بالأسماء(المركز الأكاديمي الإسرائيلي وفريق من علماء الاجتماع والطب النفسي وصحفيي النظام مثلوا أدوات متقدمة للاختراق والتطبيع)
د. رفعـت سيد أحمد يكتب: كيف اخترق المركز الأكاديمي الإسرائيلي العقل المصري؟
"أنيس منصور,ومصطفى خليل ,وعبد العظيم رمضان "
تحدثنا في الحلقة السابقة عن المقولات والسياسات التي كانت شائعة في السنوات الأولى من التطبيع مع العدو الصهيوني،ومثلت مقدمات فكرية وسياسية للاختراق الثقافي،اليوم نكمل:
بداية إذا سلمنا بأن مصر تمثل نقطة ارتكاز رئيسية للعقل العربي، و ما أسماه المفكر الراحل
د. جمال حمدان بـ (الجهاز العصبي للأمة العربية)،فإن ما تتعرض له سوف يؤثر أوتوماتيكياً على الإطار المحيط بها،ومن ثم فإن ضرورة المتابعة لسيناريوهات الاختراق الصهيوني للعقل المصري،خاصة في تلك الفترة المبكرة للتطبيع الثقافي,والسياسي من الثمانينيات،باتت من الأهمية بمكان،لأنها تعد بحق نموذجاً حياً لما تنويه الإرادة الإسرائيلية بالعقل العربي، ولقد تعمدنا هنا أن نسجل تفاصيل الأبحاث والمؤتمرات والأفراد المشاركين لنقدم من خلالها حقيقة الخطر الذي كان كامناً في السنوات الأولى للثمانينيات في إستراتيجية الاختراق الصهيوني لنا،وأهمية العمل العربي المشترك لتلافى ولمواجهة هذا الخطر,وهو ما لم يحدث للأسف وقتها.
المركز الأكاديمي الإسرائيلي1:
أنشأ هذا المركز عام 1982ف،تطبيقاً لبنود اتفاقات كامب ديفيد،ولقد مارس المركز عملية مسح منظمة للمجتمع المصري اجتماعياً وسياسياً وثقافياً،ولعب في الثمانينيات من القرن الماضي وحتى اليوم(2010)،من خلال مديريه التسعة السابقين،دوراً هاماً في اختراق مصر،ولم يكن غريباً أن يتم اكتشاف عدة شبكات للتجسس من الأمريكيين والإسرائيليين وبعض المصريين يعملون داخل المركز،وينطلقون في تجسسهم من خلاله,وذلك من أول شبكة كشفت في أوائل أغسطس 1985ف,وحتى الشبكة الأخيرة عام ف2008، ونظرة سريعة على الأبحاث السياسية والثقافية والاجتماعية التي قام بها المركز خلال حقبة الثمانينيات,وسنوات التطبيع الأولى يبرز لنا وضوح عمق الخطر الذي يمثله كأداة متقدمة للمخابرات الإسرائيلية «الموساد»،وكيف أن ما يقوم به هذا المركز من اختراق منظم للعقل المصري ما هو إلا مثال مصغر لما ينتظر العقل العربي,في حالة غياب وحدة العمل العربي المشترك تجاه التغلغل الإسرائيلي، فالمركز مثلاً أجرى أبحاثاً في الأصول العرقية للمجتمع المصري،وفى كيفية تفتيت مصر طائفياً،وفى الوحدة الثقافية والعقائدية بين اليهودية والإسلام،وفى الشعر العربي الحديث،وقضايا التعليم والزراعة والميكنة الزراعية,واستصلاح الأراضي،وفي توزيع الدخل،وحياة البدو والبربر,وكيفية السيطرة عليها، وفى تأثير السلام على العقل العربي،وغيرها من الأبحاث الهامة.
وقديماً في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي عمل العديد من الباحثين الأمريكيين واليهود في خدمة مشروع التطبيع الثقافي مع العدو الصهيوني.
