ثورة الفاتح
لقد شرعت ثورة الفاتح العظيم بقيادة معمرالقذافي منذ قيامها عام 1969 في تنفيذ توجيهاتها الحضارية والإنسانية وتحدت كل الصعاب والعراقيل، وكانت ثورة تاريخية محيطها وزمانها وأهدافها الثورة . فكانت ثورة الفاتح العظيم أعظم من إن يصنف حدثا محليا فهي بمنطلقاتها وأهدافها كانت ولازالت ثورة ببعد محلي وإفريقي ودولي.
إن ثورة الفاتح العالمية خاضت غمار عملية الإجلاء مع المستعمرين بمفاوضات سريعة وعاجلة أثبتت من خلالها قدرة فائقة وشجاعة نادرة وجد معها المستعمرون أنفسهم مرغمين على الرحيل من الأرض الليبية. ولم ينته عام 1970 حتى تحررت هذه الأرض من الوجود الاستعمار البغيض بكل صوره ومظاهره، وكان ذلك الإنجاز بمثابة البركان الذي قضى على جنون العظمة وأوهام القوة للمستعمرين، وبرهن على أن إرادة الشعوب لا يمكن أن تقهر أبداً طال الزمن أم قصر. وبتحقق الإجلاء انجلت الغيوم التي تلبدت بسماء ليبيا واقتحمت الثورة المنتصرة ميادين الانجازات العملاقة في جميع مدن وقري الجماهيرية العظمي.
ففي مجال الإسكان قضت الثورة وحطمت أكواخ الصفيح التي كانت تحمل داخل أكوامها مظاهر الفقر والحزن، وتم بناء بدلاً منها مباني سكنية مدن وقري جميلة في ربوع ارض الجماهيرية الحبيبة، وتم تزويدها بكل الخدمات والمرافق اللازمة لتوفير مقومات الحياة الآمنة للعائلات الليبية التي كانت تقطن تلك الأكواخ البالية . وإضافة إلى ما أنجز في هذا المجال تم الشروع مؤخرا في تنفيذ أكثر من مائة ألف وحدة سكنية إضافية. وفي مجال الاهتمام بمشروعات البنية والمرافق الأساسية من خطوط وشبكات وخزانات مياه الشرب ومحطات المعالجة وشبكات الصرف الصحي فقد أنجزت الثورة في هذا المجال العديد من المشاريع، حيث تبلغ المشاريع التي تحت التنفيذ الآن 3336 مشروعا بقيمة إجمالية تصل إلى أكثر من 3.422 مليار دينار، وهناك مشاريع أخرى من المزمع أن يتم البدء في تنفيذها وتقدر تكلفتها بحوالي 984 مليون دينار.
أما في مجال التخطيط العمراني فقد تم التعاقد على إعداد الجيل الثالث للمخططات التي تستهدف دراسة وتقييم المخططات الحالية وإعداد المخططات لكل المدن والقرى والتجمعات السكنية في الجماهيرية العظمي بمساحة تقدر بنحو 174 ألف هكتار لتستوعب ما نسبته 80% من إجمالي السكان حتى عام 2025 وبقيمة تعاقدية تبلغ 130 مليون دينار.
وفي مجال الصناعة استطاعت الثورة أن تنجز العديد من القلاع الصناعية الضخمة الثقيلة منها والخفيفة على امتداد الجماهيرية العظمى، والوصول بمعدلات الإنتاج من هذه القلاع إلى أرقام كبيرة وأن تلبي متطلبات السوق الاستهلاكية وتوفر فائضًا للتصدير، فخلال العام الماضي مثلا وحتى شهر الفاتح فقط بلغت قيمة الإنتاج المحقق في هذا المجال840 مليون ونصف المليون دينار ووصلت قيمة المبيعات خلال نفس الفترة إلى أكثر من مليار دينار.
