محمد الصباغ يكتب: شمس بدران والإخوان.. القصة الحقيقية التى تُنشر لأول مرة الحلقة
سيد قطب
الدولة لم تحارب تنظيم الإخوان إلا بعد اكتشاف مؤامرتهم على الثورة
الإخوان خططوا لقتل عبد الناصر ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربى وشلّ حركة المواصلات وتدمير محطات الكهرباء والكبارى
مؤامرة ضباط مدرسة المشاة لإحداث انقلاب ضد جمال عبدالناصر عام 1965كان سيد قطب فى الاعترافات التى تعرض لها هنا، والتى دوَّنها تحت الاستجواب بعد القبض على تنظيم الإخوان المسلمين فى يوليو 1965، قد كتب أنه بعد القبض على جماعات من أعضاء تنظيم الإخوان عقب المحاولة الفاشلة لاغتيال جمال عبد الناصر فى 26 أكتوبر 1954، أنه قبل عملية إلقاء القبض عليه، كانت تصدر نشرة للإخوان اسمها «هذه المعاهدة لن تمرّ»، ونشرة أخرى بعنوان «لماذا أكافح؟»، وقد كان ذلك بعد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا فى 27 يوليو 1954 بين جمال عبد الناصر وبعض من أعضاء مجلس الثورة كانوا يشكّلون وفد التفاوض المصرى وهم: عبد الحكيم عامر وعبد اللطيف البغدادى وصلاح سالم، وقد وقَّع على الاتفاقية بالأحرف الأولى من الجانب البريطانى أنتونى هيد، وزير الحربية البريطانى.
ومنذ لحظة التوقيع فى 27 يوليو 1954 حتى التوقيع الرسمى فى 9 أكتوبر 1954 نشطت معارضة جماعة الإخوان وبعض التيارات السياسية التى كانت تتجه إلى الأحزاب السياسية التى حُلَّت فى 17 يناير 1953، ثم جاءت حادثة إطلاق الرصاص على جمال عبد الناصر فى المنشية لتكون معبرة عن ذروة المواجهة بين جمال عبد الناصر ورافضى الاتفاقية.
قُبض على سيد قطب فى شقة بمصر الجديدة، كانت مخبأ يوسف طلعت قائد التنظيم الخاص للإخوان المسلمين، بعد أن أرشد عنها إبراهيم الطيب مسؤول التنظيم السرى عن منطقة القاهرة، وكانت لجنة الإشراف على الجهاز السرى للإخوان فى أحداث عام 1954 مكوَّنة من: يوسف طلعت وإبراهيم الطيب مسؤول القاهرة، وأحمد حسن مسؤول الأقاليم، وصلاح شادى مسؤول البوليس، وأبو المكارم عبد الحى مسؤول الجيش، وكانت لجنة الإشراف تخضع للجنة عليا مكونة من الشيخ السيد سابق والدكتور محمد خميس حميدة نائب المرشد، ومحمود الصباغ والشيخ محمد فرغلى وأحمد زكى.ويواصل شمس بدران نشر اعترافات سيد قطب فيقول «التدريب، عرفت أنه موجود فعلا من قبل أن يلتقوا بى، ولكن لم يكن ملحوظًا فيه أن لا يتدرب إلا الأخ الذى فهم عقيدته ونضج وعيه، فطلبت منهم مراعاة هذه القاعدة، وبهذه المناسبة سألتهم عن العدد الذى تتوافر فيه هذه الشروط عندهم وبعد مراجعة بينهم ذكروا لى أنهم نحو السبعين، وتقرر الإسراع فى تدريبهم نظرًا لما كانوا يرونه من أن الملل يتسرب إلى نفوس الشباب إذا ظل كل زادهم هو الكلام من غير تدريب وإعداد، ثم تجدد سبب آخر فى ما بعد عندما بدأت الإشاعات ثم الاعتقالات بالفعل لبعض الإخوان، «وتعليقى على أقوال السيد قطب هنا: فيه مخالفة كبيرة للواقع، لأن التحقيق فى قضية الإخوان بدأ عندما ضبطت قنبلتان يدويتان فى منزل يوسف القرش وهو عضو فى الجماعة وبالتحقيق معه أدى إلى اعتقال كل المتآمرين فى شقة واحد منهم متوجهين بالسلاح لتنفيذ المؤامرة، ثم يتابع السيد قطب أقواله قائلا: وأما السلاح فكان موضوعه له جانبان:
