طارق حسن رئيس مجلس الادارة
عدد المساهمات : 2533 تاريخ التسجيل : 22/09/2013 الموقع : الوطن العربى
| موضوع: مقارنة بين الشعر الغامى والفصيح 06/11/13, 08:36 am | |
| مقارنة بين الشعر الغامى والفصيح
غنى النفس معروفٍ بترك المطامع
وليس لما لا يجمع الله جامع
ولا مانعٍ يمنعك ما الله معطي
ولا صاحبٍ يعطيك والله مانع
ولا العز إلا في لقا كل متعب
بسمر القنا والمرهفات القواطع
ولا للفتى ارجى من الدين والتقى
وحلمٍ عن المجرم وحسن التواضع
وصبرٍ على الفايت ولو رأس ما غلى
فلا فات من لافات ماهوب راجع
فهل تدفع البلوى وهل يمنع القضا
فلا للذي يأتي من الله دافع
الى عدت ما تدفع بالاوزام همه
ولا يرتجى يا صاح منك المنافع
سوا ان عشت في دنياك او مت واحد
فما أنت في غدٍ لاحدٍ بشافع
دع الناس ما لا تبتدي فيك رقه
فما الناس الا حسودٍ وشانع
وتشمت عليك اعداك في كل مجلس
وكن عاقلٍ واترك جميع المطامع
ولا تبدي اسرارك لاحدٍ فربما
يلومك من لافيه ما فيك رامع
فكم واحدٍ يمدحك في حد حضره
وهو ربما في عرضك ان غبت راتع
يرميك بالبهتان والزور واحد
من الجهل شبعانٍ من العقل جايع
غشيت فما لي حيلةٍ غير أنني
على شاطي الجرعا يمام الخراوع
اكف دموعٍ ألم الكف كفها
لها بين ملقى صحن خدي تتابع
فقلت لركبٍ شدوا اكوار كنس
عجوا بالبرا ياركب روس الجراشع
قفوا اكزي الحيل يا ركب ساعه
على الطلل البالي لعلي اوادع
رسومٍ لسلمى أنس البين ربعها
وامست خلاف الانس قفرٍ بلاقع
بها هام قلبي واستمالت صبابتي
وغصن الرجا مني له الياس هازع
فلمين حق العرف مني منازله
اشارت بتسليمي إليه الاصابع
منازل من له في حجا العين مصعد
وفي كل وادٍ من فوادي مواضع
خليلي قم لي في دجى الليل بعد ما
جفا النوم عيني والبرايا هواجع
ودارت دواليب الهواجس بخاطري
ومليت من حلو لذيذ المضاجع
فلا الوجد معدومٍ ولا الصبر موجد
ولا الهم عن وادي فوادي بناجع
سل الله بالانفال والحجر والضحى
وبالي لنا احيان نلقاه شافع
خلاف الجفا والهجر والياس والرجا
بالاقدار يسقي دار واد المجامع
سبعة اسابيع على يوم ثامن
بنجم الثريا ثم بالصرف تابع
عريضٍ مريضٍ حالك اللون مدجن
من الفرج يرجى الى شيف طالع
لكن ربابه حين ما ينثر السدى
جنح الدجى ريلان صم المسامع
نهاره كما ليله بهيمٍ وليله
نهارٍ من ايضاح البروق اللوامع
الى ما غشى وقت العشا بعد ما نشا
صبا له من المشرق نسيم الذعاذع
حبا ذا الى هذا وهذا رقا لذا
وهذا لهذا بالمواذين تابع
وزلزل وعزل به ربابه ونزل
بسجرٍ وزجرٍ مثل ضرب المدافع
الشاعر:
هو محسن بن عثمان الهزاني من بلدة الحريق ولد عام1145ه وتوفي عام1240ه وقد اشتهر (رحمه الله) بغزلياته ومغامراته العاطفية وقد اختلقت عليه بعض
القصص، وله مراسلات عديدة مع شعراء عصره، ولشهرته الواسعة بالغ بعض الجماعة وقالوا انه أول من أدخل الأوزان السامرية على الشعر النبطي وكذلك أنه
أول من أدخل النظم المروبع وهذا خطأ ينفيه الواقع التاريخي لقصائد شعراء من قرون سابقة للقرن الذي عاش فيه محسن الهزاني.
