لحظات تأمل فى العقل العربى
لا يختلف اثنان بالعالم اليوم على ان العقل العربى هو الذى قاد العالم
الى النور وبدد غياهب ظلامه الفكرى فى فترات من عمر الزمان وعلى كافة
الاصعدة منها العلمية والبحث العلمى ومنها الثقافية
والرياضيات وشتى انواع العلوم ؛ ولكن فجأة توقف ذلك العقل عن الابداع والنبوغ
وبات متلقى لنتاج عقول الامم الاخرى ؛ ونحن هنا نطرح المشكل والذى يعد المتهم الاول
فيما ألت اليه اوضاع الامة العربية من تدهور فى كافة مناحى الحياة وحتى الاخلاقية .
ولم يكن ليحدث لنا ذلك العقم الفكرى الا لاننا تخلينا عن اعمال العقل والاكتفاء باتباع
فكر غيرنا وعدم التجديد فى موروثنا الفكرى وعدم الاستفادة من اخطاء السابقين ؛
فهل يتصور عقل لديه شىء من المنطقية انه مازالت هناك عقول تعتنق فكر احزاب
قامت فى الستينات من القرن الماضى ؟ وتتخذ منها اليات لعملها اليوم ونحن نسير فى
القرن الحادى والعشرين ؟ ربما كانت افكار تلك الاحزاب مناسبة تماما لعصرها وازمات
عصرها وحتى لعقول وفكر عصرها ؛ اما اليوم فالعصر واليات التواصل معه تغيرت
ابتداء من الفكر وانتهائا بأزمات العصر ؛ بل وتراهم يتخذون من افكارهم العقيمة
مرجعية يريدوا الانطلاق منها نحو الامام ولا يدرون انها تشدهم شدا للخلف وانهم امام
العالم اليوم كالانتيكات الاثرية ؛ ومنهم من راح يتعبد فى محراب زعيم بعينه ويتغنى
ببطولاته وامجاده ويردد فى كل حين شعاراته وكلماته غير مدرك انه بذلك خالف ما اراده
زعيمه الروحى لانه توقف حيث ما انتهى اليه الزعيم ولم يكمل مسيرته من بعده ولم يطور
من فكره ليتواصل مع العصور وتتقبله الاجيال الجديدة ؛ فهناك الملايين فى الوطن العربى
عشقت الزعيم القومى جمال عبد الناصر ولكن ليس كل تلك الملايين اكملت ما توقف عنده
الزعيم بل راحوا يتعبدوا فى محرابه مرددين نفس الكلمات ؛ وغيره الكثيرون من زعمائنا
القوميين كالشهيد صدام حسين وياسر عرفات وبن بلة وهوارى واخرهم الشهيد معمر القذافى
القومية ليست كلمات نتشدق بها وشعارات نرددها ولا ثرثرة فيما بيننا ثم يخلد كلا منا لنومه
القومية ليست ضرب العربى لاخيه العربى واستغلال وقت ضعفه لتصفية حسابات اقليمية معه
القومية ليست التناصر مع العدو من اجل تدمير الشقيق العربى مهما كانت الخلافات الداخلية
القومية ليست خداع البسطاء من ابناء الامة بالكلمات المعسوله بدلا من ارشادهم وتوعيتهم
التوعية القومية الصحيحة .
القومية ليست اشاعة الفتن بين طوائف الشعب العربى الواحد وتأليب المسلم على المسيحى
ولا السنى على الشيعى ولا الكردى من اجل اهداف شخصية حزبية كانت او قبلية ؛
فمنذ ان شوهنا مفهوم قوميتنا العربية توقفت العقول العربية عن العمل وباتت عقيمة ؛
لا حزبية ؛ لا طائفية ؛ لا تفرقة دينية ؛ تلك هى اسس اى عمل يخدم القومية العربية ؛
ولن يتم الزود عنها وتقويتها الا بالعمل بل والمزيد من العمل واكمال ما توقف عنده
نضال زعمائنا لا التجمد من حيث انتهوا ؛ ولا بتحويلهم الى ألهة فى معبد القومية ؛
وعلينا بنبذ تلك النظرة والنبرة التشائمية والاستسلام للامر الواقع كأستسلام الشاة للذبح
فتلك ليست اول ازمات امتنا ولن تكون اخرها ؛ وتلك ليست اشدها وارجعوا الى تاريخكم
العربى واعيدوا قرائته فقد كانت بالامس جميع اراضينا العربية بلا استثناء ترزح تحت
حكم المستعمر وكان يزيق اجدادنا صنوف القهر والازلال ولكن بعملهم وتضحياتهم
وارادتهم وتمسكهم بقوميتهم وعروبتهم حرروا ارضهم بأيديهم وليس بقوى خارجية
ارجوكم اعيدوا قرائة تاريخكم لتعرفوا من انتم وعلى اى ارضا تقفون ؛ انتم خير أمة
على الارض لماذا هذا الاستسلام المشين المزرى والذى ابدا ما كان يوما لكم ولا لاجدادكم
علينا بأعادة تقييم انفسنا لاننا اكبر مما يحدث معنا ؛ ولنطهر صفوفنا من اصحاب الفكر
الانهزامى ومعتنقى الافكار المشوهة العقيمة الدخيلة علينا وعلى مجتمعاتنا العربية
علينا بالكف عن المتاجرة بقوميتنا والزج بها فى معارك مخزية ليست لها وتشويهها ؛
المصدر: منتديات القوميون الجدد