وكنموذج لليهود الأمريكيين والمزدوجي الجنسية (أمريكي,إسرائيلي) الذين عملوا مع هذا المركز ومع المؤسسات الأمريكية الداعمة للتطبيع في سنواته الأولى,يأتي ليونارد بايندر،الذي عمل مستشاراً سياسياً لجولدا مائير أثناء حرب 1973ف,وشارك في حرب 1948ف,مقاتلاً ضد العرب عندما كان شاباً،وهو حاصل على الجنسية الإسرائيلية,بالإضافة إلى جنسيته الأمريكية,وهذا اليهودي الإسرائيلي يعمل أستاذاً زائراً بالجامعة الأمريكية في مصر,وأستاذا للعلوم السياسية بجامعة شيكاغو،وهو صاحب كتاب «الحرب العقائدية في الشرق الأوسط»،وهو صديق لنفر مهم من أساتذة العلوم السياسية في مصر،وله علاقات وطيدة بأساتذة الاجتماع في جامعة عين شمس والقاهرة،وببعض المثقفين اليساريين،ولقد مولت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية جميع أبحاثه التي ذهبت جميعها إلى دراسة التيارات الدينية في مصر والمنطقة العربية وإيران،وله دراسات في «ظاهرة الجماعات الإسلامية»والتطرف الديني في مصر،والتغيرات السياسية والاجتماعية,وفى الجامعة الأمريكية بالقاهرة قام بعقد عدة صفقات بحثية مماثلة مع بعض الأساتذة المصريين العاملين بالجامعة حول الظواهر نفسها،وكانت الهيئات البحثية الأمريكية، والمركز الأكاديمي الإسرائيلي هي الممولة لهذه الأبحاث!
التطبيع من خلال مؤتمرات الطب النفسي:
وفى السنوات الأولى للتطبيع أيضاً،وتحديداً خلال الفترة من مارس 1980ف,وحتى 9/9/1981ف,قام البروفيسور الإسرائيلي الشهير ستيفن كوهين بعقد عدة صفقات بحثية هامة مع بعض أساتذة علم النفس المصريين،وكان أشهر هذه الأبحاث هو بحث (رؤى الصراع) الذي اهتم بالجوانب الاجتماعية والنفسية للصراع،ومولته هيئة المعونة الأمريكية وجامعة نيويورك والمركز الأكاديمي الإسرائيلي،ومثل الجانب المصري فيه كل من د.قدري حفني،و د.محمد شعلان،وعدد آخر من السياسيين الكبار،وفى مقدمتهم د.مصطفى خليل،وغيرهم ممن لم يخجلوا من بناء علاقات مع إسرائيل قبل أن يعود للعرب والفلسطينيين المحتلة أرضهم وحقوقهم.
وفي بداية سنوات التطبيع أيضاً عقد أول مؤتمر لعلماء الطب النفسي للصهاينة والمصريين في فندق «ووترجيت»بواشنطن،في الفترة من 20 إلى 25 يناير 1980ف,وكان تحت عنوان «المعوقات النفسية في المفاوضات الدولية تطبيقاً على الصراع المصري الإسرائيلي» وقد مثل الجانب المصري في هذا المؤتمر"د.محمود محفوظ وزير الصحة المصري الأسبق،ود.عصام جلال مستشار وزارة الصحة الأسبق,ورئيس الجمعية المصرية للغدد الصماء،ود.محمد شعلان رئيس قسم الطب النفسي بجامعة القاهرة،ود.عادل صادق أستاذ الطب النفسي المساعد بجامعة عين شمس،والراحل د.عبدالعظيم رمضان أستاذ التاريخ الحديث بجامعة المنوفية,والكاتب الدائم بمجلة أكتوبر قبل رحيله،وتحسين بشير الذي عمل هو أيضاً قبل رحيله بجامعة الدول العربية"،وبالطبع لم ينشر شئ عن هذا المؤتمر في حينه,بل ضُرب حوله ستار متعمد من السرية،وبعد عامين ونصف العام.
وبعد عدة أشهر عقدت الجولة الثانية من جولات مؤتمرات الحوار النفسي،وتم ذلك في لوزان بسويسرا،وكان موضوع المؤتمر «الاعتداء على الإنسان والقسوة عليه,والصلح كيف يكون في النهاية»،ولقد مثل الجانب المصري ثلاثة هم: تحسين بشير،ود.محمد شعلان الذي مثل القاسم المشترك في كل البحوث والمؤتمرات النفسية مع إسرائيل في بداياتها كما تنبئنا وثائق تلك المرحلة،ود.عادل صادق،واعتذر عن عدم الحضور د.إبراهيم البحراوي،ود.محمود محفوظ،ومن الجانب الأمريكي حضر سبعة من علماء الطب النفسي،ومن إسرائيل ستة من العلماء النفسيين المشتغلين بالموساد.
