تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 64 |
((إِنَّ ذَلِكَ)) التخاصم بين القادة والأتباع المنجر إلى ذلك الكلام حول المؤمنين ((لَحَقٌّ)) كائن لا محالة ((تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)) بدل عن ذلك، أي أن ذلك التخاصم بين أهل النار حق ثابت لا شك فيه. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 65 |
((قُلْ)) يا رسول الله ((إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ)) مخوف لكم، إن بقيتم على الكفر والعصيان لتلاقوا هذا اليوم العصيب الذي سبق الحديث عنه، ((وَمَا مِنْ إِلَهٍ)) يحق له العبادة ((إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ)) الذي لا شريك له، ((الْقَهَّارُ)) لجميع خلقه يقهرهم على ما يريد بهم من الأمور التكوينية، فلا يعز الإنسان ما يرى من إسلاس القياد له في دار الدنيا للاختبار والامتحان. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 66 |
((رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا)) من الملك والإنس والجن وغيرها، ((الْعَزِيزُ)) الغالب في سلطانه، فلا يمتنع منه شيء، ((الْغَفَّارُ)) لذنوب عباده، فمن ندم وتاب غفر ذنبه، وقبل توبته. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 67 |
((قُلْ)) يا رسول الله لهؤلاء ((هُوَ)) أي ما أخبركم به عن المبدأ والمعاد، وسائر الأمور ((نَبَأٌ عَظِيمٌ))، أي خبر ذو عظمة تكون سعادة الإنسان وشقوته تابعة لتصديقه أو تكذيبه. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 68 |
((أَنتُمْ)) أيها الكفار ((عَنْهُ))، أي عن هذا النبأ ((مُعْرِضُونَ))، لا تعيرونه اهتماماً، كأنه ليس بمهم. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 69 |
إنه ليس كهانة أو سحراً أو شعراً كما كانوا يذكرون، وإنما هو وحي، وإلا فمن أين أدري أنا ماذا جرت بين الله والملائكة من محادثات حول أصل الخلقة؟ فإنه ((مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى))، يعني الملائكة ((إِذْ يَخْتَصِمُونَ))، يقال لكل تخالف في الرأي اختصاماً، وقد كان في ابتداء الخلقة أمر الله سبحانه طرفاً وفكرة الملائكة طرفاً آخر، أو أن المراد اختصام الشيطان مع الله في الملأ الأعلى. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 70 |
((إِن يُوحَى إِلَيَّ))، أي ما يوحى إلي ((إِلَّا)) لـ((أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ))، فلو لم أكن نبياً منذراً من أين كنت أعلم بماذا جرى في الملأ الأعلى؟ وإنما أعلم ذلك لأنه يوحى إلي حيث أني نذير ظاهر ورسول من قبل الله سبحانه، فليس النبأ أمراً هيناً، كما تزعمون أنتم من أنه نزاع بين "محمد" و"الكفار" فحسب، وإنما أمر مهم جداً هو أمر الوحي من الله إلى الأرض لتقرير المنهج العام للبشرية في هذه الحياة والحياة الآخرة. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 71 |
ثم بين السياق قصة اختصام الملأ الأعلى الذي كان إخبار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) له دليلاً على نبوته، وأنه يوحى إليه، وقد كان أمثال هذه العلوم في ذلك الزمان خاصاً برؤساء أهل الكتاب، حتى أن أحداً لم يكن يعلم من تلك شيئاً حتى بالمقدار الخرافي المحرف الذي كان مدرجا في التوراة والإنجيل، فإذا أخبر بذلك في صورة صحيحة رجل أمي كان دليلاً على اتصاله بالوحي، كما لو أخبر في هذا اليوم رجل أمي عن أسرار الذرة وغوامض علم الفلك بصورة صحيحة لم يصل إليها بعد أعظم العلماء <في؟؟> الفيزياء والفلك.