أما في قطاع الكهرباء وبالإضافة إلى ما تم إنجازه في هذا القطاع فقد تمت إجراءات التعاقد على تنفيذ العديد من المشروعات الجديدة لزيادة معدلات الطاقة الكهربائية خلال السنوات من 2003-20200 وتنفيذ قدرات كهربائية مركبة بحجم 7100 ميجاوات . ومما بجدر ذكره أنه قد تم في هذا الخصوص خلال شهر هانيبال (أغسطس) من 2007 افتتاح محطة الجبل الغربي الغازية لإنتاج الطاقة الكهربائية بقدرة 624 ميجاوات وبتكلفة 348 مليون دينار ليبي، كما تم وضع حجر الأساس لتوسيع محطة الجبل الغربي الغازية لإنتاج الطاقة الكهربائية بقدرة مركبة 312 ميجاوات وبتكلفة إجمالية تبلغ 560 مليون دينار ليبي، وهناك أيضا محطة غرب طرابلس الجديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية وتبلغ تكلفتها مليار وخمسمائة وأربعة وخمسين مليون دينار ليبي وبقدرة إجمالية مركبة 1400 ميغاوات.
أما في مجال الزراعة فقد تم تنفيذ العديد من المشاريع الزراعية لإنتاج الحبوب والمحاصيل الزراعية المختلفة وتم غرس ملايين الأشجار المثمرة كأشجار الزيتون والنخيل وأشجار الغابات للرفع من معدلات الإنتاج الزراعي، كما قامت الثورة بتوزيع المزارع على المزارعين وزودتها بالمساكن والحظائر وكافة المعدات واللوازم الأساسية، وأنشأت المراعي للوصول بالإنتاج الزراعي والحيواني إلى أفضل درجة ممكنة واهتمت في نفس الوقت بالموارد المائية المتاحة بكل السبل والوسائل الممكنة، وأنشأت العديد من الهيئات والأجهزة المختصة وبنت عشرات السدود لاستغلال كل الموارد المائية الجوفية والسطحية.
وإحساساً من ثورة الفاتح العظيم بضرورة تطوير الحركة التنموية التي تشهدها الجماهيرية العظمى وتحقيق أقصى حد ممكن من الإنتاج الزراعي والصناعي ومياه الشرب، قررت جماهير المؤتمرات الشعبية الأساسية بترشيد وتحريض من القائد معمرالقذافي وفي خطوة فريدة من نوعها قررت إقامة مشروع النهر الصناعي العظيم أعجوبة القرن العشرين في شهر الفاتح سبتمبر 1983 لنقل المياه من باطن الأرض من أعماق الصحراء الليبية إلى المناطق الشمالية من الجماهيرية العظمى وبطول أربعة آلاف كيلو متر، وعلى خمس مراحل رئيسة تستهدف تزويد مختلف أنحاء الجماهيرية العظمي باحتياجاتها من مياه الشرب والري، وتسيير عجلة التقدم الصناعي الذي تشهده الجماهيرية العظمى منذ قيام ثورة الفاتح العظيم بدون توقف، وقد تم في هذا الصدد في شهر هانيبال لهذا العام 2007 الاحتفال بافتتاح منظومة القرضابية السدادة- ملتقى النهرين- والتي يبلغ طولها 189كم ونفذت بعناصر وطنية، كما تم الاحتفال بوصول مياه النهر الصناعي العظيم لخزان أبو زيان لتزويد مناطق الجبل الغربي باحتياجاتها المائية.
وفي مجال المواصلات والاتصالات عملت الثورة على خلق وإيجاد شبكة ضخمة من الاتصالات السلكية واللاسلكية والطرق التي ربطت من خلالها كل أنحاء الجماهيرية العظمى، وأنشأت المواني والمطارات الحديثة وزودتها بأرقى المعدات التقنية ولوازم التشغيل، وفي هذا الصدد تم وضع حجر الأساس في شهر هانيبال عام 2007 لمشروع مطار طرابلس العالمي والذي ستصل القدرة الاستيعابية له 20 مليون مسافر سنويا وتستوعب محطاته الخاصة بمواقف الطائرات 100طائرة ويستغرق العمل لإنجازه سنتين .