وبعد شهور وفى الإسكندرية عُقد مؤتمر ثالث،وهو يعد من أخطر المؤتمرات حيث ضم الجانب الإسرائيلي خمسة أعضاء يتقدمهم شلو موجازيت الرئيس السابق للموساد «جهاز المخابرات الإسرائيلي» ورئيس جامعة بن جوريون أيام عقد ذلك المؤتمر،ود. رفائيل موزيس،ود.جبريل كوهين أستاذ التاريخ بجامعة تل أبيب،أما الجانب المصري فقد ضم د.محمد شعلان،ود.عبدالعظيم رمضان، ود.لطفي فطيم،ود.صلاح العقاد،ود.عادل صادق، وكانت القضايا المطروحة للنقاش تدور حول «دلالات الانسحاب الإسرائيلي من سيناء» وما صاحبه من مشكلات وأمزجة إسرائيلية في مستعمرتي يا ميت وافيرا،وما ارتبط به من مواقف رسمية للحكومة الإسرائيلية في مشاكل الحدود في طابا، وأخيراً مستقبل قضية فلسطين.
مؤتمرات التطبيع الصحفي والبحثي:
ومن النشاط المشترك الأمريكي/الإسرائيلي في سنوات التطبيع الأولى ما قام به الصحفي الإسرائيلي إريه ليفي من زيارات شخصية للدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية في تلك الفترة (الثمانينيات) والذي سيذيع صيته بعد ذلك،ويتمادى عبر مركزه (ابن خلدون) في التطبيع مع المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة وجامعة حيفا،ثم يترك مصر بعد أن حكم عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة تلقى التمويل الأجنبي،وسعد الدين إبراهيم في سنوات التطبيع الأولى عقد مع الإسرائيليين ومنهم الصحفي سالف الذكر، إريه ليفي، عدة صفقات بحثية حول الصراع العربي الإسرائيلي,وما يرتبط به من قضايا وإشكالات،وترتب على هذه الصفقات زيارات عديدة لسعد الدين إلى منزل هذا الصحفي الإسرائيلي بإحدى العواصم الأوروبية، وبزيارات هذا الصحفي الشخصية لهذا الأستاذ بشكل شبه دوري بالقاهرة!ولأمريكا في شارع قصر الدوبارة.
مركز البحوث الاجتماعية لعب في بدايات التطبيع بين مصر وإسرائيل دوراً خطيراً مشاركاً بهذا الجامعة الأمريكية التي لا يقف تعاونها الغريب مع الإسرائيليين أو اليهود الأمريكان عند حد منذ إنشائها عام 1919ف وحتى اليوم (2010ف).
مؤتمرات أخرى:
وينبئنا التاريخ أن علاقات إسرائيل البحثية ومحاولات اختراقها للعقل المصري لم تقف عند هذا النطاق إذ إنها حضرت المؤتمرات العلمية المختلفة التي أقامتها في سنوات التطبيع الأولى بعض جامعاتنا الوطنية,مثل مؤتمر العلوم والطاقة النووية الشهير الذي عقد في الإسكندرية عام 1984ف،وأيضاً مؤتمر القانون الدولي الذي عقد بجامعة القاهرة,كانت إسرائيل ممثلة بوفود على درجة عالية من الثقافة والتي يقول عنها بن جوريون في كتابه «إسرائيل تاريخ شخصي»، إنه يندر أن تجد أكاديميا أو سياسيا إسرائيليا لم يتثقف على أيدي الموساد،ومن خلال منظمات الإرهاب الصهيوني في الأربعينيات.
والنشاط الإسرائيلي لم يعرف زماناً أو مكاناً يتوقف عنده،فهو منذ زيارة السادات للقدس عام 1977ف،وهو يتغلغل في مصر وبكل الأساليب وعبر جميع القنوات،وفي أوائل عام 1985ف قاطعت نقابة الصيادلة بالإسكندرية,وبعض أساتذة الصيدلة،جلسات المؤتمر الدولي لاتحادات طلاب كلية الصيدلة،احتجاجاً على مشاركة وفد طلابي إسرائيلي في أعمال المؤتمر الذي كان يعقد في مصر يومها لأول مرة،وكانت تنظمه كلية صيدلة الإسكندرية،وكان منظمو المؤتمر قد تفاجئوا بوصول الوفد الإسرائيلي على نفس الطائرة التي تقل الوفد الطلابي الأمريكي،وتبين أن الطائرة الأمريكية هبطت في مطار تل أبيب لاصطحاب الطلاب الإسرائيليين،ومن قبل هذا المؤتمر شارك الطلاب الإسرائيليون في مؤتمر لطب الأسنان بجامعة الإسكندرية أيضاً،والمعروف أن الرئيس الأسبق للجامعة الدكتور:الحضري كان من أكبر المؤيدين للرئيس السابق السادات في مجال التطبيع البحثي والعلمي مع إسرائيل،مما دفع بعض الأساتذة إلى الاحتجاج على ذلك إبان حكم الرئيس السابق،وكان فى مقدمتهم الدكتور:عصمت زين الدين الذي وصل به الأمر إلى حد الإضراب عن الطعام!