((إِذْ قَالَ رَبُّكَ)) يا رسول الله ((لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ)) أي أريد أن أخلق، فاسم الفاعل بمعنى المستقبل، ((بَشَرًا مِن طِينٍ)) يعني آدم (عليه السلام) |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 72 |
((فَإِذَا سَوَّيْتُهُ))، أي سويت خلق هذا البشر وتمت أعضاؤه، ((وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي))، أي أحييته، وجعلت فيه الروح المضاف إلي تشريفاً، ومعنى النفخ أن يخلق سبحانه روحا، ثم يدخله في آدم على طريقة النفخ، ((فَقَعُوا))، الفاء عاطفة، و"قعوا" أمر من وقع يقع، ((لَهُ سَاجِدِينَ))، أي اسقطوا على الأرض سجوداً لآدم. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 73 |
ثم أن الله سبحانه خلق آدم، ونفخ فيه الروح، ((فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)) لآدم (عليه السلام) حسب ما أمر الله سبحانه، والإتيان بتأكيدين لرفع استبعاد أن يكون ملايين الملايين من الملائكة المتفرقين في مختلف الفضاء الوسيع المدهش قد سجدوا لآدم ولزيادة التقريع على إبليس حيث أبى من السجود مع سجود الجميع. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 74 |
((إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ))، أي جعل نفسه أكبر وأعظم من أن يسجد لآدم، ((وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ))، "كان" لمجرد الربط، أو بمعنى "صار"، أو باعتبار أنه في علم الله كان كافرا في ضميره، فظهر ما كان كامنا. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 75 |
((قَالَ)) الله سبحانه لإبليس: ((يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ)) أنا ((بِيَدَيَّ))؟ هذا سؤال للتوبيخ والتقريع، أي ما هو سبب امتناعك من السجود لمثل الإنسان الشريف، الذي كرمه الله سبحانه بأن خلقه بلا واسطة، وقوله "بيدي" إضافة تشريفية، كناية عن وساطة سبب خلقه، ثم قال له سبحانه: ((أَسْتَكْبَرْتَ))، أي هل استكبرت عن السجود بلا حق ((أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)) بأن كنت في الحقيقة والواقع أعلى رتبة من آدم ولذا لم تسجد؟ |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 76 |
((قَالَ)) إبليس في جواب الله سبحانه: بل كنت أعلى رتبة من آدم إذ ((أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ))، أي أشرف من آدم، وذلك لأنك يا رب ((خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ))، فإن أصلي النار، ((وَخَلَقْتَهُ))، أي خلقت آدم ((مِن طِينٍ))، والنار أشرف من التراب. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 77 |
((قَالَ)) الله سبحانه للشيطان إذ رأى تكبره وغروره وتمرده: ((فَاخْرُجْ مِنْهَا))، أي من الجنة، فقد كان الجميع في الجنة، ((فَإِنَّكَ رَجِيمٌ))مطرود مبعد، يقال رجمه أي طرده. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 78 |
((وَإِنَّ عَلَيْكَ)) يا شيطان ((لَعْنَتِي))، طردي وغضبي ((إِلَى يَوْمِ الدِّينِ))، أي يوم القيامة، حيث تحاسب هناك وتلقى في النار. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 79 |
((قَالَ)) إبليس عند ذلك: يا ((رَبِّ))، أي ربي، وحذف ياء المتكلم تخفيفا، ((فَأَنظِرْنِي)) أي أمهلني بأن أبقى حياً ((إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)) أي يوم القيامة الذي يبعث ويحشر ويحيى فيه الناس. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 80 |
((قَالَ)) الله تعالى في جوابه: ((فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ))، أي من جملة الذين يبقون إلى النفخة الأولى. |
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة ص | 81 |
((إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ))، الوقت المعلوم هو النفخة الأولى التي تموت فيه كل حي، فلم يمهله الله سبحانه إلى يوم القيامة، بل إلى النفخة الأولى، وما ورد في بعض الأحاديث من أنه عند ظهور الإمام (عليه السلام)، فهو ببعض الاعتبارات كما سبق. |