ونظراً لما يشكله التعليم والتكوين المهني من أهمية بالغة في تزويد المجتمع بكل احتياجاته العلمية، فقد رمت الثورة بكل ثقلها لتوسيع وتطوير هذا المجال الحيوي المهم، وأقامت آلاف المدارس و11 جامعة في مختلف التخصصات لتخريج أكبر عدد ممكن من الكفاءات العلمية والعناصر الوطنية المؤهلة لقيادة وتسيير عجلة التقدم والنهوض الزراعي والصناعي والصحي والعمراني، وقد بلغ عدد الخريجين من هذه الجامعات 254.546 ويبلغ عدد الطلبة الدارسين بها حاليا 254.546 طالبا وطالبة. كما أقامت العديد من المعاهد ومراكز التدريب المهني ووضعت البرامج والدراسات والبحوث العلمية وخصصت لها ميزانيات عالية للرفع من مستوى أداء العناصر الوطنية وتأهيلها تأهيلا عالياً للقيام بالمهام والمسؤوليات المناط بها في المجالات الإنتاجية والخدمية كافة على أحسن صورة.
وحرصاً من ثورة الفاتح العظيم على ضرورة بناء المواطن الليبي بناء صحيحاً وقويا، وجعله قادراً على تحقيق أعلى معدلات الأداء الإنتاجي والخدمي، فقد أولت الثورة في قطاع الصحة اهتماماً كبيراً ووفرت الرعاية الصحية لكل أبناء الشعب الليبي في المدن والقرى والأرياف، بإقامة العديد من المستشفيات التخصصية والعديد من المجمعات الصحية والمستوصفات وأمدتها بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية المتطورة والأدوية، لتكون قادرة على تأمين صحة المجتمع الليبي الحر السعيد ووقايتهم من مختلف الأوبئة والأمراض الفتاكة، ولتحقيق وتعزيز هذا الهدف الإستراتيجي المهم اهتمت الثورة أيضاً بالشباب والرياضة، وشجعت ودعمت كل الأنشطة المتعلقة بالرياضة الجماهيرية، وأقامت الساحات الشعبية في كل أنحاء الجماهيرية العظمي من أجل تمكين كل الناس وعلى مختلف أعمارهم من ممارسة الرياضة والرياضة للجميع.
وقد شهد قطاع السياحة هو الآخر اهتماما متزايدا من قبل ثورة الفاتح العظيم وبلغت المواقع المنجزة في مجال الاستثمار السياحي83 موقعا وتم تحديد 54 موقعا شرع في تخريطها وإعدادها للاستثمار كما تم التعاقد على 21 مشروعا بتكلفة مالية تفوق 3.598مليار دينار ليبي لإقامة عدد من الفنادق والمنتجعات السياحية.
إن إنجازات ثورة الفاتح العظيم المادية والحضارية طيلة السنيين الماضية ليس من السهل حصرها والإحاطة بها، والمكانة التي بلغها الشعب الليبي في سلم التقدم والرقي والازدهار بين شعوب العالم متقدمة جداً.