الأول: أنهم أخبرونى، ومجدى هو الذى كان يتولى الشرح فى هذا الموضوع، أنه نظرًا لصعوبة الحصول على ما يلزم منه حتى للتدريب فقد أخذوا فى محاولات لصنع بعض المتفجرات محليا، وأن التجارب نجحت وصنعت بعض القنابل فعلا، ولكنها فى حاجة إلى التحسين والتجارب مستمرة.. والثانى: أن «على عشماوى» زارنى على غير ميعاد وأخبرنى أنه كان منذ نحو سنتين قبل التقائنا قد طلب من أخ فى دولة عربية قِطعًا من الأسلحة حددها له فى كشف ثم ترك الموضوع، والآن جاءه خبر منه أن هذه الأسلحة سترسل- وهى كميات كبيرة نحو عربية نقل- وأنها سترسل عن طريق السودان وتوقع وصولها فى خلال شهرين، وكان هذا قبل الاعتقالات بمدة ولم يكن فى الجو ما ينذر بخطر قريب، ولما كان الخبر مفاجئًا فلم يكن ممكنًا البت فى شأنه حتى نبحثه مع الباقين، فاتفقنا على موعد لبحثه معهم وفى اليوم التالى- على ما أتذكر- وقبل الموعد جاءنى الشيخ «عبد الفتاح إسماعيل» وحدثنى فى هذا الأمر وفهمت أنه عرفه طبعًا من «على» وكان يبدو غير موافق عليه ومتخوفًا منه، وقال: لا بد من تأجيل البحث فى الموضوع حيت يحضر «صبرى» وقلت له: إننا سنجتمع لبحثه.
وفى الموعد الأول -على ما أتذكر لم يحضر «صبرى»- لذلك لم يتم تقرير شىء فى الأمر، وفى موعد آخر كان الخمسة عندى وتقرر تكليف «على» بوقف إرسال الأسلحة من هناك حتى يتم الاستعلام من مصدرها عن مصدر النقود التى اشتريت بها، فإن كان من غير الإخوان ترفض، والاستفهام كذلك عن طريق شرائها دفعة واحدة أو مجزأة وطريقة إرسالها، وضمانات أنها مكشوفة أم لا؟ وبعد ذلك يقال للأخ المرسل أن لا يرسله، حتى يخطره بإرسالها، ومضى أكثر من شهر- على ما أتذكر- حتى وصل للأخ «على» رد مضمونه الباقى فى ذاكرتى: «إن هذه الأسلحة بأموال إخوانية من خاصة مالهم، وإنهم دفعوا فيها ما هم فى حاجة إليه لحياتهم تلبية للرغبة التى سبق إبداؤها من هنا، وإنها اشتُريت وشُحنت بوسائل مأمونة.. ولا أتذكر إن كان هذا الرد أو ردٌّ تالٍ جاء بعده قد تضمن أن الشحنة أرسلت فعلا ولا يمكن وقف وصولها وأنهم يفكرون فى طريق ليبيا إلى جانب طريق السودان أو لأنه قد يكون أيسر من طريق السودان «لا أتذكر النص بالضبط»، والأرجح أنه رد واحد، وعند ذكر ليبيا قلت: إنهم إذا فكروا فى طريق ليبيا فإنى أعرف من يستطيعون مساعدتنا فى نقل مثل هذه الأشياء، وكنت أفكر وقتها فى اثنين من إخوان ليبيا عرفتهما بعد خروجى من السجن: أحدهما الطيب الشين وكان يدرس فى مركز التعليم الأساسى بسرس الليان وله علاقة بسائقى عربات النقل بخط الصحراء بين ليبيا ومصر، والآخر «المبروك» ولا أذكر إن كان اسمه الأول «محمد» أم لا، لأنى أعرفه باسم واحد، أما مسألة المال فقد جاء ذكرها مرات فى اجتماعاتنا أو فى أحاديثهم متفرقين معى، وعرفت أن لدى الشيخ «عبد الفتاح» مبلغًا، ولكنه كان يقول لهم دائمًا: إنه هو مؤتمن عليه وهو وديعة عنده لينفق فى أغراض معينة ولذلك فهو لا يملك أن ينفق منه فى إعانات البيوت مثلا ولا