مؤتمر الإعتذار للقذافي: الساعدي، بلحاج،شريف (فندق الودان)
صباح الـ ـ23 مارس 2010، دخل كل من أمير الجماعة الليبية المقاتلة، عبد الحكيم بالحاج، المعروف باسم "أبو عبد الله الصادق"، والمسئول الشرعي للجماعة، سامي الساعدي، المعروف باسم "أبو منذر الساعدي"، والمسئول العسكري والأمني للجماعة، خالد الشريف، إلى قاعة المؤتمرات في فندق الودان بطرابلس، أين جلسوا أمام مراسلي وكالات الأنباء الأجنبية والسفراء وكاميرات التصوير.
كان سيف الإسلام القذافي يجلس هو الأخر ليس بعيداً. كانت المناسبة هي إطلاق سراحهم وسراح أكثر من 705 عنصر جهادي تابع للجماعة المقاتلة بعد حوار مع الدولة ومراجعات، اتضح فيما بعد أنها زائفة. انطلق المؤتمر الصحفي. كان خالد الشريف ورفاقه حليقي الذقون ونزعوا عنهم الجلابيب الأفغانية ولبسوا اللباس التقليدي الليبي.
خلال المؤتمر اعتذر أمير الجماعة، عبد الحكيم بالحاج من العقيد القذافي قائلاً " ننتهز هذه الفرصة لنكرر لكم اعتذارنا عن كل ما صدر منا بحقكم ابتداء وفي حق من أخطأنا فيه من أبناء شعبنا".
لم يمضي عام واحد على الواقعة، حتى تحول القذافي من "ولي أمر شرعي لا يجوز الخروج عليه بالسلاح"، وفقاً للمراجعات التي نشرتها الجماعة المقاتلة، إلى "طاغية يجب قتاله وقتل بأبشع الطرق". عام واحد كان كفيلاً باختبار مدى صدق المراجعات التي إنتقل بها "الجهاديون الليبيون" من ساحات القتل والدم إلى المجتمع.
كان خالد الشريف، المسؤول الأمني لــ "المقاتلة" أحد أبرز المشاركين في الحوار مع الدولة من داخل السجون وكان ثالث ثلاثة من الموقعين عليه ومن محرري المراجعات الفقهية التي صدرت تحت عنوان " مراجعات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس".
في تقرير نشرته منظمة "هيومن رايتس" يتحدث الشريف عن علاقته بالجماعة المقاتلة وخروجه من ليبيا:" وُلد شريف في طرابلس عام 1965 وغادر ليبيا في أبريل 1988 عندما كان يبلغ من العمر 23 عاماً بسبب "تدهور الوضع".
كان يدرس الصيدلة في طرابلس. بدأ هو وآخرون مجموعة لمحاولة قلب نظام الحُكم لكن تم إعدام أحد أصدقائه. بعد ذلك قرر هو وآخرون في المجموعة مغادرة ليبيا، بدافع من الخوف، وأيضاً للتنظيم والتدريب. غادر شريف ليبيا متجهاً إلى السعودية ومنها إلى باكستان ثم أفغانستان.
أصبح نشطاً للغاية في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، ثم أصبح نائب رئيس التنظيم. في عام 1995 انتقل إلى السودان، حيث قال إن الجماعة بدأت هناك بعض العمليات ضد الحكومة الليبية. ثم أُجبر على مغادرة السودان عام 1 996 فذهب إلى تركيا ومنها عاد إلى باكستان التي عاش فيها حتى عام 2002.
بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول ذهب واسرته إلى إيران، لكن تم القبض عليه في إيران وأُجبر على العودة إلى باكستان. عاد إلى باكستان في مطلع عام 2003. وفي أبريل من نفس العام ألقت السلطات الباكستانية القبض عليه ثم نُقل إلى مراكز احتجاز في أفغانستان، ليتم تسليمه للسلطات الليبية في العام 2005، ويحكم بالإعدام، لكنه أنقذ رأسه من المشنقة بــ" مراجعات زائفة".
بعد 17 فبراير، تغير كل شيء. تراجعت الجماعة المقاتلة عن مراجعاتها. وعادت إلى القتال وغنمت مليارات الدولارات من أموال الدولة الليبية. تحول قادتها من عناصر مطاردة في أفغانستان وسجناء في أبو سليم إلى رجال أعمال "وقادة لنظام الفوضى".
خالد الشريف أصبح "وكيلاً لوزارة الدفاع" و "أمراً للحرس الوطني" ومسؤولاً عن "سجن الهضبة" الذي يحوي كبار القادة في نظام العقيد معمر القذافي. أصبح الشريف "أمير حرب" يعين ويعزل ويقتل أيضاً. لكنه بقي وفياً لانتماءاته السلفية الجهادية المتطرفة حتى أنه لم ينسى أن ينشر تعزية في وفاة "الملا عمر" زعيم حركة طالبان القتيل، والذي يتمنى الشريف أن يؤسس إمارة إسلامية مثله ويحكمها بالحديد والنار والمال.