ما أصاب أوروبا وأنقرة اللاهثة للحصول على الجنسية الاوروبية من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة ثانية، الا كالمثل القائل "سمن كلبك يأكلك".. باختصار هذا تفسير ما يجري من رعب وفقدان للأمن في كل أنحاء أوروبا، جرّاء تفجيرات إرهابية في بعض الدول وتهديدات بحصولها في دول أخرى.
نعم، "هذه بضاعتكم ردت إليكم".. ليس من عادتنا ولا من قيمنا الاخلاقية.. وليس من طبعنا الشماتة.. ولكن ما ذنب هذه الشعوب إذا كان القدر قد اختار لها حكاماً يسيل لعابهم أمام المال الوهابي ويصلون الى قمة الثمالة عندما يحتسون النفط الخليجي بشراهة، حكام سلموا بلدانهم لقطعان الوهابية تصول وتجول بغطاء "مراكز الاديان لحوار الحضارات" التي يشرف عليها مباشرة دعاة الوهابية.
وراء كل ذلك وبتأمل بسيط نجد أن "الصهيوداعشية" تسعى الى تدمير الاسلام وإحراق أهله، وتعميق فكرة ارتباط الارهاب بالإسلام، ففي فرنسا كانت "غزوة باريس"، وبعدها أنقرة الام الرؤوم لأولادها الداعشيين، واليوم "غزوة بروكسل" والنتيجة مئات الأبرياء بين قتيل وجريح.. من هنا لابد أن نتوجه لشعوب أوروبا برسالة مفادها أنه "إذا عرف السبب بطل العجب"، أولاً.. عليكم أن تغلقوا سفارات الوهابية(مراكز الاديان) في بلدانكم، ثانياً.. عليكم اكتشاف صلة الرحم بين الوهابية والصهيونية، ولوموا أنفسكم لان وزر حكامكم تلاحقكم لعنته.
الحالة الامنية في أوروبا في حالة يرثى لها، فالهزات التي يحدثها تنظيم داعش لها ارتدادات ليس فقط في مطارات ومحطات القطارات في بلجيكا التي سقط فيها مئات القتلى والجرحى، بل تعدى ذلك الى كل أنحاء القارة العجوز التي أرادت إحياء شبابها بالسماح لابو دجانة البلجيكي وابو قتادة الفرنسي وابو البراء الانكليزي وغيرهم من وهابيو أوروبا اختراق حدودها فارين من المناطق التي زرعتهم فيها حكوماتها أو وافقت لهم باجتياز حدودها الى سورية والعراق.
وهذا ما يفسر وفقاً لمصدر دبلوماسي فرنسي سابق عجز المؤسسة الحاكمة في أوروبا على مستويات الأمن والدبلوماسية عن معرفة مصادر قوة التشكيلات الإرهابية وتجذّرها في أوروبا وفشل محاولات الاستئصال والسيطرة التي تقوم بها وزارات الداخلية وأجهزة الاستخبارات.
والسؤال الذي لابد من الاجابة عليه للرأي العام العالمي، وليس الاوروبي فقط هو أن عشرات آلاف الغارات والضربات لتحالف واشنطن وأوروبا منذ أكثر من سنة ونصف ضد مواقع التنظيم لو كانت جدية هل كانت ستؤتي أكلها وسيجني الاوروبيون ثمارها، والاهم أن من يمارس نشاطه في قلب أوروبا ليسوا أفراد متخبطين بل عبر شبكات منظمة في مدن أوربية، تسمح لهم بالتواصل المباشر مع مراكز "الخلافة" في الرقة والموصل، والآن في ليبيا.
في السلطنة العثمانية الجديدة، لم يكن متوقعا أبداً أن تكون الحالة الامنية في أسوأ حالاتها الى درجة انعدامها، في مدنيتين هما أساس السياسة والاقتصاد التركي العاصمة انقرة واسطنبول، وذلك في اختراق واضح للهدنة غير المعلنة بين داعش وأردوغان، ولكن نعتقد أن السلطات التركية هي من خرقت الهدنة أولاً وذلك عبر الاتفاق الاوروبي التركي على مستقبل اللاجئين الذين يمثل الارهابيون جزءاً منهم، وذلك بعد الاجراءات المشددة التي بدأت تتخذها السلطات التركية في عبور الارهابيين الى أوروبا الذين باعتبارهم هذه خيانة عظمى من السلطان.
تقارير إخبارية أفادت أن أكثر من2000داعشي تركي ينتشرون في مدن تركيا وعلى شريطها الحدودي مع سورية، جهزهم أردوغان لغزواته في الشمال السوري وروضهم على القتل واستباحة المحرمات والمقدسات، لكن القوة السورية الروسية المشتركة كانت لهم بالمرصاد، فما وجدوا الا الارض التي أنبتتهم ليفرغوا فيها أحمالهم.
المبعوث الاممي الى سورية ستيفان ديمستورا اعتبر أن الرسالة من وراء الهجمات التي تضرب أوروبا هي ضرورة إنهاء الحرب على سورية، والتركيز على الخطر الحقيقي الذي يتهدد العالم"، فيما مصادر أوروبية تشير إلى أنه يجب ان تكون تلك الهجمات مقدمة لمراجعة سياسات أوروبية وأمريكية قصيرة النظر، فأوروبا تدفع ثمن نفاقها وتشجيعها خيار تسليم سورية للتنظيمات الإرهابية التي شكل "المجاهدون الاوربيون" قوتها الضاربة، وليس خافياً أن ذلك كان يجري بالتنسيق مع تركيا والسعودية وإسرائيل وبضماناتهم بعدم تعرّض أمن أوروبا للخطر من هذه المجازفة، فهل سنشهد مزيداً من الهجمات في أوروبا، أم أن ما يجري وجرى سابقاً، هو مقدمة لتسوية أممية مرتقبة للأزمة السورية؟
بقلم طارق ابراهيم