وإذا كانت ثورة الفاتح العظيم قد حققت خلال الأربعين عاما ا إنجازات اقتصادية وصناعية وخدمية ضخمة فإن توجهات هذه الثورة وأهدافها الإستراتيجية البناءة الواسعة لم تنحصر في هذه المجالات فحسب، بل إنها جاءت بالدرجة الأولى لتعزيز حرية الإنسان ونقله من حياة القهر والتخلف إلى دروب العزة والشموخ والكبرياء، وتجسيد القيم والمثل والمبادئ النبيلة التي ينشدها، وبدأت الثورة منذ قيامها بالتمهيد لتحقيق هذا الحلم الإنساني وتوفير الظروف والمناخ المناسب لجعله واقعاً ملموساً، بالقضاء على رواسب ومخلفات الماضي البغيض، والثورة على كل ما يتعارض مع ثقافة ومعتقدات هذا الشعب، وتصحيح المفاهيم والقوانين الخاطئة والمعيقة لمرحلة التحول من خلال الثورة الثقافية والإدارية التي تحددت منطلقاتها في خطاب زواره التاريخي الذي أعلن فيه الأخ القائد عن النقاط الخمس بمناسبة المولد النبوي الشريف في الطير (ابريل ) عام 1973، كما قضت الثورة على كل القوى والتيارات المعادية التي استهدفت عزل الشعب الليبي عن محيطه الأفريقي والعربي من خلال ثورة 7 الطير (ابريل) عام 1976 وحققت في هذا المضمار انتصاراً باهراً وسريعاً باستئصال جذور دعاة ومحرضي هذا التوجه والقضاء عليهم داخل الجامعات والمؤسسات التعليمية، وأصبحت ليبيا بذلك مؤهلة لأن تبعث في هذا الكون روح الحياة والكرامة الإنسانية، واستطاعت أن تؤسس لعصر الجماهير الذي يمتلك فيه كل الناس سلطتهم وثروتهم وسلاحهم، وفي يوم الثاني من الربيع مارس عام 1977 تحقق هذا الحلم الإنساني وأشرقت في سماء هذه الدنيا شمس الحرية بإعلان سلطة الشعب ومولد أول جماهيرية في التاريخ، وبدأت مرحلة جديدة من مراحل الخلق والإبداع الإنساني بتجسيد وترسيخ معاني السلطة الشعبية، وتأكيد الديمقراطية المباشرة من قبل جماهير المؤتمرات الشعبية الأساسية، التي أثبتت بمناقشاتها الواعية وقراراتها الصائبة والمدروسة قدرتها على تحمل مسؤولياتها.
وبصدور الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير في من شهر الصيف (يونيو) عام 1988 وتطبيقها تعززت الحرية، وتأكدت وتجسدت مفاهيم وأطروحات النظام الجماهيري.
وجاء قرار الجماهيرية العظمي بالتخلص من المعدات والبرامج التي قد تساعد على إنتاج الأسلحة المحظورة دولياً وبمحض إرادتها، ودعوة الدول الأخرى للإقتداء بها، جاء ليؤكد أن الشعب الليبي في ظل ثورة الفاتح العظيم هو رائد لشعوب الأرض في إرساء ونشر القيم والمبادئ الصحيحة، وقد لقيت مواقف ثورة الفاتح العظيم وقائدها كل التقدير والاحترام في هذا الميدان، وما ترشيح واختيار الجماهيرية العظمى عام 2003 لرئاسة اللجنة الدولية لحقوق الإنسان، إلا دليل على مدى المكانة المتميزة التي أصبحت تحظى بها بين دول العالم وأممه.
وثورة الفاتح العظيم التي وفرت للإنسان احتياجاته المادية والمعنوية، كان لها ولقائدها أيضا المبادرات والخطوات الوحدوية البناءة والمميزة لتعزيز مكانة العرب والأفارقة وتقويتهم، إذ إنها وبتغير معطيات وظروف العالم وظهور عصر التكتلات والفضاءات الكبرى، بادرت برؤيتها الثاقبة وحسها العميق وقراءتها الصحيحة للمستقبل بالدعوة لإقامة الفضاء الأفريقي العربي ودعت العرب للانضمام للإتحاد الأفريقي، الذي تحقق بمبادرة من القائد معمر القذافي، حتى يكون للعرب والأفارقة كيان ووجود مؤثر بين اتحادات وتكتلات العالم الأخرى.
فثورة الفاتح العظيم إذًا هي ثورة الإنجازات والانتصارات المحلية والأفريقية والدولية. وثورة شعوب العالم المتعطشة للحرية والإنسانية.
المصدر منتديات القوميون الجدد