باحث بمعهد البحوث والدراسات الافريقية جامعة القاهرة ومتخصص فى الشأن الليبي
لم تعرف ليبيا منذ أستقلالها وحتى سقوط نظام الزعيم الليبى الراحل العقيد معمر القذافى مأساة إنسانية وإقتصادية وفقدان للسيادة الوطنية وتمزق للنسيج الإجتماعى إلا بعد تصدر جماعة المقاتلة والاخوان المسلمين المشهد السياسى فى ليبيا فهؤلاء الجماعات والمليشات منذ وصولهم إلى السلطة بمساعدة حلف الناتو وأمريكا لم يقدموا شىء لليبيا ولا للمواطن الليبى الذى سقط ضحية شعارات هذه المليشات والجماعات التى أتضح أنها شعارات واهية كان الغرض منها خداع الشعب الليبى وتضليل الرأى العام
وإذا نظرنا اليوم على المشهد الليبى وما ارتكبته هذه المليشات والجماعات من جرائم وتدمير لمقدرات الشعب الليبى خاصة بعد سيطرتها على العاصمة طرابلس فى عام 2014أصبح وضحاً للمواطن الليبى أن هؤلاء ليس لهم علاقة بالوطنية أو الديموقراطية أو الحرية وأن هدفهم الإساسى هو الوصول إلى السلطة حتى لو كان ذلك على جماجم الليبين وتدمير مقدراتهم فالشعب الليبى لن ينسى ما فعلته هذه الجماعات والمليشات من إحراق مطار طرابلس العالمى وسجود صلاح بادى قائد مليشا محسوبة على مدينة مصراتة لله شكراً فرحا بإحراق مطار طرابلس وطائراته التى تساوى ملايين الدولارات وكأنه فتح القدس وسيطر على مطار بن غوريون فى تل أبيب.
وبعد سيطرتهم على العاصمة طرابلس بضوء أخضر أمريكى غربى ودليل على ذلك أنه توقف القتال بين مليشات الزنتان وهذه الجماعات فجأة من أجل تأمين خروج السفيرة الأمريكية ديبورا جونز من العاصمة ثم عاد القتال والتناحر بينهم بعد خروج السفيرة الأمريكية حتى سيطرتهم على العاصمة وكأن الامور مرتبة وممنهجة حسب سيناريو أمريكى من أجل دمج المقاتلة والاخوان فى المكينة السياسية الليبية وأن يكونوا حكام معتدلين لكن المشروع الامريكى فشل. فبعد سيطرة مليشات المقاتلة والآخوان على العاصمة طرابلس والتى تحولت إلى سجن كبير على أهلها أصبحت العاصمة تعانى من إنيهار الخدمات الصحية والتعلمية ونقص فى السلع الغذائية واختفاء السيولة وانتشار عمليات القتل والخطف على إيدى المليشات التى ترفع شعار ثورة 17فبرايرو التى تحاول هذه المليشات والجماعات تحويلها إلى صنم لابد ان يعبده الليبين.
ومع كل تقدم للجيش الليبى فى المنطقة الشرقية تقوم هذه المليشات والجماعات بمزيد من التنازل من سيادة ليبيا للغرب وأمريكا مثل السماح للقوات الامريكية بالتمركز فى خليج سرت مقابل غطاء سياسى من جانب امريكا لجرائم المليشات المحسوبة على جماعة الاخوان والمقاتلة فى المحافل الدولية كما ابرمت حكومة الغويل المدعومة من مليشات مصراتة بتسليم أمن العاصمة طرابلس إلى شركات مثل شركة كنترول ريسكس وتانجوسبيشيال بروجكتس وبلاك ووتر حيث تصل تكلفة التعامل مع هذه الشركات 8مليون دولار شهرياً الاخطر من ذلك انه بعد سيطرة الجيش على رأس الهلال النفطى اتفقت كل المليشات التى تسيطر على طرابلس على هدف واحد وهو محاربة حفتر وقوات الجيش الليبى فى المنطقة الشرقية من خلال ادخال المقاتلين الفارين من سوريا والعراق وبوكو حرام عبر خط الساحل والصحراء
وتسيطر جماعة المقاتلة على قاعدة معتيقة الجوية العسكرية وشركة الاجنحة الخاصة للطيران وعلى الجانب الاخر تسيطر مليشات مصراته على ميناء ومطار المدينة والكلية الحوية وهم مراكز امداد وتموين كل الجماعات والمليشات وتجار السلاح فى ليبيا والغريب أن كل ذلك يتم تحت نظر وأعين الغرب وأمريكا هذه الدول التى جاءت من اجل حماية المدنين؟ على جانب آخر تخوض حكومة الوفاق بقيادة السراج والتى تدعمهما مليشا الاخوان والمقاتلة صفقة مع الغرب وأمريكا للسيطرة على البنك المركزى الليبى ومؤسسة الاستثمار الليبية والمؤسسة الوطنية للنفط وهى مصادر حياة الليبين الذين أصبحوا الآن يترحمون على يوم من أيام العقيد معمر القذافى بعدما سقطت ليبيا فى إيدى قوى ليس لهاهدف سوى تنفيذ أجندات خارجية ولعل هروب قيادات كبيرة من قيادة مليشات وعائلاتهم عبر مطار مصراته بعد سيطرة الجيش على الهلال النفطى لهو خير دليل على فشل مشروع 17فبراير الذى تم تحويله من انتفاضه شعبية فى المنطقة الشرقية إلى مشروع إمبريالى مخرب للمنطقة
وحتى الأن مازالت هذه الجماعات ترفض وتستكبر على الاعتراف بفشلها فى تحقيق الاستقرار والامن للشعب الليبى طيلة خمس سنوات إلا أنها مازالت تمشى فى طريقها المخرب لليبيا والمدمر لمقدرات الشعب الليبى الذى خسر 800مليار دولار بسبب تناحر وفساد هذه المليشات والجماعات كما لايريد الغرب وامريكا الاعتراف بفشل أدواتهم فى ليبيا من جماعة الاخوان والمقاتلة كما فشلت فى مصر وكأن الغرب وامريكا تريد أن تجعل من ليبيا دولة تابعةعديمة السيادة وسوق لمنتجاته وليذهب بعد ذلك الشعب الليبى إلى الجحيم.
بقلم محمد الأمين