ومع الإسرائيليين أيضاً كانت اتصالات عدد من الصحفيين المصريين بالإسرائيليين وسفر بعضهم إلى الكيان الصهيوني تحت حجج واهية،ولكنها حجج لا تحجب الطبيعة التطبيعية لتلك الزيارات ومن هؤلاء:أنيس منصور،ومكرم محمد أحمد،وحسين سراج,والصحفي المعروف «عبده مباشر» وقيامه هو ورئيس سابق لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام بإجبار باحثي هذا المركز على مقابلة الباحثين والسياسيين الإسرائيليين،وإجراء حوار معهم،وهى السنّة التي سيظل متبعاً إياها د. عبدالمنعم سعيد الرئيس السابق لهذا المركز طيلة التسعينيات وحتى اليوم (2010ف)، بالإضافة لاستضافة التليفزيون الإسرائيلي لعبده مباشر,وأنيس منصور,وغيرهما ليتحدثوا عن «الشخصية المصرية»بعد التطبيع،وكان ذلك قبل رحيل السادات بشهور قليلة,واستمر في عهد خلفه الرئيس مبارك طيلة سنوات التطبيع الأولى مع العدو الصهيوني،ثم ليتوسع بعد ذلك ويضم عدداً آخر من المشتاقين للمناصب والمغانم عبر قناة التطبيع.
كيف كانت سبل المواجهة للاختراق:
نعتقد أن حجم الاختراق الإسرائيلي للعقل العربي الذي تم في سنوات التطبيع الأولى ظل محصوراً في نطاق النموذجين المصري والأردني من ناحية،وفي نطاق التعاون غير المباشر عربياً مع بعض المؤسسات البحثية الأمريكية من ناحية أخرى،لقد كانت المواجهة بالإجمال ضعيفة وغير منسقة الأدوار رغم النجاحات المحدودة لبعضها كما هو الحال في مصر،وباستعراض نموذج واحد (مبكر جداً)من نماذج المواجهة المصرية المنفردة للاختراق الصهيوني للعقل المصري،يمكننا أن نخلص إلى عدد من الدلالات الهامة قد تفيد في مجال التدعيم العربي لمصر في هذا الجانب، والنموذج الذي نقدمه هنا شارك فيه كاتب هذه السطور شخصياً،وعاصر تجربته وهو نموذج (معرض القاهرة الدولي السابع عشر للكتاب)في 22 يناير 1985ف،التحم الشعب المصري بمثقفيه ودور النشر الوطنية والأحزاب السياسية وهيئات التدريس بجامعة مصر والنقابات الوطنية، في مواجهة الوجود الإسرائيلي بالمعرض واستطاع أن يحول أرض المعرض لمواجهة حقيقية ترفض التطبيع والاختراق العقلي والعنصرية الثقافية والسياسية«2»،ولنتأمل فقط الجهات التي واجهت بالكلمة أو بالمظاهرة أو بالسجن الاختراق الصهيوني
أحزاب:العمل التجمع،الوفد،الإخوان المسلمون،الناصريون،رؤساء ونقباء وأعضاء نقابات:الصحفيين، المحامين،اتحاد النقابات الفنية،نقابة التشكيلين،اتحاد عمال التجارة العرب،اتحاد الفلاحين المصريين،جمعية أنصار حقوق الإنسان بالإسكندرية،المنظمة العربية لحقوق الإنسان،اللجنة العربية لتخليد القائد جمال عبدالناصر،المنظمة العربية لمكافحة الاستعمار والدفاع عن السلام، واللجنة القومية لمناصرة شعب فلسطين ولبنان،واللجنة المصرية للدفاع عن الحريات،ولجنة الدفاع عن الثقافة القومية،وبعض أعضاء مجلس الشعب،ومجالس النقابات المهنية والعمالية، ومجالس إدارات نوادي هيئات التدريس،واتحادات الطلاب وعدد من الصحفيين والكتاب والأدباء والفنانين والناشرين).