يملك التصرف فى شىء إلا بإذنه، وقد قال لى الشيخ «عبد الفتاح» مثل هذا الكلام، ولكن لما عرضت مسألة الإنفاق على الصناعة المحلية للمتفجرات وعلى الإنفاق لتسلم شحنة الأسلحة التى أرسلت بعدما تبين أنه لا يمكن وقفها ولا يمكن تركها كذلك، قال إن أى مبلغ تحت تصرفكم، واستأذننى فى هذا فأذنت له، وفهمت أنه كان يعتبر المبلغ أمانة لا يتصرف فيه إلا بإذن قيادة شرعية، ولكنى لم أعلم بالضبط مصدر هذا المبلغ ولا مقداره.. كل ما كان واضحًا أنه من إخوان فى الخارج وليس من أية جهة أخرى.. فهذا ما كنت أحب أن أتأكد منه فى علاقاتهم السابقة لأنى كما قلت لهم لا أجيز للحركة الإسلامية أن تستعين بأجنبى عنها لا فى مال ولا فى سلاح ولا فى حركة.. كذلك لم أعرف بالضبط مقداره ولكنى أستنتج أنه أكثر من ألف جنيه.. فقد جاء ذلك فى كلمات عرضية.. وكان الشيخ «عبد الفتاح» يقول كذلك، إنه فى مكان أمين.. ولم أكن أستوضحه عن هذه التفصيلات.. لأننى كنت أكتفى بأقل قدر منها.. وكذلك كل أعمالهم التنفيذية فقد كان يكفى منها عنده ما يتعلق بالخطة العامة.. أما التفصيلات فكانت متروكة لهم، لأنه أخبر بها منى ولكنى تبعتها بالطبع تقع عليَّ لأن الخطة العامة كانت تتم بموافقتى، كذلك جاءنا مبلغ مئتا جنيه من إخوان العراق سلمتها للأخ على فور تسلمها، وكان حاضرًا لتكون فى عهدتهم وتحت تصرفهم، كما تقدم كنا قد اتفقنا على مبدأ عدم استخدام القوة لقلب نظام الحكم، وفرض النظام الإسلامى من أعلى، واتفقنا فى الوقت ذاته على مبدأ رد الاعتداء على الحركة الإسلامية التى هى منهجها إذا وقع الاعتداء عليها بالثورة. وكان أمامنا المبدأ الذى يقرره الله يسبحانه: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» وكان الاعتداء قد وفع علينا بالفعل فى سنة 1954 وفى سنة 1957بالاعتقال والتعذيب وإهدار كل كرامة آدمية فى أثناء التعذيب ثم بالقتل وتخريب البيوت وتشريد الأطفال والنساء، ولكننا كنا قررنا أن هذا الماضى قد انتهى أمره فلا تفكر فى رد الاعتداد الذى وقع علينا فيه، إنما المسألة هى مسألة الاعتداء علينا الآن وهذا هو الذى تقرر الرد عليه إذا وقع و«أنا أعلق هنا وأقول: إنه لم يقع عليهم أى اعتداء يحد من خروجهم من السجون عام 57 حتى مؤامرتهم عام 65 ولكن التحقيق الذى يسميه السيد قطب بالاعتداء كان قد بدأ عند اكتشاف المؤامرة ثم يتابع السيد قطب ليقول: «وفى الوقت نفسه لم نكن نملك أن نرد بالمثل، لأن الإسلام ذاته لا يبيح لمسلم أن يعذب أحدا، ولا أن يهدر كرامة الآدمى ولا أن يترك أطفاله ونساءه للجوع، وحتى الذين تقام عليهم الحدود فى الإسلام ويموتون تتكفل الدول بنسائهم وأطفالهم، فلم يكن فى أيدينا من وسائل رد الاعتداء التى يبيحها لنا ديننا إلا القتال والقتل: أولا لرد الاعتداء حتى لا يصبح الاعتداء على الحركة الإسلامية وأهلها سهلا يزاوله المعتدون فى كل وقت، وثانيا لمحاولة إنقاذ وإفلات أكبر عدد ممكن من الشباب المسلم النظيف المتماسك الأخلاقى فى جبل كله إباحية وكله انحلال وكله انحراف فى التعامل والسلوك، كما هو دائر على ألسنة الناس وشائع لا يحتاج إلى كلام».