دراسة النص:
يمثل هذا النص أحد نماذج المقاربة بين الشعر العامي والشعر الفصيح ويظهر جليا اختلاف لغة الشاعر في هذا النص عن بقية نصوصه والتي منها:
من ناظري دمعي على الخد مسكوب
ومن الحوادث شاب راسي وأنا شاب
لا لذ لي زادٍ ولا حلو مشروب
ولا لموق العين طيب الكرى طاب
ويبدو ان شاعرنا أراد محاكاة نصوص شعراء الفصحى الأقدمين مستفيداً من أخذه قسطاً من العلم واطلاعه، ولذلك يتضمن النص أبياتا تقرأ بالعامي والفصيح دون
تغيير يذكر سوى ضبط أواخر بعض الكلمات بالحركات ونطقها نطقاً فصيحاً، كما حاكى أسلوبهم في تناول عدة أغراض في نص واحد وقد أتقن ذلك فنقلنا من غرض
إلى آخر بأسلوب سلس دون أن نشعر بهذا وكأن كل غرض جزء لا ينفصل عن الغرض السابق له ويهيئ المتلقي للغرض اللاحق وهذه مقدرة تكاد تنعدم في الشعراء
المعاصرين الذين يقطعون أجزاء النص فيأتي متنافراً لا يجمع بعضه مع بعض سوى فم الشاعر.
وقد اعتمدت هنا على ما جاء في مخطوط الصويغ والذي يعتبر أقدم مرجع يورد النص ويبلغ عدد أبياته خمسة وخمسين بيتاً ويلاحظ الاختلاف مع المراجع الأخرى
في عدد الأبيات وترتيبها وبعض المفردات، وقد بدأ الشاعر قصيدته مؤكداً جريان العرف بين الناس على أن غنى النفس في القناعة وعدم الانسياق وراء أطماعها وأن
ليس للإنسان إلا ما كتبه الله له من رزق ولن يمنع الناس عنه شيئاً أراده الله له أو أن يمنحوه شيئاً لم يرده الله له، وأنه لا يقوم عزاً إلا بقوة، فعليه أن يعد العدة من
رماح وسيوف قاطعه لمواجهة الصعاب، وليس أفضل للمرء من التمسك بالدين والأخلاق الفاضلة والحلم فيتجاوز عن أخطاء الآخرين ويتواضع في تعامله مع الناس
وان يتحلى بالصبر على المفقود وإن كان عزيزاً غاليا، فما يذهب لن يعود والإنسان لن يستطيع أن يدفع البلاء عن نفسه أو يمنع قضاء الله فلا راد لقضاء الله وقدره،
فإذا أدرك أن الإنسان لا يستطيع أن يدفع ضراً أو يجلب نفعاً فموته وحياته سواء ولن يكون شافعاً لأحد يوم القيامة فعلى المرء ألاّ يرجو عطاء أحد من الناس وليس
بين الناس إلا حاسد أو مشنع وسيشمت به الأعداء في مجالسهم فعليه ان يتميز بالعقل وألاّ ينجرف وراء أطماع نفسه.
كما على المرء أن يحفظ أسراره ولا يعرضها على أحد فربما يعرضها على من هو أقل منه إدراكاً وعلم ولا يجمعهم نفس الهدف فكثيراً من الناس يظهر الثناء
والحرص في حضورك ويتكلم بما يسيء في غيابك وبذلك تتعرض للظلم والانتقاص من شخص كثير الجهل قليل العقل، ثم إن الشاعر يحدد مكانه وحالته النفسية التي
هو فيها ويخاطب ركباً مغادراً على إبل ضخمة ويرجو منهم أن ينتظروه ليقف مودعاً أطلال منازل حبيبته وقد أصبحت صحراء موحشة لا أحد فيها فقد كان له معها
ذكريات من العشق والهوى ثم يدعو بالسقيا لوادي (المجامع) الذي تقع عليه بلدة الحريق ويتمنى ان يستمر هطول المطر عليها خمسين يوماً في وقت ظهور نجم
الثريا ونجم الصرفة، ثم يصف تراكم وتتابع السحاب ويشبه قطع الغيم الصغيرة المتفرقة بعد نزول المطر بالنعام الشارد وكيف أن النهار ينقلب ليلاً من الغيم الأسود
وينقلب الليل نهاراً من لميع البروق ويشبه زمجرة الرعد بأصوات المدافع.
المصدر منتديات القوميون الجدد | |
|