بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ )[1]
نظر إلى الناس ورأى الأغنياء منهم فجحظت عيناه ونكس رأسه وحزن كثيرا وقال في نفسه :
إلى متى الفقر والحاجة , وإلى متى الفشل والاحباط , وإلى متى ....
في الحقيقة هناك أشياء لابد أن تعرفها أخي القارئ وهذه الأشياء هي من فقه الراحة وقلّما نرى من يكون أستاذا في فن الاسترخاء والراحة .
( المال – المركز والشهرة – الصحة )
هذه الأشياء نفكر فيها كثيرا حتى نتعب ومن الناس من حصل عليها جميعا ومنهم من حصل على بعضها ومنهم من فقدها جميعا .
( الرضا – القناعة – الاهتمام – الجدية – الصبر ...)
لقد أعطانا الله الكثير من النعم والكنوز والهدايا ومنها أننا نسمع ونبصر ونتكلم ونمشي ونفهم ومع هذه النعم العظيمة ما زلنا نقول فلان غني وفلان وفلان . لماذا ننظر إلى الناس ولدينا الهدايا والنعم العظيمة من الله تعالى .
في الاية التي ذكرتها في بداية الموضوع لفتة طيبة جدا لمن يفهمها وهي قوله (فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ) بعيدا عن الملك لقد قرأت في تفسير القرطبي (فَمَا أَعْطَانِي مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْمُلْكِ وَالنُّبُوَّةِ خَيْرٌ مِمَّا أَعْطَاكُمْ )[2] في الحقيقة لايفرح بالدنيا إلا من فرح بها وامتلأ قلبه بحبها ولا يحب الفاني إلا من فقد الاحساس بالباقي . وقناعة النبي سليمان عليه السلام أن الهدف هو الاساس ولابد من إنجاز المهمة فهذه الشواغل التي تطرأ علينا في طريق الانجاز لابد أن ندرك ضررها علينا ولا نلتفت لها .
فإذا صادفتك هذه الأمور وأنت في طريق التحقيق فإياك أن تنخدع بها :
- التثبيط من قبل الناس وتذكر ان تغلق أذنيك فسماعهم لن يتيح لك النجاح .
- والخوف من الفقر وجعله عقبة فالنجاح ليس بالغنى وإنما طريق النجاح الثبات والعزم وكما قيل ( من ثبت نبت ) فلو زرعت شجرة في حديقة منزلك وفي كل أسبوع تحفر تحتها وتنقلها إلى مكان جديد فلن تنبت لأنها لم تستقر في مكان واحد .
وفي النهاية لابد أن نفهم أن تحقيق الهدف هو المراد من الحياة فنحن لم نخلق إلا لهدف ولهذا لابد أن نكون أصحاب أهداف .
لا تقل أنا فقير لا أستطيع أو أنا مشغول ليس لدي طريقة أو فراغ , إنما الإنجاز بالمثابرة فجرّب ان تسعى فمتى سعيت بصدق هيّأ الله لك أسباب النجاح .
وإذا رأيت طريقا مغلقا اتجه إلى طريق آخر فيما يرضاه الله تعالى ولا تجع النملة أحسن منك وقد ميّزك الله بالعقل فالنملة إذا وضعت يدك وسددت طريقها اتجهت فورا إلى طريق آخر ولو بقيت ليوم كامل تسد طريقها لن تجدها متعبة أو جالسة أو يائسة , إنه فن المثابرة