لهذه الأسباب مجتمعة فكرنا فى خطة ووسيلة ترد الاعتداء.. والذى قلته لهم ليفكروا فى الخطة والوسيلة باعتبار أنهم هم الذين سيقومون بها بما فى أيديهم من إمكانيات لا أملك أنا معرفتها بالضبط ولا تحديدها، والذى قلته لهم: إننا إذا قمنا برد الاعتداء عند وقوعه فيجب أن يكون ذلك فى ضربة موجعة تفوق الاعتداء وتكفل سلامة أكبر عدد من الشباب المسلم».
ووفقا لهذا جاؤوا فى اللقاء التالى ومع «أحمد عبد المجيد» قائمة باقتراحات تتناول الأعمال التى تكفى لشل الجهاز الحكومى عن متابعة «الإخوان» فى حالة ما إذا وقع الاعتداء عليهم كما وقع فى المرات السابقة لأى سبب، إما بتدبير حادثة كحادثة المنشية الذى كنا نعلم أن الإخوان لم يدبروها أو «مذبحة طرة» التى كنا على يقين أنها دبرت للإخوان تدبيرًا، أو لأية أسباب أخرى تجهلها الدولة أو تُدس عليها وتجىء نتيجة مؤامرة أجنبية أو محلية.. (ويجب التذكير هنا أنه لم تكن هناك أى اعتقالات بعدُ، حتى تبرر نسف الدولة) وهذه الأعمال هى الرد فور وقوع اعتقالات لأعضاء التنظيم بإزالة رؤوس فى مقدمتها رئىس الجمهورية ورئىس الوزراء ومدير مكتب المشير ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربى، ثم نسف لبعض المنشآت التى تشل حركة مواصلات القاهرة لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها وفى خارجها كمحطة الكهرباء والكبارى، وقد استبعدت فى ما بعد نسف الكبارى، (استبعد فقط نسف خزان أسوان بعد ضغط من الأعضاء ولم يستبعد نسف الكبارى) وقلت له: إن هذا إذا أمكن يكون كافيًا كضربة رادعة ردًّا على الاعتداء على الحركة وهو الاعتداء الذى يتمثل فى الاعتقال والتعذيب والقتل والتشريد كما حدث من قبل، ولكن ما الإمكانيات العملية عندكم للتنفيذ؟!
