من الترشيح لمجلس نقابتها لمدة 3 سنوات، وهى عقوبة تنظيمية تحرمه من الحق الدستورى بالانتخاب والترشح، فيكون منطقياً بذلك أن يكون الخضوع لها سبباً لعدم المد له بعد الستين إذا خضع لعقوبة تأديبية. الزاوية الثانية، هى أنه لا تخوف من استخدام العقوبة التأديبية لمنع المد عن بعض الصحفيين، حيث إن الهيئة التى تقوم بتوقيعها حسب القانون تتشكل من ثلاثة أعضاء من مجلس النقابة وعضو من المجلس الأعلى وعنصر قضائى، ويسبقها خضوعه للتحقيق من جانب هيئة أخرى من ثلاثة أعضاء من مجلس النقابة، فيصبح التعمد بعد كل هذه الضمانات أمراً شبه مستحيل.
7 - أخيراً، ففتحاً للباب أمام تولى المناصب القيادية التحريرية بالصحف القومية، قررت المادة فى فقرتها الأخيرة «ألا يتولى أحد بعد سن الستين رئاسة مجلس الإدارة أو رئاسة التحرير أو أى منصب قيادى فى إدارة التحرير»، وهو الأمر الذى لم يسبق لأى تشريع منظم للصحافة المصرية القومية أن تضمنه منذ ما يقارب 55 عاماً.