وبنظرة سريعة على تركيبة القوى المصرية المشاركة في رفض هذا الوجود والاختراق الصهيوني، يؤدى بنا إلى نتيجة هامة وهى أن الشعب المصري ككل كان رافضاً في تلك الفترة لهذا الاختراق،وأنه بمفرده فقط كان في المواجهة، وينبغي أن نتذكر هنا أيضاً أن النقابات المهنية وفى مقدمتها نقابة الصحفيين قد أصدرت في تلك الفترة قرارات حاسمة لا تزال سارية حتى اليوم برفض وتحريم جميع أشكال التطبيع المهني والثقافي مع إسرائيل،ولم تؤازرها وقتها النقابات العربية بالقدر الكافي،وهنا يبرز الاتجاه الثاني المتصل بالدور العربي وأهمية وجوده بعد الغياب الطويل وأحياناً المقصود،وكان متوقعاً أن يكون هذا الوجود من خلال الدعم الأدبي والسياسي والتنسيق المشترك مع القوى المصرية السابقة،ومن خلال المؤتمرات واللقاءات المشتركة على مستوى الأقطار أولاً ثم على مستوى الجامعة العربية ومؤسساتها الثقافية ثانياً،وهو ما لم يحدث بل إن دوراً مفترضاً كان ينبغي أن تلعبه منظمة «الألكسو»المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم،في مثل هذا المجال(مجال مواجهة التطبيع الثقافي تحديداً)سواء من خلال المجلات والدوريات التي تصدر عنها،أو من خلال المؤتمرات والاتفاقات الثقافية التي تعقدها مع الجهات الوطنية المصرية الرافضة للتطبيع الثقافي،وهى الجهات السابقة وغيرها،وأيضاً من خلال حذرها الشديد في مجال الاتفاقات الدولية التي تعقدها مع المؤسسات الثقافية الغربية،والتي قد يتواجد بها الصهاينة،ولكن للأسف لم يتم هذا الدور،بل حدث العكس.
إن تلك الفترة الهامة من تاريخ مصر تحتاج إلى أكبر إضاءة ممكنة عن أسرارها وتفاعلاتها، ووثائقها، ونحسب أنه رغم التطبيع الرسمي المصري المستمر والمتزايد حتى اليوم (2010ف) مع إسرائيل،لم يكن له أن يظل مداناً أخلاقياً وأدبياً،ومحصوراً في زمرة من المنبوذين من النخبة (الإعلامية والسياسية والاقتصادية)إلا بفضل تلك المقاومة الشعبية العفوية والمنظمة التي وضعت أسسها,ولبناتها الأولى في الثمانينيات من القرن الماضي،والتي توالى البناء عليها في التسعينيات ثم السنوات العشر الأولى من هذا القرن،وهو ما تتولاه دراسات أخرى لنا,ورغم صخب المطبعين على اختلاف مشاربهم ومساندة أنظمة الحكم لهم (وتحديداً النظام المصري)،لكن التطبيع لا يزال حتى لحظة كتابة هذه الدراسة يمثل فعلاً فاضحاً يتحاشى الجميع وفى مقدمتهم هؤلاء المطبعين أن يوسموا به،وفى ذلك شهادة حية على جدوى مقاومة التطبيع (الثقافي والسياسي والاقتصادي) حتى لو بالكلمة،وعلى أهمية وجدوى العمل الدءوب على فضح أستاره،ورجاله،ومؤسساته، وجدوى استثمار دور الفتوى الدينية(الإسلامية والمسيحية)في تحريمه،فقضيتنا مع هذا العدو طويلة ومركبة،صراعنا معه صراع بقاء ووجود،ولأنه كذلك فكل فعل مقاوم (بالفكر أو بالسلاح) يصب لصالح إنهاء هذا الكيان الدخيل على أرضنا وثقافتنا،وتاريخنا.
والله أعلم
لمعلوماتك:
28 سنة مرت على تأسيس المركز الأكاديمي الإسرائيلي.
1979ف وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام بين البلدين.
9 هم عدد السفراء الإسرائيليين في مصر منذ عام 1980ف,وجميعهم ساهموا بدور كبير في اختراق المجتمع المصري,ورغم إخفاقهم فإن محاولاتهم مازالت مستمرة.
وتقبلوا تحياتي