وظهر من كلامهم أنه ليس لديهم الإمكانيات اللازمة، وأن بعض الشخصيات كرئىس الجمهورية ورئيس الوزارة، فى ما يذكر، وربما غيرهما كذلك عليهم حراسة قوية لا تجعل التنفيذ ممكنا، فضلا عن أن ما لديهم من الرجال المدربين والأسلحة اللازمة غير كاف لمثل هذه العمليات.. (ومن الذى أوحى لهم بأن هناك ضربة متوقعة إلا أن يكون ذلك من خيال السيد قطب) وبناء على ذلك اتفق على الإسراع فى التدريب بعدما كنت من قبل أرى تأجيله ولا أتحمس له باعتباره الخطوة الأخيرة فى خط الحركة وليس الخطوة الأولى «ذلك أنه كانت هناك نُذُر متعددة توحى بأن هناك ضربة للإخوان متوقعة، والضربة كما جربنا، معناها التعذيب والقتل وخراب البيوت وتشريد الأطفال والنساء فقد أخذ الشيوعيون ينشرون الإشاعات فى كل مكان بأن الإخوان المسلمين يعيدون تنظيم أنفسهم واختيار قيادة جديدة لهم وبلغتْنا إشاعةُ أن الشيوعيين وضعوا منشورات فى نقابة الصحفيين يبدو فيها طابع الإخوان للتحريض عليهم، ولم يكن هذا غريبا، فقد سمعنا من قبل أنه ضُبطت منشورات معدة للتوزيع فى حقيبتى رجلين من رجال الدين المسيحى ماتا فى حادثة منذ سنوات وعليها توقيع الإخوان المسلمين بقصد الإيقاع بهم.. كذلك كان الأستاذ «منير الدالة» قد قال فى أثناء تحذيره وتخوفه من شبان متهورين يقومون بتنظيم إنه يعتقد أنهم دسيسة على الإخوان بمعرفة قلم مخابرات أمريكى عن طريق الحاجة «زينب الغزالى» وأن المخابرات كاشفة إياهم وأنهم يفكرون فى مكتب المشير يفكر فى التعجيل بضربهم أو فى تركهم فترة «وهى إحدى الدوافع فى رأى السيد قطب ليقوم التنظيم برد العدوان ولم يكن هناك أى عدوان عليهم إلا عند بدأت الاعتقالات والتحقيق وقوله بأن مكتب المشير يفكر فى التعجيل بضربهم يرجع لأنه كان يعلم تماما وأنا أحقق معه أنه مكتب المشير وبذلك يخلط «السيد قطب» بين الحاضر والمستقبل وهذا يبين بوضوح تبريره للمؤامرة التى خططت لرد الاعتداء عليهم قبل أن يقع، ونواصل تتبع رواية السيد قطب عن مؤامرة الإخوان المسلمين فى عام 1965، كما جاءت فى أوراق اعترافه: وأنا هنا أذكر وأقول بأن حكاية الضربة المتوقعة للإخوان المسلمين فى عام 1965 كانت كما قال لى من قبل قريبا من هذا الكلام الحاج عبد الرزق هويدى نقلًا عن الأستاذ مراد الزيات صهر الأستاذ فريد عبد الخالق والأستاذ منير الدالة، وبينهما توافق فى التفكير والاتجاه، وكان الحاج عبد الرازق هويدى قد ذكر لى كذلك أن هؤلاء الشبان متصلون بالأستاذ عبد العزيز على (الوزير السابق) أو اتصلوا به وأنه يقال إنه متصل بالأمريكان ومدسوس عليهم وكنت قد عرفت من الشبان أنهم فعلًا التقوا مع الأستاذ عبد العزيز على والأستاذ فريد فى بيت الحاجة زينب الغزالى فى أثناء بحثهم عن قيادة، ولكنهم لم يستريحوا له، فلم يكاشفوه بأسرار تنظيمهم، وفى كلام الأستاذ فريد معى أشار إلى اتصالهم بأشخاص مشكوك فيهم وكنت أعرف أنه يشير إلى اتصالهم بالأستاذ عبد العزيز على وبالحاجة زينب الغزالى، ورأيه من رأى الأستاذ منير، أنهما مدسوسان لعمل مذبحة للإخوان.
وكنت قد عرفت أن اتصالهم بالأستاذ عبد العزيز على متقطع، أما الحاجة زينب فكنت قد عرفت أنها قامت بمجهود كبير فى السنوات الأخيرة فى مساعدة البيوت، وأنها متصلة ببيت الأستاذ المرشد (حسن الهضيبى) ومحل ثقتهم، وأن الشيخ عبد الفتاح هو وحده المتصل بها، ولم يكن عندى خوف من ناحية أن يستخدمها أى قلم مخابرات، لأنها مكشوفة.
المهم أن هذه كلها كانت تنذر بقرب ضربة واعتداء يقع على الإخوان وعلى هذا التنظيم بشكل خاص، فجاءنى استفهام من الأخ على عن طريق الحاجة زينب كذلك عما إذا كانت هذه تعليمات نهائية حتى لو وقع التنظيم، فأجبته بأنه فى هذه الحالة فقط وعند التأكد من إمكان أن تكون الضربة رادعة وشاملة.
وكان قد جرى فى أثناء المناقشات الأولية عن الإجراءات التى تتخذ للرد على الاعتداء إذا وقع على الإخوان اعتداء حديث عن تدمير «القناطر الخيرية الجديدة» وبعض الجسور والكبارى كعملية تعويق، ولكن هذا التفكير استبعد لأنه تدمير لمنشآت ضرورية لحياة الشعب وتؤثر فى اقتصاده، وجاء استبعاد هذه الفكرة بمناسبة حديث لى معهم عن أهداف الصهيونية فى هذه المرحلة من تدمير المنطقة..
أولا: من ناحية العنصر البشرى بإشاعة الانحلال العقيدى والأخلاقى.. وثانيا: من ناحية تدمير الاقتصاد.. وأخيرا التدمير العسكرى.. فقال الأخ على عشماوى بهذه المناسبة: ألا يخشى أن نكون فى حالة تدمير القناطر والجسور والكبارى مساعدين على تنفيذ المخططات الصهوينة من حيث لا ندرى ولا نريد «وتعليقى هنا أنه لم يستبعد هذا التفكير ولكن استبعد فقط تدمير السد العالى، حيث لم يوافق المتآمرون على ذلك. ويتابع السيد قطب ليقول ونبهتنا هذه الملاحظة إلى خطورة العملية فقررنا استبعادها والاكتفاء بأقل قدر ممكن من تدمير بعض المنشآت فى القاهرة لشل حركة الأجهزة الحكومية عن المتابعة، إذ إن هذا وحده هو الهدف من الخطة، ولكن الأمر فى هذا كله سواء فى القضاء على أشخاص أو منشآت لم يتعد التفكير النظرى، كما تقدم، ذلك أنه إلى آخر لحظة قبل اعتقالنا لم تكن لديهم إمكانيات فعلية للعمل، كما أخبرونى من قبل، وكانت تعليماتى لهم أن لا يَقْدُمُوا على أى شىء إلا إذا كانت لديهم الإمكانيات الواسعة، وكانت هذه هى صورة الموقف إلى يوم اعتقالى ولا أعلم بطبيعة الحال ماذا حدث بعد ذلك، إلا أنه واضح أنه لم يقع شىء أصلا. وقد كانت لديهم فرصة لثلاثة أسابيع على الأقل لو كانوا يريدون القيام بأى عمل.
ختم «سيد قطب» رسالة الاعتراف التى كتبها فى السجن الحربى فى يوم 22 أكتوبر 1965: بالجملة التى يقول فيها: «هذه هى النهاية.. كلمات رجل يستقبل وجه الله.. يخلّص ضميره.. ويبلّغ بها دعوته إلى آخر لحظة.. والسلام على من اتبع الهدى.. وكانت كلمات الخاتمة فى الرسالة المطوَّلة تقول: هذا أهم ما يحضرنى الآن عن أوجه نشاطى فى الحركة الإسلامية منذ انضمامى إلى صفوف الإخوان، فإن كانت هنالك تفصيلات أو جوانب أخرى فيمكن تذكيرى بها بسؤالى عنها».
المصدر منتديات القوميون الجدد